ماذا بعد قرار إعدام الشيخ النمر؟

حجم الخط
1

بعد عدة جلسات وتأجيل بسبب الظروف السياسية، ومطالبات من جهات دولية سياسية ودينية، وهناك من حذر السلطات السعودية من مغبة اصدار حكم الاعدام كما طالب الادعاء العام، بحق المعارض السعودي قائد الاحتجاجات في المنطقة الشرقية آية الله الشيخ نمر النمر، وكان المراقبون للشأن السعودي والاقليمي يتوقعون أن تقوم الرياض بتأجيل الحكم لعدة جلسات حتى وضوح الرؤى حسب التطورات في المنطقة.
ولكن الرياض فاجأت الجميع باصدار المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض الاربعاء 14/10/2014 باعدام الشيخ نمر النمر بتهمة «إشعال الفتنة الطائفية» و»الخروج على ولي الأمر»، و»الدعوة إلى انفصال القطيف والاحساء والانضمام إلى البحرين لتشكيل اقليم البحرين التاريخية»، بينما الشيخ النمر الشخصية الدينية والسياسية المعروفة بالجرأة الكبيرة والشجاعة نفى ما وجه إليه، مؤكدا على مشاركته في الاحتجاجات بشكل سلمي، على أساس ان التعبير عن الرأي هو حق لكل إنسان، بينما السلطة السعودية تعتبر من يخرج في الإحتجاجات أو التظاهرات ولو بشكل سلمي هو إشعال فتنة طائفية. وقد أوضح الشيخ النمر بأنه خرج لتحقيق العدالة والحرية والاصلاح، فمن كلماته: « مطالبنا أن نختار حكامنا، ونطالب بأن يعيش أولادنا في أمن وأمان، أحرارا في عقيدتهم وفي سياستهم». وانه يدعو للوحدة بين الطوائف والتسامح، ونبذ العنف واستخدام السلاح وله كلمات مشهورة منها: «ان زئير الكلمة أقوى من أزيز الرصاص».
وقد اعتقل الشيخ النمر (55 عاما) في بلدته العوامية 8/7/2014 ، بعد اصابته بعدة رصاصات، وشهدت المنطقة بعد اعتقاله احتجاجات واسعة وسقط عدد من القتلى والجرحى، واعتقل المئات.
حكم الاعدام بحق الشيخ النمر قرار سياسي تصعيدي لا يتناسب مع مستوى وطبيعة الاتهامات الموجهة ضد الشيخ النمر والتي تدخل ضمن التعبير عن الرأي، وهو حكم غير مبرر في ظل الظروف الراهنة داخل الوطن وفي المنطقة التي تشهد حروبا وحالة عدم استقرار، فالسعودية في وضع صعب وخطير وإرتباك مع تطورالأحداث في الدول المجاورة ففي الشمال العراق وسوريا ولبنان شهدت سياسة الرياض خسائر وتقلبات من دعم الحركات السلفية الجهادية، إلى محاربتها باسم محاربة الارهاب، وفي الجنوب خرج اليمن من السيطرة السعودية واتباعها، وأصبح تحت سيطرة حزب انصار الله (الحوثيون)، وفي دول الخليج يوجد تشنج واختلافات فيما بينها، بالاضافة للملف البحريني فبالرغم من وجود الجيش السعودي في المنامة لحماية النظام، إلا ان البلد يشهد تطورات واحداث مقبلةعلى التصعيد مع رفض المعارضة البحرينية الدخول في الانتخابات البرلمانية وتواصل المظاهرات والفعليات ضد النظام الحاكم الذي يبحث عن مخرج وتحسين صورته في الخارج عبر دخول المعارضةفي الانتخابات.
لماذا الحكومة السعودية تريد التصعيد إلى حد إعدام الشيخ النمر والنشطاء، في ظل هذه الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد والمنطقة،وهل ما حدث مجرد بالون اختبار؟.
قرار الحكم على الشيخ النمر بالاعدام لاشك صادر بعلم واطلاع واشرف الجهات السياسية العليا في السلطة، لان القرار له تداعيات خطيرة تتجاوز حدود السعودية، فالسلطة تعلم من هو الشيخ النمر وما يمثل عالم الدين بمرتبة آية الله من مكانة دينية وسياسية واجتماعية بين مجتمعه، وكذلك بين أتباع الطائفة الشيعية على مستوى العالم، إذ يصنف القرار من قبل الشيعة انه استفزاز طائفي، والمنطقة ليست بحاجة للمزيد من التوتر الطائفي، اذن حكم الاعدام بحق الشيخ النمر في هذه الظروف المحيطة يدل على ان السعودية تريد أن ترسل عدة رسائل للخارج ومنها ايران ومن هو محسوب عليها، وللداخل بالخصوص، ان السلطة عبر الأجهزة الامنية مازالت قوية قادرة على فرض ارادتها وهيبتها على الجميع، ووضع حد للمظاهرات التي مازالت متواصلة منذ 2011م لغاية اليوم، ولكل من ينتقد السلطة أو يعارضها. حتما سيكون لحكم الاعدام ضد الشيخ النمر له تداعيات خطيرة و لا يمكن التكهن بآثارها ولا بحجم تداعياتها، فهي أشبه بـ الحريق الذي سيتجاوز حدود الوطن، فحكم الاعدام ادى لاستفزازالجماهير ونزول الآلاف إلى الشوارع للتظاهر والاحتجاج والمطالبة بالافراج الفوري عن الشيخ النمر وعن المعتقلين، والتظاهر أمام السفارات السعودية في العالم، وحول قضيته إلى قضية دولية أكبر من السابق، إلى درجة رفض الامم المتحدة لحكم الاعدام، وتدخل العديدمن الرؤساء والزعماء والقيادات السياسية والدينية، بالاضافة الهيئات والجمعيات والمؤسسات الحقوقية في العالم، وتحول الشيخ إلى رمزديني للطائفة الشيعية على مستوى العالم، ورمز للحراك والمعارضة،وجعل العالم يركز على ملفات قضايا حقوق الانسان.
علي ال غراش

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول خالد:

    نعم ما قلت

إشترك في قائمتنا البريدية