نيويورك (الأمم المتحدة)- “القدس العربي”:
أعرب المبعوث الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، عن استعداده لعقد وتسهيل عقد جلسة ثالثة للجنة الدستورية بقيادة سورية وبملكية سورية، معربا عن أمله في إمكانية عقد الجلسة في جنيف مع قرب نهاية شهر آب/أغسطس بعد نهاية أزمة جائحة كوفيد-19. جاء ذلك خلال إحاطته الدورية لمجلس الأمن الدولي عبر تقنية الفيديو خلال مناقشة المجلس للوضع في سوريا صباح الثلاثاء بتوقيت نيويورك. وقال غير بيدرسون إن هناك تعطشا لإحراز تقدم في العملية السلمية وإنهاء العنف والإرهاب وتطبيق وقف إطلاق النار في عموم البلاد وخلق الظروف لتمكين اللاجئين السوريين والنازحين من عودة كريمة إلى بيوتهم بأمان وبشكل طوعي.
بيدرسون: الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها سوريا تؤثر على جميع أنحاء سوريا وليس فقط المناطق التي يسيطر عليها النظام.
وأكد بيدرسون أن الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها سوريا تؤثر على جميع أنحاء سوريا وليس فقط المناطق التي يسيطر عليها النظام. ووصف تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا بالدرامي والسريع حيث انخفض سعر الليرة السورية خلال أسبوع واحد من الفترة التي تشملها إحاطته على نحو لم ينخفض فيه خلال التسع سنوات الأخيرة مجتمعة. وقال إن سعر الليرة ارتفع بعد ذلك إلا أن تقلبات العملة والأسعار ما زالت حادة، حيث بلغ معدل التضخم مستويات الذروة في الأشهر الستة الماضية. وأكد أن تلك التقلبات تؤثر على جميع أنحاء سوريا حيث أصبحت الأدوية أكثر تكلفة وندرة، كما أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل كبير وتعطلت سلسلة الإمدادات والتوريد، وتضاءلت القوة الشرائية للسوريين العاديين بشكل خطير حيث إن الأجور، سواء الخاصة أو العامة، غير كافية إلى حد كبير لتلبية متطلبات الحياة اليومية. وأشار أنه قبل التطورات الاقتصادية الأخيرة كان قرابة 80 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر. ورجح أن تكون حدة الفقرة أعلى الآن.
حذر المبعوث الأممي الخاص لسوريا من معاناة المرأة السورية، وشدد على تعرض النساء لمخاطر بمستويات عالية
وقال المبعوث الخاص إن برنامج الأغذية العالمي يقدر أن نحو 9.3 مليون شخص يعانون من انعدام الغذاء، وأكثر من مليونين معرّضون للخطر، وهو ارتفاع بنحو 42% عن العام السابق. وقد حذر ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، مؤخرا من أنه إذا تدهور الوضع أكثر، “فقد تدق المجاعة على الباب”. وأشار بيدرسون إلى المعاناة التي تعيشها النساء السوريات على وجه التحديد حيث تقع على عاتقهن مسؤولية إعالة العديد من العائلات السورية بشكل أساسي كما يجدن أنفسهن مضطرات إلى تحمل مسؤولية تقديم الرعاية لعائلاتهن داخل البيوت في الوقت الذي يدعمن فيه أسرهن ماديا. وشدد على أن النساء في مجتمعات اللجوء يتعرضن كذلك إلى مخاطر بمستويات أعلى بسبب استغلالهن وسوء المعاملة.
وأكد غير بيدرسون أن من بين العوامل التي ساهمت في تدهور الاقتصاد أزمة البنوك في الجارة، لبنان، والتداعيات التي شهدتها جميع المجتمعات والاقتصادات بسبب تدابير مكافحة جائحة كوفيد-19. وقال: “إضافة إلى ذلك، تأتي العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي تستهدف الأفراد والكيانات التابعة للحكومة، وتقيّد الأنشطة المالية والبنكية والنفط والغاز والقطاعات العسكرية والصادرات والإقراض متعدد الأطراف والاستثمارات في سوريا”. وتابع بيدرسون قائلا “ستدخل عقوبات أميركية إضافية تم تشريعها قبل ستة أشهر حيّز التنفيذ بدءا من الغد، وتهدف إلى ردع النشاط التجاري الأجنبي مع الحكومة السورية.
وأشار المبعوث الخاص إلى سوريا في كلمته إلى الاحتجاجات التي شهدتها السويداء وإدلب ودرعا ضد المظالم. وقال بيدرسون “نشعر بالقلق بسبب حوادث أمنية وتوترات قد تتسبب بتجدد تصاعد العنف. في هذه المنطقة، توجد توترات جيوسياسية واسعة النطاق ويبدو أنها تزداد حدّة”.وأوضح أن التهدئة التي فرضت من قبل روسيا وتركيا لا تزال صامدة في الشمال الغربي، رغم وجود مؤشرات تبعث على القلق: زيادة على القصف المتبادل، فإن هناك تقارير عن تعزيزات من الجانبين، أو غارات جوية من قبل قوات موالية للحكومة منذ ثلاثة أشهر، وتقارير عن نزوح مدني جديد”.
وناشد بيدرسون جميع الأطراف الحفاظ على التهدئة في إدلب وغيرها من المناطق ووقف إطلاق نار في عموم البلاد، بما يتماشى مع قرار 2254، ومعالجة التحديات التي تفرضها المجموعات الإرهابية المدرجة عبر نهج هادف وفعّال ويقوم على التعاون لحماية الاستقرار والدفاع عن المدنيين ويحترم بالكامل القانون الإنساني الدولي.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الأطراف السورية ستواجه صعوبات كبيرة في حل المشكلات دون وجود دبلوماسية حقيقية بين الأطراف الدولية ذات النفوذ. وأضاف “فثمّة خمسة جيوش دولية في جميع أنحاء سوريا، وتدابير نشطة من قبل العديد من البلدان فيما يتعلق بسوريا”.
وجدد بيدرسون تأكيد الأمين العام على الحاجة إلى الوصول الإنساني الكامل ودون عوائق واستخدام جميع النماذج من بينها نقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود وداخل الدولة. وقال إن الوصول الإنساني أمر حتمي ومهم ليس فقط بسبب ارتفاع معاناة الشعب السوري ولكن أيضا بسبب مخاطر جائحة كورونا.
وتحدثت أمام مجلس الأمن الناشطة السورية في مجال حقوق الإنسان، نورا غازي، التي تطرقت إلى معاناة أسر المفقودين والمختفين، قسريا والموقوفين وقالت: “النساء هنّ الضحايا المباشرات للانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان واختفاء أحبائهن الذكور، كما أن النساء أنفسهن يتم توقيفهن ويتعرضن للاختفاء القسري وهنّ من بين المفقودين”.
وشاركت غازي في تأسيس حركة “عائلات من أجل الحرية في سوريا”، حيث إن النساء هن اللائي ينظمن عملية العثور على المختفين، ويطالبن بتحقيق العدالة. وأضافت: “هؤلاء ليسوا أسرى حرب، هم موقوفون بشكل تعسفي”، مشيرة إلى استخدام الموقوفين كورقة ضغط لتحقيق المكاسب والابتزاز.
وبحسب العديد من المنظمات الدولية، ثمّة عشرات الآلاف من الموقوفين والمختفين قسريا والمفقودين في سوريا منذ بدء الاحتجاجات في آذار/مارس 2011. ومعظم المختفين هم من الرجال، بحسب الناشطة نورا غازي، وهو ما يترك النساء ليكافحن وحدهن في وجه مشقات الحياة ويعملن على رعاية أسرهن بمفردهن.
وكان آخر المتحدثين في جلسة مجلس الأمن المخصصة عن سوريا السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، الذي أوضح أن سياسات الحصار “وفرض تدابير قسرية أحادية” كانت ولا تزال جزءا لا يتجزأ من السياسات الغربية، ووصفها بالسياسات “المسبقة العمياء”. وانتقد الجعفري العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سوريا، مشيرا إلى أن الطرفين يعملان على مراوغة جميع المطالب الدولية بإنهاء التدابير الأحادية المفروضة على الشعب السوري، ومن بينها دعوات الأمين العام ومبعوثه الخاص إلى سوريا. وقال مخاطبا المجلس” “دعوا الشعب السوري يعيش. ارفعوا الضغوط عن بلدي سوريا.