أصالة تغني للسيسي… بروباغندا النظام العربي الرسمي… وأين اختفى محرّرو الأخبار ؟!

حجم الخط
5

مع أغنية أصالة الجديدة، وتحديداً مع كليبها الجديد، تحت عنوان «الحب والسلام» (بلغ إلى الآن أكثر من مليون وستمئة ألف مشاهدة على يوتيوب في غضون ثلاثة أيام) يمكن القول إننا بتنا أمام صياغة جديدة من بروباغندا النظام العربي الرسمي. يبدو أنه انتهى زمن الغناء المباشر للزعيم، الهتاف للقائد، الخالد والمؤبد بطريقة أو بأخرى.
في أغنيتها لم تفعل أصالة نصري شيئاً سوى أنها غنت للحب والسلام، لم يأت على لسانها أي ذكر أو حتى تلميح لزعيم بعينه. لقد غنت كلاماً يمجّد الحب والأمومة وتقبّل الآخر، من أي لون أو عرق كان، كما يمجّد الغناء والفن والأمل. لقد غنت، لكن الفيديو كليب تكفّل بكلّ شيء.

في أغنيتها لم تفعل أصالة نصري شيئاً سوى أنها غنت للحب والسلام، لم يأت على لسانها أي ذكر أو حتى تلميح لزعيم بعينه. لقد غنت كلاماً يمجّد الحب والأمومة وتقبّل الآخر، من أي لون أو عرق كان، كما يمجّد الغناء والفن والأمل. لقد غنت، لكن الفيديو كليب هو الذي تكفّل بكلّ شيء.

الصور التي عرضت في خلفية الأغنية هي التي أعطت لكلام الأغنية المكرر معنى وحكاية. زجّ عدد من صور المبدعين الراسخين في وجدان الناس، ولا جدال تقريباً حول أهميتهم ومكانتهم. قالت الأغنية «أنا الغنا» فظهرت صورة عبدالحليم حافظ. و«أنا الصداقة والبراءة» فجاءت صورة سعيد صالح وعادل إمام. «أنا الحزن» صورة سعاد حسني. «أنا الفن» محمد عبدالوهاب. «عصفور بيغني» فيروز. «صوت الإنسانية والحياة» ستيف جوبز وغاندي.. (أطرف شيء قرأته مطالبة سوريين بصورة لنزار قباني في الكليب، وفلسطينيين لصورة محمود درويش!).
لكن كل تلك الصور، المعبودة بالنسبة للكثيرين، وكل ذلك الحب الطافح، ما جاء إلا ليموّه بياناً سياسياً يمجّد أقطاب النظام العربي الرسمي المهيمن، أقطاب الثورة المضادة في المنطقة كلها. صدحت أصالة: «أنا الحب والسلام» فجاء في خلفيتها صورة الرئيس المصري الراحل أنور السادات. ظهور الأخير مع تلك العبارة إشارة صريحة لمشروعه في السلام المزعوم، أي «اتفاقية كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل، لا إلى حرب تشرين، أو بناء مصر، في حال سجل باسم الرجل مشاريع بناء. طرحٌ يتواءم مع توجهات حثيثة لدى حكام السعودية والإمارات نحو تطبيع مجانيّ للعلاقات مع إسرائيل.
الصورة الثانية المفصلية جاءت على وقع عبارة تقول «أنا خليفة ربنا بعملي وإيماني» وهي لملك السعودية الراحل عبد العزيز آل سعود، إلى جانب رئيس دولة الإمارات، الراحل كذلك، الشيخ زايد. الصورة قلبت معنى «الإنسان كخليفة لله على الأرض» وكان رائعاً لو جاءت الصورة لبناة العالم الحقيقيين، لعامل أو فلاح أو معلم، لا أن تسلّم مفاتيح الأرض والحياة إلى الملوك.

السوريون مندهشون كيف أن أصالة التي وقفت إلى جانب السوريين في ثورتهم ضد نظام الأسد بإمكانها أن تقف إلى جانب السيسي! ولعلّه اختبار يجريه الزمن، لأصحاب النفس القصير، إن كانت معارضتهم حقاً من أجل العدل والكرامة وبلاد تسودها الديمقراطية

الصورة الأكثر استفزازاً (لمواطني أصالة السوريين خصوصاً) كانت للسيسي إلى جانب عمر المختار. كان ذلك التجاور، حتى بغض النظر عن العبارة المرفقة التي تقول «أنا بَصارع من البداية، أنا بَدافع للنهاية» كافياً، إذ كيف يكون رمز متفق عليه للبطولة والحكمة كعمر المختار إلى جانب رمز للانحطاط!
السوريون مندهشون كيف أن أصالة التي وقفت إلى جانب السوريين في ثورتهم ضد نظام الأسد بإمكانها أن تقف إلى جانب السيسي. ولعلّه اختبار يجريه الزمن، لأصحاب النفس القصير، إن كانت معارضتهم حقاً من أجل العدل والكرامة وبلاد تسودها الديمقراطية، أم من أجل نوازع أخرى. فليست أصالة وحدها من سقط في الطريق. وبالمناسبة؛ أعرف رساماً لا تنقصه الموهبة ولا الذكاء، اشتغل كل عمره في دمشق بتخطيط لافتات الولاء للنظام، وبرسم صور لعائلة الأسد، وحين ألقت به الحرب في دبي أكملَ هناك يرسم صوراً لمشايخ الإمارات.

محرّرو الأخبار

«قامت الشرطة الإيطالية بأكبر عملية مصادرة على مستوى العالم لمخدرات الأمفيتامين أو ما يعرف بحبوب الكبتاغون، تم تصنيعها من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا «. هذا خبر نقلته قناة «فرانس24» وعدد آخر من مواقع الكترونية وصحف. من دون الخوض في منطقية الخبر، أي في صلاحية التنظيم المنقرض في صناعة وتصدير صفقة بالحجم الكبير (تبلغ 41 طناً بشكل 84 مليون حبة كبتاغون) كما أعلنت عنه السلطات الإيطالية، لا بد من مناقشة الأمر من زاوية المهنية الصحافية، هذه التي قد تضيء بدورها على آلية باتت تطبع الإعلام عموماً في تلقي وتصدير الخبر، وتسهّل تزييفه غالباً.

المسؤولية الأولى والأخيرة في نشر الخبر تقع على عاتق المحرر الذي سيصدر الخبر للناس، قراءً أو مشاهدين أو مستمعين.

الخبر طازج، أي أن الإعلان الإيطالي تم فور المصادرة، ومن البديهي أن الوقت لم يحن لإجراء تحقيق، وإصدار قرار بأن «داعش» صنعَ وصدّرَ.. هكذا يصبح مستغرباً أن تقرأ المذيعة «تم تصنيعها من قبل تنظيم «الدولة »في سوريا»! من قال ذلك؟! إذا كان بيان الشرطة هو من سمّى تنظيم «الدولة» فلا بد من إضافة عبارة «حسب البيان» وإذا كانت المحطة قد أجرت تحقيقها الخاص فلا بد كذلك من الإشارة. ولن يكون كافياً الاعتماد على عبارات موحية في البيان الأصلي تقول «نعلم أن تنظيم «الدولة الإسلامية» يمول أنشطته الإرهابية الخاصة وخصوصاً الاتجار بالمخدرات التي تصنع في سوريا، وبات لهذا السبب أكبر منتج عالمي للامفيتامينات في السنوات الماضية» أو «كما أكد محققون أن الحبوب كان عليها ختم «كبتاغون» وهو دواء مصنف ضمن خانة المخدرات وغالباً ما يستخدم من قبل مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» خلال القتال».
لا نزعم أن لدى المحطة الفرنسية (لا لأنها منزهة، بل لأن لا معطيات لدينا) نية بتبرئة جهة أو جهات ما من تلك العملية، وربما كان الأمر ببساطة يعود إلى جهل وقلة خبرة محرر الأخبار، أو ربما كسله. وهنا سؤال، أليست غريبة قلة المهنية في الأقسام العربية من محطات التلفزة الأجنبية (بي بي سي العربية باتت مثالاً ناصعاً بالانحدار المهني)؟ هل تتسم القنوات الموازية الناطقة بالفرنسية أو الإنكليزية؟
المهم، حتى لو جاء الخبر من المصدر، وكالة أنباء أو سواها، فإن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتق المحرر الذي سيصدر الخبر للناس، قراءً أو مشاهدين أو مستمعين. من يتابع مختلف قنوات الإعلام العربي يعرف جيداً أنها تعج بالأخطاء ونقص المهنية. هناك بالطبع مناخ مؤسِّس لقلة المهنية هذه، لكن ليس بالوسع إلا الإشارة إلى محرري الأخبار.

 كاتب فلسطيني سوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الرز الخليجي يغير طباع البعض!
    هناك ناس لا يشتري أحد مواقفهم مهما كانت كمية الرز!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول عبدالله السوري:

    بصراحة لايهمني اذا غنت اللااصالة ومجدت السيس او غيره من حثالات العربان ولايهمني اذا كانت تدعم الثورة السورية او الثورة المضادة والسبب اننا نعرف ان هؤلاء يمكن شراء ذممهم وضمائرهم بحفنة من الدولارات وهذا هو ماينطبق على الشق الثاني من المقال وادعاء إعلام الحلف الصليبي يأن المخدرات من انتاج وتصنيع معامل ( الإسلاميين) المنتشرة في الصحراء السورية العراقية وتحت نظر الدرون الصليبية التي ( تلتقط) حثيث ( نملة) الإسلاميين تحت الارض وتقوم يحميهم عن وجه البسيطة او تقطيعهم بصواريخ سكاكين وهذا يذكرنا في اللافتات التي يرفعها متضاهرون في الدول الأوروبية كتب عليها إعلام كاذب ومنافق ولهذا لاتستغرب من هذا الإعلام الصليبي الذي مدح وبجل طبيب العيون المجرم العلوي حامي المسيحيين وزوجته وردة الصحراء ان يزور الحقيقة ويكذب لابعاد الشبهة عن حامي المسيحيين حتى ولو كان الدليل للغبار عليه

  3. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    شكراُ أخي راشد عيسي. الحقيقة جكاية أغنية آصالة محيرة, وأعتقد أن في الأمر خفايا كثيرة. أما حكاية فرانس ٢٤ وأمثالها فهو إستخفاف بعقولنا نحن العرب وياللأسف.

  4. يقول محمد ضرفاوي:

    ليس كل من يسمى أصالة يعد أصيلا،وليس كل ما يلمع ذهبا!! وأما الزبد فيذهب جفاء!

  5. يقول محمد ضرفاوي:

    ليس كل من يسمى أصالة يعد أصيلا،وليس كل ما يلمع ذهبا!! وأما الزبد فيذهب جفاء!
    الشهيد عمر المختار إلى جانب السيسي!!!
    أقول لك يا أصالة بالسوري”يا عيب الشوم!!!!!”

إشترك في قائمتنا البريدية