سأحكي لكم قصة أريد أن أحكيها عليكم بواسطة قصة، إلا أنني لم أجد الموضوع الذي يناسب قصتي، كلما حاولتُ البحث عن هذا الموضوع يفر مني، إنني مع ذلك أستمر فى البحث وأمعن في التنقيب عن هذه القصة، التي لم تتراءَ لي بعد معالمُها ولا فحواها.
قد أعود إلى قصة التفاحة التي أغوت بها أمنا حواء أبانا آدم، إلا أن هذه القصة قد استهلكت كثيراً، وتعرضت لها جميع الكتب السماوية. وكما قال في حِكَمِه وأمثاله خوسیه برجامين، إن تلك التفاحة نفسها هي التي جعلت كلا من آدم ونيوتن يفكران بطريقة مغايرة، لأنها عندما سقطت في الطبيعة، أصبح الفكر جاذبياً! فقصة التفاحة إذن قد أصبحت معروفة ومكررة. والشيء نفسه يمكن قوله عن قصص الرعب، والفزع، والخيال التي تعرض لها الإنجيل، الموضوع أو الفحوى الذي أبحث عنهما لم أجدهما بعد.
تفتقت شفتاه عن ابتسامةٍ عريضة، إذ في لحظةٍ معينة ظن أنه قد عثر على موضوعٍ ما إلا أنه اكتشف سريعاً أن هذا الموضوع، أو هذه القصة قد ذكرتها وتعرضت لها قصص «ألف ليلة وليلة»، التي هي كما هو معروف مخزن لأكبر عدد من القصص الإنسانية، ففي «ألف ليلة وليلة»، ظلت القصة أو الحكاية تقطن لمدة أعوام، بل لقرون طويلة حتى أصبح هذا الكتاب، أو يكاد أن يكون كذلك النبع الثري المتعدد الروافد للعديد من القصص والحكايات، التي تُروىَ في مختلف ربوع العالم، فلم تترك القصص الواردة فيه أي موضوعٍ إلا وتطرقت إليه، ولقد جعل هذا الكتاب السفر غيرَ قليلٍ من الكتاب الذین جاءوا بعده مجرد مُقلدين أو ناقلين غير مُبدعين.
ذات يومٍ، بل ذات ليلةٍ، بدون أن يراه أحد فتح صندوقاً يعج بالقصص، في داخل الصندوق وجد خاتماً علیه طابع من ذهب، علیه علامات طلسمية محفورة، فوقه خط دقيق يشبه الآثارالتي يتركها النمل على الرمل «ليلة 530»، عندئذٍ اقتنع أنه يستحيل عليه أن يحکي قصصاً شبيهة بقصص شهرزاد مبدعة القصص الأكثر خصوبة وعذوبة في العالم. بعد أن کاد أن يفقد الأمل ويعتريه اليأس، فكر في موضوع «الخضر والبقول»، فربما كان موضوعاً جذاباً، وما أن كاد أن ينتهى من كتابة قصة حول « الشمندر» حتى قرأ في ليلة 236 الفقرة التالية: «يقول الحكماء إن متعة اللحم تكمنُ في ثلاث: أكلُ اللحم، وركوبُ اللحم، وإدخالُ اللحم في اللحم»، فنسي النباتات والخضر وتحول من جديد إلى أكل اللحوم. الخلاصة أن القصة لم تجد القصة لحكايتها، إذ الشيء نفسه حدث له مع موضوع الأحلام، والحب، وقصص الجنيات والعفاریت.. وفي ما يتعلق بمزايا وخصائص متع الحياة الخاصة، فإنه لم يعرها أي أهمية باعتبارها مواضيع تصلح للروايات وليس للقصص، وأخيراً بعد أن كاد أن يفقد عقله، فكر في إمكانية حكاية قصة بلا قصة، أو قصة في داخلها كل القصص، وأحبت قصته، قصة لها صلة بعالم الفزع، والأشباح، والأرواح الشريرة وبعد منتصف الليل عندما تتحول الأحلام إلى وقائع حقيقية، ويخيل للقصاصين أنهم يبحثون عن مواضيع قصصهم، يُصابون بالفزع قبل قرائهم، إلا أنه لم يتحمس لهذه الفكرة، ولم تشع فيه الانشراح، واستمر في البحث عن موضوع آخر جِدي وجديد يغازل هذه الفكرة ويداعب تلك، يفتح هنا ويغلق هناك، ولكن بدون جدوى. وذاتَ يومٍ عثر على ضالته، عثر على رائعة الروائع، ذات يومٍ أو ذات ليلةٍ استحضر جميع عباقرة خياله، وفرسان أفكاره، أمكنه تحقيق ما عجز عن تحقيقه منذ عدة سنوات، وهو يحكی قصة لم يسبقه إليها أحد من قبل، إلا أن موضوع ومحتوى هذه القصة الوحيدة والفريدة في تاريخ القصص لم تكن تتألف سوى من كلماتٍ سحريةٍ ثلاث، ثلاث كلمات فقط: «كان ذات مرةٍ» بعد أن انتهي من كتابة القصة، وقرأها بمحضر عدد غفيرمن الجمهور في مختلف أنحاء المعمورة. مات قريرَ العين،وقد علت مُحياه ابتسامة عريضة.
٭ ألفريدُو كاردُونا بينيا من مواليد كوستا ريكا 1917 والمتوفى في المكسيك عام 1995. من أعماله القصصية «القناع المتكلم»، و»العالم الذي أنت»، و»سر الملكة أمارانتا».
٭ ٭ كاتب ومترجم من المغرب عضو الأكاديمية الإسبانية الأمريكية للآداب والعلوم – بوغوتا – كولومبيا.
أيّها المبدع في الغربة : صهيل ؛ القريب رغم محاق القمر في الليل الطويل…دام العطاء فهو للقراء منير ودليل.القدرة على الترجمة صنو القدرة على زمام القيادة.لأنّ الترجمة الأصيلة ؛ نقل للروح من جسد إلى نبع جديد في الجنّة ؛ يعادل الذّهب والفضّة والرّنة.وعلى هامش القصّة أودّ بيان أنّ شجرة آدم ليست هي التفاحة ؛ ولا غيرها من فاكهة البساتين والغابة بل : { تكمن في ثلاث : أكل اللحم وركوب اللحم وادخال اللحم في اللحم }.أما اسم زوجة آدم فالمشهور هي حواء.وهذا من آثارالنمل على الرمل.أنما بعد بحث طويل اكتشفنا أن هذا الاسم ( حواء ) هوالاسم التلموديّ فشاع وذاع.إنما اسمها في القرآن { الجنّة }.ألم تقـرأ :{ وقلنا يا آدم : اسكن أنت وزوجك الجنّة ؛ وكُلا منها رغدًا حيث شئتما ؛ ولا تقربا هذه الشجــرة فتكونا من الظالمين }(البقرة35).والتقديرلمحذوف : اسكن أنت وزوجك المسمّــــاة : الجنّة.وهل المرأة إلا جنّة ؛ وما دونها ( سفود على نار) في الدنيا والآخرة.
شكراً جزيلاً الدكتور الأديب جمال البدري أعود إليك والعوْدُ أحمدُ .. أعود لأزجي لك خالص الشكر وعميق الامتنان على متابعاتك الرصينة وتعاليقك القيّمة واهتمامك الكريم بما ننشره بين الفينة والأخرى على هذا المنبر الإعلامي والصحافي والثقافي الكبير جريدة ( القدس العربي) الزاهرة الغرّاء التي تتيح لنا فرص التعامل والتغاعل والتواصل والتحاور والتشاور فيما بيننا على الرّغم من شحط المزار والبعد عن الديار … شكراً على شروحك الضافية وتفسيراتك الموفية عن حوّاء و عن ” الجنّة” وعن أدم و آثار النمل على الرّمل! ..إنك تذكّرني لعمري بالكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس الذي كان يغمره السّرور ويغشاه الحبور عندما يعثر على قصّة جميلة فى كومة أنطولوجيات طويلة مُملّة أو على بيت شعر بليغ بين أكوام دواوين من الحجم الكبير ..! لله درّك أخي الأكرم ولا فضّ الله فاك.