إسطنبول -«القدس العربي»: أكدت مصادر تركية خاصة لـ”القدس العربي” أن الخطوة المقبلة لتركيا في ليبيا ستكون دعم قوات حكومة الوفاق لبسط سيطرتها على سرت، لإتمام خطة تأمين العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية بشكل كامل، على أن تدعم لاحقاً مباحثات حل سياسي مبني على قاعدة استبعاد حفتر من المشهد السياسي الليبي.
وأوضح مصدر تركي رسمي رفض الكشف عن اسمه، الخميس، أن التصور التركي لتطور الأوضاع في ليبيا خلال الأيام المقبلة ينص على استمرار الدعم العسكري بكافة أشكاله لحكومة الوفاق من أجل طرد مليشيات حفتر وبسط السيطرة الكاملة على مدينة سرت، وذلك من أجل إتمام خطة تأمين العاصمة طرابلس ومحيطها والمنطقة الغربية بشكل كامل ومنع أي سيناريو لإمكانية بقاء نقاط تمركز قريبة يمكن أن يستجمع فيها حفتر قواته ومحاولة الهجوم على العاصمة مجدداً.
وبينما توقع المصدر أن تتمكن حكومة الوفاق من السيطرة على سرت خلال الأيام المقبلة، استبعد أن تنجح الاتصالات الدبلوماسية أو الضغوط في التوصل إلى وقف إطلاق نار قبيل تأمين المدينة، لافتاً إلى أن أي توافق جديد على وقف لإطلاق النار سوف يكون ممكناً بعد بسط حكومة الوفاق سيطرتها على سرت، مشدداً على أن تركيا تعمل حالياً في إطار دولي واسع من أجل استبعاد حفتر من أي حل سياسي مستقبلي للأزمة الليبية، ولفت إلى أن “هناك نتائج إيجابية تشير إلى اقتناع الكثير من الدولة الفاعلة بضرورة استبعاد حفتر”.
في سياق متصل، شدد المصدر على أن رؤية تركيا للأزمة الليبية تنص على أن لا مفر من الحل السياسي، ولا حل عسكري للأزمة، إلا أنه لفت إلى أن “موازين القوى تغيرت، وحكومة الوفاق في موقع قوة، وحفتر في موقع ضعيف ولا يمكنه أن يفرض حالياً وقف لإطلاق النار على حكومة الوفاق”، مؤكداً أن “على الأغلب سيتم التوصل لوقف إطلاق نار واستئناف مباحثات الحل السياسي عقب سيطرة الوفاق على سرت”.
يذكر أن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو أعلن، الأربعاء، رفض بلاده لمبادرة القاهرة لوقف إطلاق النار واعتبرها محاولة لإنقاذ حفتر.
وزير الدفاع التركي وفي حوار تلفزيوني، الأربعاء، اعتبر أن حفتر “سينهزم في حال غاب عنه الدعم الخارجي”، ورفض أيضاً دعوات وقف إطلاق النار بشكل غير مباشر عندما اعتبرها “محاولات لكسب الوقت”، كاشفاً عن أن هناك معلومات “غير مؤكدة” بأن حفتر يتواجد حالياً في بلد آخر وليس في ليبيا.
وفي حوار تلفزيوني، الإثنين، أكد أردوغان وجود مساع للسيطرة على مدينة سرت الليبية بالكامل، وقاعدة الجفرة (600 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس) والتقدم على الشريط الساحلي واستعادة السيطرة على حقول النفط في الجنوب وآبار الغاز على الشريط الساحلي، ولا سيما حول مدينة سرت، معتبراً أن هذه التطورات “تزعج روسيا التي يستمد الانقلابي حفتر كل قوته منها”.
و كشف مصدر تركي آخر مقرب من الرئاسة التركية بعض التفاصيل عن فحوى الاتصالات الهاتفية التي جرت، الثلاثاء والأربعاء، بين الرئيس رجب طيب أردوغان من جهة، ونظيريه الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين من جهة أخرى، اللذين ركزا على بحث الملف الليبي.
المصدر أكد أن ترامب أبدى دعماً واضحاً للجهود التركية في ليبيا، لكنه حث أردوغان على عدم الاستمرار في دعم حكومة الوفاق للتوسع شرقاً والاكتفاء بهذا القدر من العمل العسكري ومحاولة التوصل إلى حل سياسي، مشيراً إلى وجود رغبة مشتركة في إخراج روسيا من ليبيا دون صدام عسكري مباشر مع روسيا أو تطور الأمور لتدخل مصري مباشر في ليبيا، مع استمرار الخلافات حول دور حفتر في مستقبل ليبيا.
أما فيما يتعلق بالاتصال مع بوتن، لفت المصدر إلى أن أردوغان حث نظيره الروسي على تجنب الصدام مع قوات حكومة الوفاق التي تحاول استعادة سرت، وسحب أي قوات روسية -فاغنر- من سرت على غرار ما جرى من سحب للمرتزقة الروس من محيط طرابلس وترهونة، لكن المصدر لم يؤكد إن كان أردوغان قد قدم وعوداً بوقف عمليات الوفاق عند حدود سرت وعدم التوجه شرقاً.
ولم يكشف البيان الرسمي التركي الكثير من التفاصيل عن فحوى الاتصال، واكتفى بالقول إن أردوغان وبوتين بحثا القضايا الإقليمية وفي مقدمها التطورات في ليبيا وإدلب.
وفي حوار مع التلفزيون الرسمي التركي، الإثنين، ألمح أردوغان إلى استبعاد خليفة حفتر من المعادلة السياسية في ليبيا، “في ضوء الجهود الدبلوماسية التي تجريها أنقرة مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا”، وقال إن ترامب وصف وضع تركيا في ليبيا بـ”الناجح”. والثلاثاء، تعهد أردوغان مجدداً استمرار حكومته في دعم حكومة الوفاق “بكافة الإمكانيات حتى يتحقق السلام في جميع أنحاء ليبيا”، معتبراً أن “الانقلابيين الذين كانوا يتوعدون أشقاءنا الليبيين قبل عام يبحثون اليوم عن جحر يلوذون إليه”.