معراب (جبل لبنان) من توم بيري وليلى بسام: قال سمير جعجع، وهو أحد أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية اللبنانية، ان الانتخابات لشغل مقعد الرئاسة الشاغر منذ مايو/ ايار الماضي لن تجرى قريبا واستبعد اندلاع حرب أهلية جديدة رغم الصراعات السياسية.
وعلى مدى أكثر من ستة أشهر فشل البرلمان اللبناني في انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط في إطار واحدة من تداعيات الحرب في سوريا التي شلت الكثير من مؤسسات الدولة وأثارت موجات من العنف المميت.
وقال جعجع (62 عاما) في منزله فــي قرية معراب الواقعة بين الجبال المطلة على بلدة جونية المسيحية «في رأيي هذا أبعد بكثير من لبنان.. يمكن موضوع الرئاسة اللبنانية موضوع على طاولة البحث في مقايضات ومساومات على مستوى الشرق الأوسط ككل. لذلك وللأسف لا أرى انتخابات رئاسة على المدى المنظور ونحن في حالة انتظار.»
ورفض التكـــهن بتاريـــخ إجــراء الانتخابات الرئاسية وقال ان «ما يمنع حصول انتخابات رئاسية في لبنان هو مقاطعة كتلتين بالتحديد هما كتلة حزب الله وكتلة الإصلاح والتغيير (بزعامة ميشال عون) للانتخابات الرئاسية. بأي وقت من الأوقات ممكن ان تجرى الانتخابات الرئاسية عندنا بالرغم من أزمة المنطقة إذا غيرت إحدى هاتين الكتلتين موقفها من تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية.»
وقوضت الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات استقرار البلاد. وقتل أحد عشر جنديا لبنانيا في المعارك الأخيرة التي دارت بين متشددين سنة والجيش اللبناني في شمال البلاد.
ويواجه النظام الطائفي واحدة من أكبر التحديات منذ الحرب الأهلية في لبنان حيث تم تأجيل كل من الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الوقت الذي يكافح فيه مجلس الوزراء لاتخاذ قرارات أساسية.
لكن جعجع، وهو سياسي مسيحي كان قائدا لميليشيا القوات اللبنانية القوية أبان الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و 1990، يرى ان بلاده لن تنزلق إلى حرب أخرى بفعل الصراعات التي تغذيها الطائفية.
وفي غياب أي اتفاق سياسي من شأنه ان يسمح بإجراء انتخابات برلمانية فمن المتوقع ان يصوت نواب المجلس المستمر منذ أكثر من خمس سنوات يوم الاربعاء المقبل على تمديد فترة ولايتهم حتى عام 2017.
وقال جععج «إذا وصلنا إلى 20 نوفمبر/تشرين الثاني وليس هناك انتخابات نيابية ولا تمديد …وليس لدينا رئاسة جمهورية ولا مجلس نيابي. في اللحظة ذاتها التي يسقط فيها المجلس النيابي تسقط الحكومة وتصبح حكومة تصريف أعمال وبالتالي نكون قد وقعنا في الفراغ الكبير. فهل هذا ما يريده هذا الفريق الذي ينادي ليلا نهارا بأنه ضد التمديد وفي الوقت نفسه لم يقم بأي خطوة للإعداد للانتخابات النيابية.»
وأضاف «أصبحت المسألة الآن أبعد وأعمق من مسألة تمديد أو عدم تمديد أصبحت مسألة يجب الانتباه لها. ان محاولة البعض دفع البلاد دفعا إلى فراغ دستوري كامل قد يكون تحضيرا لنظام جديد وهذه عملية نحن كليا ضدها في هذا الظرف بالذات لانها لا ترتكز إلى شيء وسترمي لبنان بمجهول ما بعده مجهول.»
وفيما يؤمن النواب النصاب الضروري للتمديد لأنفسهم فإن أغلبهم يغيب عن جلسات انتخاب رئيس ليستمر الفراغ الرئاسي من دون التوصل إلى اتفاق بين فريقين لبنانيين أساسيين ودول إقليمية تتنافس على دور مؤثر في لبنان ولاسيما ايران والسعودية.
ومنذ ابريل/ نيسان فشل لبنان في انتخاب رئيس للجمهورية 15 مرة بسبب عجز السياسة عن الاتفاق على مرشح يحظى بقبول الكتلتين السياسيتين الرئيسيتين في البلاد وهما قوى 14 آذار بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وتحالف 8 آذار الذي يقوده حزب الله.
وجعجع هو مرشح قوى 14 اذار بقيادة الحريري الزعيم السني المدعوم من السعودية بينما منافسه الرئيسي هو الزعيم المسيحي ميشال عون المتحالف مع حزب الله المدعوم من ايران.
وقال جعجع «كل مشكلة الانتخابات الرئاسية تتعلق بالكتل النيابية وتأمينها النصاب بمجلس النواب. …وتحديدا كتلة حزب الله وكتلة التيار الوطني الحر…بالنسبة للعماد عون (مشكلة) محلية لها علاقة بانتخابه هو شخصيا رئيسا للجمهورية، فيما يتعلق بحزب الله (مشكلة) محلية ولكن هو يعمل حسابات أكثر من محلية.»
لكنه أضاف «إذا حصلت تسوية ممكن ان تساهم في انتخاب رئيس جمهورية عن طريق ضغط إيران على حزب الله الذي هو من جديد عامل محلي. دائما دائما السياسات المحلية تصنعها القوى المحلية. إذا واحدة من القوى المحلية تربط سياستها بسياسة إقليمية هنا تصبح سياسيتنا المحلية مرتبطة بالسياسة الأقليمية.»
وقال في إشارة إلى عون وحليفه حزب الله «فرقاء لبنانيون هم الذين يربطون الاستحقاق بأمور المنطقة وليس أمور المنطقة حكما لها تأثير على الاستحقاق.»
وأبدى استعداده للتخلي عن ترشيحه مقابل تخلي عون عن ترشحه وقال «أنا مستعد بأي وقت من الأوقات للبحث مع الفريق الآخر إذا كان الفريق الآخر جاهزا عن اسم ثالث لرئاسة الجمهورية وبهذه الحالة أتخلى عن ترشيحي.»
وأضاف «في هذه المناسبة أدعو العماد عون من جديد للتفاهم نحن وإياه على مرشح ثالث لرئاسة الجمهورية لأنه صراحة لا هو مقتنع بي ولا أنا مقتنع به بكل صراحة.»
وأكد انه لن تكون هناك مشكلة في اختيار المرشح الثالث ولكن شدد على رفضه تعديل الدستور في مناسبة كل انتخابات رئاسية في إشارة إلى إمكانية ترشح قائد الجيش العماد جان قهوجي أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يقول بعض القانونيين انهما يحتاجان لتعديل دستوري.
وقال «في رأيي لن يكون هناك مشكلة بالأسماء إذا صار في قرار من قبل العماد عون للدخول بالعملية. عنده قرار وحيد هو الاستمرار في مرشح حصري.»
وكان قائد الجيش السابق ميشال سليمان قد انتخب رئيسا للبلاد في عام 2008 إثر اتفاق توسطت فيه دول إقليمية عقد في الدوحة.
وجعجع هو من أشد منتقدي دور حزب الله في الأزمة السورية حيث يخوض مقاتلو الحزب المعارك ضد مسلحين سنة يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وكرر جعجع دعوته لحزب الله للانسحاب من سوريا قائلا ان وجوده هناك غذى حالة عدم الاستقرار في لبنان. ويقول حزب الله انه يقاتل في سوريا لمنع الإسلاميين المتشددين من التوسع نحو لبنان.
وقال ان دور حزب الله في سوريا يضع أهل السنة في لبنان «تحت ضغط كبير» مما يشير إلى خطر حدوث مزيد من الصراع الطائفي بسبب غضب السنة اللبنانيين من سياسة حزب الله.
وأكد ان «الحرب الأهلية تحتاج إلى فرقاء يأخذون قرارا فيها. أنا صراحة لا أرى أيا من الفرقاء الرئيسيين حتى خصومنا عندهم أي نية للقيام بحرب أهلية في لبنان.»
أضاف «ولكن أيضا في بعض الأوقات يحصل الأمر من دون قرار سياسي إذا كان هناك ضغط كبير. المجموعة السنية في لبنان تحت ضغط كبير جراء قتال حزب الله في سوريا ومن جراء طريقة تعاطي الجيش اللبناني مع حزب الله بطريقة مختلفة عن بقية اللبنانيين. يجب إزالة سبب الشكوى هذه لكي يستقر الوضع في لبنان بشكل عميق وليس مجرد تفاهم سياسي ووجود قرار سياسي بعدم انفجار الوضع في لبنان.»
وقال مخاطبا حزب الله «أنت تقاتل السنة في سوريا وتقول للسنة في لبنان انه يجب استبعاد الفتنة…لا تستطيع ان تقوم بخطوات تؤدي إلى فتنة وتنادي ليلا نهارا يجب استبعاد الفتنة ولا يجب ان نقع في الفتنة. لا يجب ان نقع في الفتنة تعال من سوريا عد إلى لبنان وضع قرارك عند الدولة اللبنانية وهذه نقطة إجماع عند كل الفرقاء وخصوصا إنك جزء لا يتجزأ من هذه الدولة.»
وعن المعارك التي حصلت الأسبوع الماضي في الشمال بين متشددين سنة والجيش اللبناني قال جعجع «كما تبين لا وجـــود كبــــير (للمجموعات السنية المتشددة) ولكن لا نستطيع ان ندع الشيطان يجربنا بشكل مستمر. إذا استمرت المجموعة السنية في لبنان تحت هذا الضغط وهذه الأجواء ستتحول أقسام منها تباعا إلى مجموعات متطرفـــة. يجب ان يعود حزب الله من سوريا إلى لبنان وان يستقيم عمل الدولة في لبنان هذه خشبة خلاصنا جميعا».
(رويترز)