«الملك والجيش والشعب» معادلة الأردن اليوم… «هندسة نخبوية» بعد رمزيات الاستقلال

بسام البدارين
حجم الخط
2

عمان- القدس العربي: منذ تغيب رؤساء السلطات الثلاث في الأردن عن الاحتفال الملكي والعسكري بعيد الاستقلال، ترسمت عملياً وفي الجزء السياسي من المشهد تلك القناعة بأن مجلس النواب الحالي خرج ليس من «الشرعية الشعبية» فقط بعدما ابتلع لسانه طوال أزمة كورونا، ولكنه خرج أيضاً من الواقع المرجعي. والرسالة كانت واضحة وشغلت الوسط السياسي وإن بقي التعبير عنها في سياق الهمس.
«الملك وولي العهد.. الجيش.. والشعب».. تلك كانت المعادلة ليس يوم حفل عيد الاستقلال فقط، بل حتى عندما قررت القيادة الأردنية الاشتباك وبحزم وصلابة مع فيروس كورونا ضمن معادلة تجازف بالمسألة المالية والاقتصادية لصالح «حماية الأرواح» والتحصين الصحي.
يوم الاستقلال كان إشارة مبكرة لتدشين «مرحلة جديدة» بعيداً عن تسارع الصالونات والشارع وبكل هدوء ممكن. وخلافاً للمألوف التقليدي يومها، لم يظهر رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في مشهد «الاستقلال»، ولم يحضر بقية ممثلي السلطات التنفيذية والقضائية أيضاً، وبدا واضحاً أن رئيس مجلس النواب عاطف طراونة، غاب أيضاً عن المشهد.
في كل حال، كانت رسالة «سياسية» بامتياز، حتى وفقاً لملاحظة الناشط السياسي الإسلامي مروان الفاعوري الذي يصر وهو يقرأ المشهد الوطني مع «القدس العربي» على أن كورونا وتداعياتها «درس كبير» لا بد من التقاط مفارقاته والبناء عليه ضمن اتجاهات الإصلاح الوطني بكل مستوياته.
لا يمكن هنا التسرع ببناء تصورات «إصلاحية» ضخمة بناء على تلك الإشارات في شكل الاحتفال بعيد الاستقلال، فظروف البلد والإقليم والعالم معقدة للغاية، والإصلاح «مسيرة» بدأت وتكتمل حسب التوجيهات الملكية التي تقال في كل الأروقة المغلقة، والأولويات أكثر من واضحة؛ فهي لحماية الاقتصاد ومصالح المواطنين الأساسية، ولمنع «عدو الفيروس الغامض» من الاستيطان وبأي ثمن.
لكن يمكن القول بعدم وجود أي جهة، لا في مستويات الشارع ولا مستويات القرار المركزي، تريد أن ترى دوراً من أي صنف لمجلس البرلمان الحالي الذي يتسبب عملياً ومنذ ستة أشهر وقبل كورونا -حسب ما فهمت «القدس العربي» من «مرجعية أمنية رسمية»- بانفصام في التشخيص الرسمي المغلق، حيث مجموعة نواب باسم النفوذ المالي والولاء والتعبير الاجتماعي «غير مسيسين» تحولوا إلى «عبء حقيقي» على الدولة والناس.
وحيث – وهذا الأهم الآن – رغبة في «إدماج «صورة جديدة لتركيبة وطبيعة «التمثيل الشعبي». وهنا يفهم الجميع بالمحصلة بعض الاستنتاجات المتلازمة التي تؤدي إلى قراءة متنوعة لـ»الوضع النخبوي الهندسي» في المرحلة اللاحقة.
أغلب التقدير أن رئاسة البرلمان الحالي «تخرج عن السكة» وتواجه «تغييراً ما» في مستوى التحضير للانتخابات المقبلة، مع أن رئيس المجلس النيابي القوي من سبع سنوات عاطف طراونة، أعلن وأمام «القدس العربي» بوقت مبكر قبل أشهر بأنه «خارج العمل البرلماني والانتخابي»، نافياً في الوقت نفسه أن يكون بصدد «التقاعد السياسي الشامل» المطلوب منه حالياً لعدة أسباب على الأرجح.
وأغلب التقدير أن استشارات «توليفة وتركيبة» برلمان 2020 قيد البحث والتمحيص خلف الستارة ضمن إطار معادلة تقول بالاستعداد جيداً ومحلياً قبل انتظار وترقب نتائج الانتخابات الأمريكية على الملف الداخلي، حيث «اتجاهات متباينة» في الترتيب السياسي الداخلي «تتأثر بعمق» بمن سيفوز في المنافسة الرئاسية الأمريكية ضمن معادلة ترامب – بايدن.
«لا أحد يتأسف على مجلس النواب الحالي».. تلك حقيقة بدأ يعرفها الجميع في الحالة الأردنية ينتج عنها ما يرشح من الكواليس بعنوان قرار مرجعي بألا يعقد المجلس الحالي أي دورة استثنائية أو حتى «أي ولو جلسة» واحدة إلى أن يمكّن الوضع الوبائي الدولة من إجراء انتخابات.
يتذمر خلف الستارة المهندس الطراونة «كبير البرلمانيين» من أن أحداً في السلطة التنفيذية لا يناقش معه أولويات المرحلة ووضعية المجلس الدستورية بعد فض الدورة الأخيرة العادية، وثمة من يشعر بأن «متطلبات المرحلة» تقتضي «وجوهاً جديدة» على منصة ورئاسة لجان برلمان 2020.
لذلك وعليه، لا يبدو اليوم حتى مع «تسكين» آلام جسد الحكومة الحالية وهي تمثل السلطة التنفيذية، ومع «تخدير» المطالبين برحيل الوزارة.. بأن خيار «تسليم مجلس نيابي لآخر» مقبول فعلاً الآن، حيث قناعة بأن «قواعد اللعبة» المألوفة لا يوجد ما يبرر الإطاحة بها، خصوصاً أنه لم يسبق عقد انتخابات في ظل تمكين برلمان منعقد دستورياً من سلطات الامتياز الانتخابي.
لا يعني ذلك عملياً إذا صدقت التوقعات التحليلية إلا هندسة مشهد يؤدي، وفي الوقت المناسب، إلى «حل البرلمان».. هنا تحديداً سيرحل المجلس الحالي حاملاً معه الرئيس الرزاز وتجربته إذا نفذ هذا السيناريو، على أن سقف التنفيذ الزمني مرتبط أولاً بالوضع الوبائي وخلف الستارة ببوصلة اتجاه صراع الانتخابات الأمريكية الرئاسية، حيث فوز ترامب يعني شيئاً للأردنيين والحسم لصالح بايدن قد يؤشر إلى دلالات مختلفة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Alec:

    نظام الحكم في الأردن هو نظام ملكي مطلق. جميع السلطات بيد الملك وباقي السلطات هي سلطات شكلية لذر الرماد في العيون. والعملية السياسية هي شكلية حتى يقال إن الأردن بلد ديمقراطي. لايتحرك ساكن إلابقرار من الملك الذي هو فوق المحاسبة.

  2. يقول من جنوب الاردن:

    يعاني الأردنيون من عدم ثبات موعد إجراء الانتخابات البرلمانية كل مرة لذا تكثر الإشاعات والاقاويل وهذه المرة عندما أعلن ملك البلاد ان الانتخابات تجري هذا الصيف تنفس الأردنيون الصعداء على قرب رحيل النواب وعندما حلت كارونا عاد مشهد الغموض مرة أخرى
    هذا المجلس اعتبره الأردنيون من أكثرها ثقلا على قلوبهم لاسباب كثيرة يعرفها الجميع
    واذا حدث واعيد هذا المجلس إلى الانعقاد او فاز بالتمديد فان غضبا شعبيا سيحدث
    الدستور يقول انتهت مدة المجلس واذاكان ملك البلاد لم يعثر علي بديل للرزاز ليتعامل نع كارونا هذا يثبت أن الدولة الأردنية تبني على أشخاص وليس مؤسسات

إشترك في قائمتنا البريدية