لبنان: بعد تواري قادة المجموعات المسلحة هل سقطت الثورة السنية في الشمال؟

حجم الخط
1

بيروت ـ «القدس العربي»: ينتقل المشهد اللبناني اعتباراً من الأسبوع المقبل الى فصل جديد هو فصل التمديد للمجلس النيابي الذي بات الخيار بينه وبين الفراغ ولم يعد الخيار بينه وبين الإنتخابات النيابية.لكن قبل فتح هذه الصفحة فإن صفحة الإشتباكات التي دارت في طرابلس والمنية بين الجيش اللبناني ومجموعات إسلامية متشددة تبايع «جبهة النصرة» و»داعش» لم تطوَ بعد.
وبقي إختفاء المسلحين من الأسواق الداخلية لطرابلس بقيادة شادي المولوي وأسامة منصور وتواري الشيخ خالد حبلص صاحب الدعوة الى الثورة السنية لغزاً يطرح أكثر من علامة استفهام حول حصول تسوية غامضة سهّلت فرار هؤلاء المسلحين مقابل انتشار الجيش في أحياء المدينة على الرغم من أن قيادة الجيش تنفي حصول أي تسوية مع المجموعات المسلحة، وتعتبر بحسب بيانها أن «كل ما قيل يدخل في إطار الإستغلال السياسي لبعض السياسيين المتضررين من نجاح الجيش السريع والحاسم في استئصال هذه المجموعات التي طالما أسرت مدينة طرابلس وعاثت فيها تخريباً».
وقد أعادت التطورات الأمنية وطريقة خروج المسلحين الى الأذهان تجربة أمير فتح الإسلام في مخيم نهر البارد شاكر العبسي وتجربة خروج الشيخ أحمد الأسير من عبرا وتواري كل منهما عن الأنظار.
ولوضع حد للتساؤلات والتأويلات التي رافقت العمليات العسكرية ، طمأن قائد الجيش العماد جان قهوجي أهالي العسكريين والضباط الذين سقطوا في المعارك «أن دماءهم ودماء رفاقهم العسكريين الشهداء والجرحى كافة لن تذهب هدراً، وأنه لا مساومة ولا مهادنة مع قتلة العسكريين ولا اتفاقات سرية على دم الشهداء، وأن كلّ من اعتدى على عناصر الجيش هو إرهابي، وسيلاحق أينما وجد حتى توقيفه وتسليمه للقضاء مهما طال الزمن».
وأبرز ما كشفت عنه التحقيقات مع عدد من الموقوفين وفي مقدمهم قائد خلية عاصون في الضنية أحمد الميقاتي هو المخطط الذي يفضي تنفيذه الى السيطرة على 4 قرى في الشمال لتشكيل منطقة آمنة للجماعات التكفيرية ولمن يرغب في الإنشقاق عن الجيش الأمر الذي يسمح لاحقاً بفتح جرود منطقة الضنية التي تشكل امتداداً لجرود المنية، على منطقة جرود الهرمل، بحيث تصبح على تماس مباشر مع معسكرات «حزب الله» وقواعده، وبالتزامن، يتولى أمير «جبهة النصرة» أبو مالك التلي مهمة اختراق جبهة عرسال بالوصول الى منطقة رأس بعلبك لملاقاة مجموعات الشمال بقيادة الرباعي (الميقاتي، المولوي، منصور، حبلص)، وبذلك يوضع «حزب الله» بين فكي كماشة، بحيث يصبح ظهره في المنطقة المقابلة لعرسال وجردها عرضة للنيران فيما تسعى المجموعات المسلحة في المنية والصنية الى توسيع رقعة المنطقة الآمنة لتصل الى البحر.
وكان أبو مالك التلي هدّد، في 26 أيلول/سبتمبر الماضي بنقل الحرب الى لبنان قائلاً «الحرب تلوح، ولدينا مجاهدون بالآلاف في كل لبنان ينتظرون الإذن للمعركة».وقد بدأ الشيخ حبلص يلاقي تحرك «جبهة النصرة» من خلال خطاباته المتكررة ومن بينها خطبة نارية قبل نحو شهر في مسجد التقوى في طرابلس، دعا فيها العسكريين السنّة في الجيش الى الإنشقاق عنه واللحاق بركب المجاهدين، لأن الجيش وفق تعبيره «تحوّل جيشاً ايرانياً يريد استهداف أهل السنة في لبنان وكسر شوكتهم»، ودعا ايضاً الى ما سمّاها «الثورة السنية» «رفضاً لممارسات الجيش وكيله بمكيالين، ورفعاً للظلم عن الشباب المسلم الذي يعتقل لأتفه الأسباب ويزج بالسجون، بينما حزب الله يدخل بعتاده العسكري الكامل الى سوريا ويقاتل الى جانب نظامها».
وما لفت في ظل هذه المواجهة هو دخول الرئيس سعد الحريري بقوة الى جانب الجيش اللبناني ومحاولة إحتواء تداعيات وتأثيرات الجماعات المتطرفة على الشارع السني من خلال رفضه أي دعوة الى الثورة السنية.وفي موقف لقي تنويهاً من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وذكّر بموقف والده الرئيس رفيق الحريري في خلال أحداث الضنية في العام 2000، أدان الحريري « كل الدعوات التي توجّه للإنشقاق عن الجيش، وتحريض الشباب السني تحديداً على ترك مواقعهم والإلتحاق بتنظيمات مسلحة في لبنان أو خارجه»، وقال «إنها لن تلقى صدى مؤثراً لدى بيئة وطنية تشكل القاعدة الصلبة لبنيان الجيش من أهل عكار والمنية والضنية والبقاع والإقليم».
وشدد على «أن الدعوة إلى ثورة سنية في لبنان، هي دعوة لا تنتمي إلى تطلعات وأهداف وحقيقة السنة في شيء، بل هي دعوة تتساوى مع المشاريع المشبوهة لإنهاء الصيغة اللبنانية واستبدالها بدويلات ناقصة تتمايز بالصفاء المذهبي والطائفي لتعيش على أنقاض الحياة الوطنية المشتركة».
ولم تخلُ هذه المستجدات من سجال بين كتلة المستقبل وحزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله الذي تحدث عن «أن عمق التفكير التكفيري هو الفكر الوهابي ، وأن المسؤول الأول عن وقف انتشار هذا الفكر هو السعودية».
وقد استنكرت كتلة المستقبل كلام نصرالله وسألت «عن سر توقيت هذا الهجوم وأهدافه وهو مما يؤكد مرة أخرى إمعان حزب الله في العمل على ما يفاقم مشكلات لبنان ويزيد من حدة التأزم والتوتر وانتشار العصبيات بدل أن يسهم في التخفيف من هذه الأزمات وبالدعوة إلى اعتماد لغة الهدوء والتعقل».
واستغرب النائب احمد فتفت «توجيه اتهامات عشوائية للسعودية في وقت مستغرب حيث تقدم المملكة للبنان مساعدات كبيرة على كل الصعد ضد الإرهاب في الداخل السعودي وفي الداخل اللبناني».

سعد الياس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غادة الشاويش:

    ما قاله حبلص حق وعدل لكنه ليس حكمة ان يزج بالبلد في متاهة الحريق لان هناك من يريدون هذا ويعملون عليه في الغرف السوداء ليل نهار واولهم نظام الطاغية لكن هذا لا يعني المبالغة في (الاعتدال الغبي بحيث ينجز البعض مشروع الابتلاع ) ويتمسك الفريق الاخر بصورة تذكارية مع ( الوطن المحتل ايرانيا ومع ازدواجية المعايير التي تحكمه ) واخيرا وليس اخرا السعودية وطهران اثمتان وغارقتان فيالوحل حتى اذنيهما وهما اس البلاء والفتنة

إشترك في قائمتنا البريدية