غانتس ونسخته الثانية من “الرصاص المصبوب” لتزيين حملته الانتخابية المقبلة

حجم الخط
1

الجدار الحديدي: قبل الغوص في الشؤون اليومية، يسرني التبشير بأن سبتاً سعيداً مر علينا مساء مع وجوه مضيئة وغضة في جميع قنوات التلفاز التي أمتعتنا بالرؤى والحكايات. وقد عدنا مئة سنة إلى الوراء إلى زمن الازدهار للمدينة اليهودية في شرق أوروبا.

كم هي مثيرة رؤية اليهود في الغربة، في مكان ما بين القدس وتل أبيب، يجتمعون معاً بدون ضجة الغرباء في الخارج، بعيداً عن تهديدات الحاكم اللاسامي المستبد، يفكرون في اليوم الذي سيكونون فيه أحراراً في بلادهم، يذرفون الدموع.

من أجل التاريخ سأذكر أسماء بعض الأزواج عشية السبت الماضي: ديكل، كركوفسكي، غيلات، فيردي، تمار، كوشمارو، راهف، بيلغ، بسموت، دانييل، شبيط، ليئال، سكولار، بارتسفي، بيسح، هاريس، بن دافيد، ايال، ليفي، عوفاديا وآيزنبروخ. نأمل أن يقوم هؤلاء اليهود في السنة المقبلة بعقد أمسية كهذه في القدس.

صحيح أن هذا كان نوعاً من الحائط الحديدي، لكنه الجانب الثاني من لقاءات “العائلة” – انغلاق أمام الغرباء. الجانب الآخر من الاندفاع العاطفي هو الجو اللزج، ومن لا يعجبه هذا الأمر فعليه البحث عن صديق عربي كي يخفف الطعم الحلو حتى لا يعلق اللب في حلقه. كل هذا السحر الشتاتي لم يمنع رئيس الحكومة البديل، بني غانتس، من الانقضاض على أبناء الشعب الفلسطيني بذريعة أنهم يفضلون البقاء في حالة انغلاق بسبب رفضهم لخطة الضم التي تعرضها عليهم إسرائيل. والسؤال الرئيسي هو: ما دور غانتس الشخصي لكونه رئيساً سابقاً للأركان، في خلق هذه الحالة التي يعيشها الفلسطينيون؟ وسؤال آخر هو: هل الموافقة على خطة الضم ستخرج الفلسطينيين من هذه الحالة؟

هذا لم يعد به غانتس، ومن الجميل أنه لم يعد، فنحن أدرى بأننا سنصنع “طائرة” (حسب مصطلحات قصاص الأثر الشاحب) من وعود غانتس. كان وعد بألا يجلس مع متهم بقضايا جنائية في حكومة واحدة، وها هو في حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو؛ وقد وعد بتشكيل لجنة تحقيق بشأن الغواصات، ولكنه صوت ضد تشكيلها في لحظة الحقيقة.

وفي هذه الأثناء إذ لا ينجح في لي ذراع نتنياهو لإلغاء الضم، ها هو يوجه كل مرجلته ضد الفلسطينيين، ممنوع على الفلسطينيين معارضة الضم. جميع العالم، بما في ذلك اليهود، يمكنهم معارضة الضم، لكنه ممنوع على الفلسطينيين. وإذا غرّدوا بأن الضم إعلان حرب عليهم –وهو، بالمناسبة، ما يعتقده العالم– فإن نسخة أخرى من “الرصاص المصبوب” تنتظرهم. وقرر رئيس الأركان هذه المرة تحويل الجيش إلى جيش قاتل. انظروا، أيها الفلسطينيون، لقد حذرناكم.

غانتس قوي فقط على الفلسطينيين. وها هو الآن ينتظر الفرصة، هذه المرة بمنصبه الرفيع وزيراً للدفاع، من أجل القيام بجولة قتل جديدة للمئات من سكان غزة كي تزين حملته في جولة الانتخابات التي تنتظرنا في القريب. المزيد من الضحايا الغزيين على مذبح انتخابات السيادة. من يفهم هذا الشخص أن تشكيل الحكومة، التي جاءت تحت عنوان “محاربة كورونا”، أصبح إنجازها الأساسي هو زيادة كبيرة في عدد المصابين بالفيروس، ربما من المناسب أكثر تسمية الحكومة “حكومة تشجيع كورونا”.

أي حظ سيئ جلبه هذا الغانتس. الإنجاز الثاني للحكومة من حيث حجمه هو زيادة عدد العاطلين عن العمل الذي يرفض الانخفاض. والإنجاز الثالث للحكومة هو تبييض فساد الحكومة. الآن من الواضح أن عدم دفع الضرائب من قبل رئيس الحكومة لم يعد يعتبر مخالفاً للقانون، لأن القانون أعفى رئيس الحكومة من دفع الضرائب. والمرحلة القادمة: إن الهدايا (وربما العمولة أيضاً) التي لرئيس الحكومة لن تكون بمثابة مخالفة بالنسبة للقانون. هذه هي المرحلة العبقرية القادمة للحكومة: شرعنة الرشوة. وهكذا سيقضي غانتس على الرشوة. وقد وعد وأوفى.

بقلم: عودة بشارات

هآرتس 29/6/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سيد زبلاوي:

    افتحوا آذانكم واسمعوا لي جيدا: “عودوا من حيث أتيتم إلى رومانيا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وروسيا وغيرها من بلدان العالم، فمن غير المعقول أن يقيم شخص طول حياته على أرض غير أرضه في وطن ليس وطنه كمهاجر غير شرعي طوال حياته، بل يزيد على ذلك قيامه بأعمال إرهابية في حق أصحاب الوطن الفلسطينيين وارتكاب جرائم قتل وسرقة ونهب ونصب واحتيال …” الوقت ينفد وجرائم القطعان الصهيونية يزداد سوادا وقتامة ودموية … رحيلكم اليوم أفضل من الغد، أفيقوا من حلم غير مشروع …….!

إشترك في قائمتنا البريدية