لم تكن في حياة نتنياهو السياسية، كوزير للمالية وكرئيس للوزراء، خطوة اقتصادية لاقت انتقاداً جارفاً من الحائط إلى الحائط بهذا القدر مثلما انتقدت خطة توزيع 6 مليار شيكل لعموم مواطني إسرائيل دون أي معايير اجتماعية غير عدد الأطفال، حتى ثلاثة.
ليست وحدها أسرة الاقتصاديين المهنيين هي التي رفعت صوتاً موحداً وواضحاً ضدها، بل هكذا فعل أيضاً رؤساء الاقتصاد، والنشطاء الاجتماعيون، والسياسيون من معظم الأحزاب بمن فيهم أعضاء الائتلاف، والمحللون، وكثيرون من أوساط المواطنين الذين شعروا بأنه ليس مناسباً وليس أخلاقياً تلقي الأموال النقدية من الدولة. وتركز النقد على انعدام العدالة، بمعنى.. في الدفع المتساوي لمن تضرر من الأزمة ولمن لم يتضرر أو خدش بخفة فقط، وبعدم النجاعة في تحويل مليارات شواكل الدعم من الصندوق المتناقص للطبقات الميسورة التي من شبه المؤكد لن ينفقوا المال على الشراء والاستهلاك بل سيوفرونه في البنك.
رداً على النقد، شرح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء البروفيسور آفي سمحون، أن كان علينا ألا نقدم المنح للعشريات العليا الثلاثة، ولكن “حين تكون سرعة التنفيذ حرجة، فمن الأفضل إعطاء المال حتى لمن لا يستحقه على تأخير إعطائه لمن ينهارون بدونه”. لقد كان هذا ولا يزال خياراً وهمياً ولا يزال حله ممكناً. لقد أدى النقد الغاضب وخلافات الرأي الحزبية أمس إلى إقرار حكومي مبدئي لإطار الإنفاق المخطط له وتأجيل الشكل الذي توزع فيه الأموال إلى بحث إضافي بين رئيس الوزراء ورئيس الوزراء البديل. وهكذا نشأت فرصة رسم خريطة الجماعات الإسرائيلية التي تكون مستحقة للمنحة في كل الأحوال في أقرب وقت ممكن، مثل متلقي بدل البطالة، ومتلقي مخصصات العيش ومخصصات الشيخوخة مع ضمان الدخل، والقسم الأكبر من الأجيرين الذين هم في إجازة غير مدفوعة الأجر، والمستقلين وأصحاب المصالح الذين بلغوا سلطة الضرائب بالضرر العميق في مداخيلهم، والعائلات كثيرة الأولاد في الوسط الأصولي والعربي، وذوي الأجر المتدني الذين يحصلون على ضريبة دخل سلبية، وغيرهم. أما باقي المليارات التي لا توزع، فمن الأفضل استثمارها في الخدمات الصحية والاجتماعية؛ لتغطية عجوزات المستشفيات، وإضافة مِلاكات من الأطباء والممرضات والعاملين الاجتماعيين، لمنح حوافز للعودة إلى العمل والتأهيل المهني، ولمساعدة الجمعيات والقطاع الثالث، وتحسين المساعدة الحكومية للقطاعات والسلطات المحلية المأزومة.
مطلوب أيضاً إدراج فكرة المنح في خطة شبكة الأمان الاقتصادية للأجيرين، والمستقلين وأصحاب المصالح حتى حزيران 2021، والتي سبق أن أقرتها الحكومة. كلفة الخطط تبلغ عشرات المليارات، وفي ضوء هذه المبالغ.. مطلوب وضع ميزانية لـ 18 حتى 20 شهراً ابتداء من أيلول 2020 حتى نهاية 2021، وهذا أيضاً هو اقتراح “أزرق أبيض”. اقتراح صحيح: حان الوقت لأن يوضع على طاولة الكنيست مشروع ميزانية جديد، مرن وكامل، يأخذ بالحسبان سيناريوهات مستقبل كورونا، وبالتالي مستقبل الاقتصاد والمجتمع. هذا سيكون جيداً للنمو وجيد للعدالة.
بقلم: سيفر بلوتسكر
يديعوت 20/7/2020