التطورات الأخيرة التي شهدتها ليبيا والانهيار المتسارع لقوات خليفة حفتر، تشكل ضربة جديدة يتلقاها معسكر الثورة المضادة في العالم العربي، وهو ما يعني أننا أمام مشهد له بُعده العربي الشامل والمهم، ولا يمكن قراءته بمنآى عما يجري في المنطقة.
قبل أيام قليلة من تسجيل قوات حكومة الوفاق الشرعية في ليبيا تقدماً يكاد يحسم المعركة بشكل كامل ونهائي، كان معسكر «الثورة المضادة» في تونس يفشل هو الآخر في تسديد ضربة، أراد لها أن تكون قاصمة وقاضية لحركة النهضة وزعيمها الشيخ راشد الغنوشي، الذي يترأس البرلمان، وانتهى الأمر بتجديد الثقة بالثورة التونسية المجيدة وكل مخرجاتها.
ثمة مشهد واحد في عالمنا العربي وإن اختلف في بعض تفاصيله من دولة إلى أخرى، وهو أننا أمام مد ثوري بدأ في بداية العقد الماضي، ثم انتكس وتعثر، لتتصدر بعده الثورة المضادة، وهذه الثورة المضادة أو فلول الأنظمة الساقطة، هي التي أطاحت بحكومة «الترويكا» في تونس، وهي التي أشعلت صراعاً دموياً في ليبيا، وهي أيضاً التي تتوجت بانقلاب عسكري كبير في مصر، وكذلك هي تسببت بحربٍ مدمرة في اليمن، أكلت الأخضر واليابس وحصدت أرواح الأبرياء من المدنيين والنساء والأطفال. التطورات الأخيرة في ليبيا تشكل انتكاسة كبيرة وضربة موجعة لتحالف الثورات المضادة والانقلابات الدموية في العالم العربي، ولذلك فإن مجريات الأحداث في ليبيا اليوم بالغة الأهمية، ليس لأنها ستنتهي إلى توحيد البلاد، وحقن دماء الليبيين فقط، وإنما أيضاً لأنها ستكون مؤشراً على مسار الأحداث في المنطقة، خلال الفترة المقبلة، وما إذا كانت أنظمة الاستبداد العربي ستنجح فعلاً في وأد أحلام الشعوب في تحقيق حريتها وطموحاتها، بالمشاركة السياسية وتشكيل أوطانها بالطريقة التي ترغب بها.
التطورات الأخيرة في ليبيا تشكل انتكاسة وضربة موجعة لتحالف الثورات المضادة والانقلابات الدموية في العالم العربي
إذا تمكنت حكومة الوفاق الشرعية، التي شكلها الثوريون الليبيون، الذين أطاحوا بنظام القذافي من حسم المعارك لصالحها، فهذا يعني على الأرجح أن الحياة ستعود مجدداً للمد الثوري في المنطقة، وستنتهي فترة الانكفاء أو الانتكاسة التي شهدتها المنطقة، خلال السنوات القليلة الماضية، وسيتواصل التغيير على الأغلب في منطقتنا العربية بأكملها، وهو التغيير الذي نأمل في أن يكون هذه المرة نحو الأفضل، وأن يتم خلاله تجاوز أخطاء الماضي.
انكفاء قوات حفتر يدل أيضاً على أن الدول والأنظمة السياسية، لا يمكن أن تقوم بفضل تمويل خارجي أو دعم أجنبي، ولا يمكن أن ينتصر المرتزقة على المواطنين، وهذا ما أشار له المفكر السياسي جان جاك روسو، عندما ابتكر نظرية «الإرادة العامة» التي اعتبرها واحدة من عناصر قيام الدول، وهي الرديف للشرعية، ومفادها أن النظام السياسي – أي نظام سياسي- لا بد له من رضا جماهيري عام حتى يقوم، أو على الأقل حتى يستمر، وفي حال غابت «الإرادة العامة» المؤيدة له فهذا يعني أنه سينهار لا محالة ولو بعد حين. وعليه فلم يكن ممكناً لحفتر أن ينتصر بمقاتلين روس مستأجرين، أو بأسلحة تعمل بنظام البطاقات المدفوعة مسبقاً، وحتى إن انتصر فإن استمراره لا يمكن أن يدوم طويلاً.
والخلاصة الواضحة أمامنا هي أن العالم العربي لا يزال يشهد مخاض التغيير الذي بدأه في عام 2011، وهذا المخاض لم ينتهِ حتى الآن، وما شهدناه في ليبيا وتونس خلال الأيام الماضية، مؤشر على أن فلول الأنظمة المخلوعة ما زالت تصارع من أجل العودة إلى الحكم، بينما الشعوب التي أطاحت بأنظمة الاستبداد لا تزال هي الأخرى تقاوم من أجل تحقيق مرادها. والمؤكد أن الغلبة لــ«الارادة العامة» التي هي الضمير الجمعي لشعوبنا وأمتنا، وهؤلاء بوصلتهم واضحة، ولا يضلون الطريق وضميرهم يظل نظيفاً ناصع البياض لا يحيد عن الحق.
كاتب فلسطيني
*حان وقت الحقيقة..
مجرم الحرب حفتر انتهى وإلى مزبلة التاريخ
وكل من لف لفه من مرتزقة وحكام ساقطين.
نحن ندعم أمال الكاتب وليس لأطراف الثورة المضادة ذلك التأثير الكبير مقارنة بالعقبة الكبيرة في المنطقة متمثله في وجود الإنقلابي العسكري الكبير للسيسي … فمتي زالت هذه العقبة سيكون الطريق أكثر سهولة للتغير في المنطقة
“والمؤكد أن الغلبة لــ«الارادة العامة» التي هي الضمير الجمعي لشعوبنا وأمتنا، وهؤلاء بوصلتهم واضحة، ولا يضلون الطريق وضميرهم يظل نظيفاً ناصع البياض لا يحيد عن الحق” اهـ.
عبر آلاف السنين لم يمر عصر بدون أن تغتنم جيوش تركيا أو إيران فرصة لغزو الشرق الأوسط ونهب ثرواته وقتل رجاله وخطف نسائه واستعباد صبيانه حتى قبل الإسلام عندما كان العرب مزيج من يهود وأتباع ملة إبراهيم ووثنيين وحتى عندما تحول معظم العرب للمسيحية قبل بعثة محمد (ص) وحتى بعد الإسلام وإلى الآن حيث استغلت قيادات تركيا وإيران الضعف المؤقت للعالم الحر بعهد إدارات أمريكا السابقة فانطلق ربيع تركي إيراني بالوطن العربي لكنه اندحر وانتهى بانطلاق إدارة جديدة لأمريكا قادت استفاقة العالم الحر وأعادته حليفاً للعرب.
حالف العرب وأهل السنة والجماعة العالم الحر منذ نشأته بعد انتشار الشيوعية ببدء القرن العشرين وتوازى ذلك مع دحر العرب لإحتلال تركي همجي، وعزز ذلك حاجة نهضة العرب للتقدم العلمي وأسلحة دفاعية مقابل حاجة العالم الحر لموقع العرب الاستراتيجي وحيازة العرب معظم مخزون البترول (أهم سلعة بالعالم منذ بدء القرن العشرين) فبات العرب جزء لا يتجزأ من منظومة الدفاع الشامل عن العالم الحر لكل الأسباب، وكلما تجاهل أعداء العرب هذه الحقيقة واعتدوا على العرب سقطوا بالفخ وتفاجئوا بأنهم يواجهون كل العالم الحر وبشكل مباشر.
انا أعتقد أن اتباع نهج السياسة الناعمة من قبل الثوار مع فلول الانظمة المستبدة كان من أحد أسباب فشل الثورات كما حصل في مصر بل كان يجب الاستمرار بالثورة حتي يتم خلع كل جذر من جذور النظام السابق وفرض إرادة المنتصر وخلق واقع جديد ومحاكمة كل من كان له ارتباط بهذه الأنظمة العفنة. نحن بحاجة لعقلية أردوغانية لتقلب الموازين في كامل الشرق أالأوسط وتنقل هذه الانظمة الهمجية الى انظمة حديثة كما حصل في تركيا وإنشاء الله في ليبيا تكون البداية.