لا يحتاج الأمر فعلا لـ«تكبير» ولا يحتاج للاسترسال في «التصغير» ليس فقط لأن مشروع الضم الإسرائيلي للضفة الغربية والأغوار يشكل خطرا وجوديا على الأردن وفلسطين.
ولكن لأن العدو الدائم المحتل والذي أصبح شريكا في مرحلة ما بعد أوسلو يعود إلى عادة حليمة القديمة في التوسع والتمدد وعلى نفس أساس «باقية وتتمدد» التي تختص بالإرهاب.
لأسباب كثيرة أصوت لمناقشة عقلانية راشدة هادئة تحاول قراءة ما بين الأسطر وتحفر بالعمق قليلا لفهم مقاصد وخلفيات ودلالات الجدل الذي أثارته شخصية من وزن الدكتور فايز الطراونة عندما طرحت سؤالا أشغل الدنيا وملأ المناخ إحباطا وسلبية بعنوان «شو دخل الأردن بمشروع ضم الأغوار الفلسطينية؟».
أغلب التقدير أن الرجل لا يقصد بصورة محددة التغريد خارج سرب بلاده. بعيدا عن التشكيك والتجريح وحتى عن المزاودة والتكفير والتخوين، أهمية ما قاله الطراونة علنا تنبع من إنكار له أسبابه ولديه رموزه ونخبه في العمق الأردني بذريعة وجود ارتباط عضوي بين مصالح الأردن والشريك الإسرائيلي.
وهو أمر يعكس ايضا وجود تيار حتى في السلطة والقيادة الفلسطينية يؤمن بتلك العلاقة الغامضة ما بين مستلزمات البقاء وامتيازات التعاون والشراكة مع الإسرائيلي المحتل وبين الحقائق والوقائع في جوهرها المتعلق بعملية سلام لم تعد قائمة والقائم الوحيد منها بقايا فتات ومفاوضون حريصون على أن لا يسجل التاريخ «خيبتهم» سواء في عمان أو حتى في رام الله وللأسف لاحقا في الرياض وأبو ظبي وغيرهما من عواصم الخليج الهادر.
رجل دولة من وزن الطراونة خدم في كل المواقع العليا وبين عهدين وكان مفاوضا أساسيا في الاشتباك مع كيان الاحتلال لا تنحصر مجددا أهمية ما قاله في الصدمة التي تسبب بها للرأي العام ولا بمواقفه السابقة أو اللاحقة ولا تغريده خارج السرب الرسمي المعلن في مشروع الضم البائس، بل تكمن الأهمية تلك في أن ما قاله الرجل على نحو أو آخر يعكس قناعات راسخة عند شريحة صغيرة حقا لكنها مؤثرة وتمثل طبقة لا يستهان بها من المسؤولين والسياسيين وحتى الأمنيين.
نقص مرعب في الفكر السياسي الأردني والفلسطيني عندما يتعلق الأمر بالتخطيط وبالعمق الإسرائيلي والخبرة العتيقة في التفكير الصهيوني
تفكير وانحيازات واتجاهات هذه الشريحة طوال الوقت هو الذي يحتاج اليوم للنقاش بصورة مهنية ومسؤولة ووطنية وبدون تجريح أو تجديف أو اتهام. بحكم العمل والاتصال والتواصل والاحتكاك مع الجميع وجدت بعض رموز تلك الطبقة أو الشريحة هنا أو هناك بين الحين والآخر وأساس قناعتها الراسخة هو الإيمان الفعلي بالسلام والتفاوض وبأن بقاء الدولة الأردنية في تركيبتها المستقرة والشرعية طبعا مرهون بمؤشرات ومصالح ومعطيات القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل.
لدي أدلة وقرائن من المبكر التحدث فيها علنا بالأسماء والوظائف لكنها ترجح وأحيانا تثبت وجود طبقة على جناحي نهر الأردن تربط المصالح وتؤمن بأن البقاء مرهون بحالة سلام مع العدو «القوي الشرير» في الكيان الإسرائيلي.
يمكن تلمس المسؤوليات الوطنية لهؤلاء في إطار النظرة لواقع ولميزان القوى ولوضع الأمة العربية. لكن أشعر طوال الوقت بأن هؤلاء مثلا لا يريدون الاصغاء لمفاوض سابق ومتحمس كبير للسلام كان زميلا لهم لسنوات وهو الدكتور مروان المعشر وهو يعلن دوما الآن بأن إسرائيل التي وقعنا معها اتفاقية وادي عربة هي ليست إسرائيل اليوم وبأنها انقلبت على الأردن والأردنيين قيادة وشعبا. وهؤلاء لا يريدون الاستماع لزميلهم وشيخهم في التفاوض الدكتور عبد السلام المجالي وهو يتراجع علنا عن مقولته الشهيرة والتي كانت تحتفل بتوقيع اتفاق وادي عربة لأنه «يدفن الوطن البديل».
وطبعا لا يريدون الاصغاء لما يقوله خبير استثنائي في الصهيونية مثل عدنان أبو عودة وهو يتحدث عن النقص المرعب في الفكر السياسي الأردني والفلسطيني عندما يتعلق الأمر بالتخطيط وبالعمق الإسرائيلي والخبرة العتيقة في التفكير الصهيوني. وليس سرا أن هذه الطبقة من بقايا المؤمنين بالسلام والتطبيع والشراكة مع إسرائيل في مصر والخليج وفلسطين والأردن لأغراض حماية دولهم وكياناتهم يتقصدون تجاهل ما تقوله شخصية مثل الدكتور عون الخصاونة وهي تصف الوطن البديل بأنه كلام فارغ ولا معنى له. وما تقوله شخصية خبيرة وحكيمة مثل طاهر المصري وهي تعبر عن خشيتها من أن يكون سيناريو اليمين الإسرائيلي بعد تصفية القضية الفلسطينية ليستهدف الدولة البديلة وليس الوطن البديل.
يحتاج الدكتور فايز الطراونة ورفاقه الذين يتقلدون مناصب عليا في الماضي أو سيتقلدونها لاحقا إلى الالتزام قبل كل شيء بمضمون ومنطوق الموقف الملكي المعلن ليس فقط عندما تعلق الأمر بالصراع الذي يثيره مشروع الضم ولكن أيضا عندما يتعلق بما قاله الملك أمام الناس في مدينة الزرقاء رافضا التسليم بسيناريو الأوطان البديلة معلنا وبوضوح بأن الأردن «لديه قرار وموقف وجيش عربي وبأن عمان قادرة على الصمود والاشتباك». مجددا وأخيرا وبدون تجريح أو تشكيك على هؤلاء إعادة النظر بانحيازهم لا بل بعقيدتهم أحيانا.
إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»
قناعات البعض عند الاردنيين والفلسطينيين ممن تغريهم الكراسي هي محزنة وملوَّنه وفق قارءة المناخ اليومي في التلفزيون weather reader لا مثل المتنبأ الجوي المحترف الذي يقرأ الحرارة والرياح ويستند الى معادلات رياضية وفلكية ثم يحلل ويشرح ويتوقع . لم تتغير قناعات امتنا الشعبية المؤمنة بإسرائيل . ان ادارة اسرائيل استزراعية تهجيرية زاحفة، لا تريد الا الارض لا من عليها من سكان . والتهجير زاحف بالتضييق الاقتصادي والامني والفتنة … وله طرقه المتعددة لسلخ الناس عن ارضهم many ways to skin a cat ! يعيش ويتمدد على ضعف مناعة الفلسطينين والاردنيين والعرب ثم المسلمين، وعلى الفتنة بينهم . انها معادلة عرفها آباؤنا الذين لم يتخرجوا من معاهد وجامعات غربية بل من مدارس الكتّاب ومدارس الوطن . قناعة حكام اسرائيل لم تعدتخف الا على ضعاف القلوب والايمان والبصيرة . ان إضعاف مناعة الفلسطينيين والاردنيين والتضييق عليهم ماديا يلوي ايد وقناعات فلا تتركوا يا مقتدرين من العرب ،لا تتركوا جند الاردن وفلسطين فريسة لاسرائيل . ويا مؤمنين بفلسطين توحّدوا وصابروا ، فليس لكم الا الله ووحدتكم . اخي بسام البدارين : الاردن وملكه وشعبه ثابتون على ايمانهم ودعمهم لفلسطين وثابتون على الضرّاء وهم بالختام منتصرون
إن تحليلك الهادئ للأمور يبسط الصورة للبسطاء من أمثالي و لكن الجميع يعلم كبيرا و صغيرا يمتهن السياسة أو لاو عندما تجد شخصية بثقل رجل الدولة الطراونة مع حفظ الألقاب لا يلقي بالا لمشروع الضم فإنه بذلك لا ينظر إلا الي المدي القصير و كما قيل من قديم الأزل أوكلت يوم أكل الثور الأبيض
و دمتم و دامت الأوطان بأمان
*بارك الله في كل من يدعم الشعب الفلسطيني
الصامد الأبي ويقف في خندقه.
*الخزي والعار لكل من يقف في خندق الصهاينة المجرمين.
حسبنا الله ونعم الوكيل.