التاريخ لا يعد فقط رواية وحكاية نطّلع من خلالها على أحداث الماضي البعيد، أو القريب، لكن التاريخ هو مصدر للتأمل في مسار الأمم السابقة، وتجارب الشعوب، ويشكل البوصلة التي تجعل هذه الشعوب، وبالأخص الحكام يتفادون الأخطاء ويراهنون على الصواب لعدم السقوط في الأسوأ. وعليه، نتساءل، هل قرأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، ومعهم محمد بن زايد وآخرون التاريخ؟ ولا نعني التاريخ البعيد، بل التاريخ الذي وقع منذ سنوات قليلة، ومن عناوينه سقوط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
في الدول المتقدمة الديمقراطية يحرص القادة السياسيون، لاسيما الذين يتبوأون مراكز عليا مثل، رئاسة البلاد ورئاسة الحكومة، أو الخارجية والجيش والاستخبارات، على الاستفادة من ثلاثة أشياء، أولا، الوضع الجيوسياسي لدولتهم لمعرفة المحيط الأساسي، الذي تتحرك فيه ومصالحها القومية العليا. ثانيا، معرفة لا بأس بها بالقانون، سواء الوطني أو الدولي، لتجنب الوقوع في الأخطاء التي قد تجر بلادهم إلى مطبات قد تعيق تقدمها، ثم قراءة دقيقة للتاريخ، سواء التاريخ المتعلق بوطنهم أو التاريخ الدولي.
وهذا التاريخ هو البوصلة الحقيقية، فهو سجل وذاكرة الوطن في مختلف الأحداث التي مرّ بها بشقيها الإيجابي والسلبي. ونستحضر أمثلة نعيشها في الوقت الراهن، فقد قررت إسبانيا محاكمة الملك الأب خوان كارلوس، على تورطه في الفساد، نتيجة تلقيه عمولات مالية ورشاوى من السعودية، وجهات عربية أخرى. ولا يتعلق الأمر هنا فقط بإقرار مبدأ محاسبة الجميع على أساس أنهم مواطنون يخضعون للقانون فقط، بل لتفادي تكرار الماضي، الذي أدى إلى مآس. فقد تسامحت إسبانيا مع تصرفات ملوك سابقين وكانت الكارثة، مثل حالة ألفونسو الثالث عشر، جد الملك الأب، الذي يعد من أسباب اندلاع الحرب الأهلية، بسبب ما خلفته قراراته من توتر وسط المجتمع. وتعي الطبقة السياسية الأمريكية جيدا تاريخ الشعوب الأخرى، فهي تعمل على محاصرة انفلاتات الرئيس دونالد ترامب في ملفات عديدة، عبر التشريع والقضاء، لمنع ظهور فلاديمير بوتين أمريكي في البلاد. وتبرز التجربة أن التسامح مع الأخطاء يجعل من تراكمها تقليدا وعرفا يسمح لآخرين بتكرارها وتغييب مصالح البلاد.
ويمرّ العالم العربي في فترة مخاض كبيرة، جعلته خلال المئة سنة الأخيرة يعيش أحداثا كبرى، ما زال يتوارثها جيلا عن جيل، وتتجلى في الاستعمار والاستقلال والنضال من أجل الديمقراطية، واندلاع ربيع الحرية والديمقراطية. ويكفي الحاكم إلقاء إطلالة على التاريخ القريب، أو اللجوء لذاكرة المسنين لمعرفة الكثير من التفاصيل، لتكون بوصلة له. وعليه، عاش العالم وأساسا الدول العربية سقوط أصنام عمّرت كثيرا في السلطة مثل، معمر القذافي في ليبيا، وزين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر، وعبد الله صالح في اليمن، والبشير في السودان واللائحة ستطول وتصبح أكبر مستقبلا.
لقد جاء سقوط هذه الأصنام نتيجة سخط شعوبها عليها، بعدما تحولت إلى مصدر للفساد والاختلاس والقمع. لقد جاء سقوطها، رغم الخدمات التي قدمتها إلى القوى الكبرى، خاصة الغربية، حيث تحولت إلى خادم مطيع لأجندتها، ولنستحضر جميعا كيف منعت فرنسا طائرة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي من الهبوط في مطاراتها، واضطر إلى الهروب إلى السعودية، في بداية ربيع الحرية. نعم فعلت فرنسا كل هذا، رغم أن بن علي كان بيدقا حقيقيا لمصالح باريس. ساعة الحقيقة، لم تنفع المخابرات، ولا المؤسسة العسكرية، ولا السياسية هؤلاء الديكتاتوريين المارقين، وكان مصيرهم بين السجن والمنفى.
التسامح مع الأخطاء يجعل من تراكمها تقليدا وعرفا يسمح لآخرين بتكرارها وتغييب مصالح البلاد
ونتساءل: هل قرأ الديكتاتوريون الجدد سيرة ديكتاتوريي السلف؟ هل اطلع محمد بن زايد الإماراتي ومحمد بن سلمان السعودي، وعبد الفتاح السيسي المصري على تاريخ بن علي والقذافي ومبارك وعمر البشير وولد الطايع و… كل المعطيات تشير إلى غياب الذاكرة التاريخية لهؤلاء وآخرين في العالم العربي. وبدل الاستفادة من التاريخ الحقيقي، يرغبون في تجسيد مستفز لتاريخ وطنهم في مسيرتهم وحياتهم، وكأن الوطن يولد ويموت مع ولادة وموت هؤلاء الأشخاص.
ما يفعله الحكام العرب، وعلى رأسهم هذا الثلاثي، من هدر لموارد الوطن، ومن تمويل للثورات المضادة، والدوس على حرية الشعوب، هو تكرار لما قام به القذافي ومبارك وبن علي وآخرون. وبدأ هؤلاء يؤدون الفاتورة في وقت قصير، لقد فتح القضاء الفرنسي تحقيقا بشأن جرائم محمد بن زايد في اليمن، ولن يكون الملف الأول أو الأخير، ولن ينفعه جيشه الجرار من المستشارين القانونيين في تأمين، ولو زيارة لباريس ابتداء من اليوم. وأصبح بن سلمان مشتبها فيه في أعين العالم، بشهادة الأمم المتحدة في ملف الصحافي جمال خاشقجي، ووقّع السيسي على إفلاس مصر، بعدما تسبب في كارثة سد النهضة الإثيوبي، نتيجة تغليبه ملاحقة المواطنين الأحرار، بدل الاهتمام بهذا الملف المصيري، ونتيجة جهله بالقانون بعدما قبل بوثيقة 2015.
لم تنفع استثمارات البعض في أوروبا والولايات المتحدة طوق نجاة، ولم تشفع الخدمات الاستخباراتية والأمنية التي قدموها إلى الغرب ضد مصالح الشعوب العربية. الحكام العرب لا يقرأون التاريخ، لو قرأوه لما ارتكبوا الأخطاء الفادحة، عفوا، الجرائم في حق شعوبهم وأوطانهم. ونكرر التساؤل: هل قرأ السيسي وبن زياد وبن سلمان سيرة بن علي والقذافي وعمر البشير؟
كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»
قبل ولاية بن سلمان تحجج محور أعداء العرب أن السعودية منهوبة من آلاف أمراء ومتنفذين وتضطهد نساء وأديان وأرامكو ملك آل سعود والسعودية والإمارات تكدس أسلحة بمليارات لتصدأ، والآن يبكي أعداء العرب ملاحقة السعودية أمراء ومتنفذين ورفع ظلم نساء وأديان وتحول أرامكو لمساهمة عامة بقيمة سوقية 2 تريليون وينصدم المحور لاستعمال السعودية والإمارات أسلحتها لصد عدوان إيران على الجزيرة العربية بقوة عربية هائلة غير قابلة للاستنزاف بل استنزاف موارد إيران وأذنابها حتى انتفضت شعوب إيران والعراق ولبنان وأفغانستان عليها
اعتقد بان في تعليقك شيء من الحق الذي اريد به باطل.. اغلب مصائبنا تاتي من محور الشر المتمثل بالسعودية و بن سلمان
لا شك أن الإستبداد له أشكال مختلفة فبالنسبة لبن على استبداده كان للرأي والإستفراد بالحكم.
ثار الشعب على استبداد بن علي ليحكم تسعة رهط من النهضة أسماؤهم معروفة ومتداولة في المواقع الإجتماعية.
الرهط الذي حكم بعد الثورة؛ مباشرة ومن وراء الستار؛ استبد بالذين ثاروا على بن علي ليستيقظوا على استبداد من نوع آخر.
بن سلمان وبن زايد ينفخان في جمر انطفأ علما أن النهضة قد سبقتهم في الثورة المضادة بتسهيل عودة أعضاد بن علي للواجهة السياسية ثم تحالفت مع الدولة العميقة.
وهل قرا من كان قبلهم التاريخ لكي يقراه هؤلاء ولكنك يا عزيزي الكاتب نسيت امرا مهما وهو ان التاريخ هو سبب بلاوينا كذلك فهؤلاء قراوا سيرة معاوية وابو العباس السفاح وسيرة سلاطين العثمانيين واخرهم سيرة صدام وكيف استطاعوا التخلص من اعداءهم ومن فيهم ابناءهم واخوانهم لكي يبقوا في الحكم
نعم الحكام يقرأون التاريخ، ويقولون من سبقنا “كان مغفلا ولن نسقط في أخطائه”، وما يقع هو سقوطهم مرة ثانية وثالثة في أخطاء السلف. مقال ممتاز أستاذ المجدوبي ونعم التفكير
السؤال ليس هل يقرؤون التاريخ أم لا . بل السؤال هل يملكون قرارهم أم لا . الجواب واضح: لا. وبالتالي الكرة في ملعب الشعوب والنخب التي تمثل الشعوب وليس في ملعب الحكام لأن هؤلاء مرفوع عنهم القلم.
يا استادنا الفاضل لا اظن مطلقا ان الانظمة العربية تهتم بالقراءة وبدروس التاريخ او بالعلم بصفة عامة فلا ابالغ ان قلت ان المعرفة والعلم والوعي من الد اعداء هده الانظمة الغارقة في الجهل والتجهيل فكيف تريد منها يا سيدي ان يستفيدوا من دروس التاريخ الكثيرة؟ كيف لانظمة تحارب التعليم وتجعله في ديل الترتيب وتطلق النكاث في حق منتسبيه ان تقرا؟ الحقيقة واضحة يا استادنا الفاضل ففي جغرافيتنا العربية المنكوبة لا يهم العلم او الدكاء او الدهاء السياسي او العبقرية او ما شابه دلك فلا باس ان كان الحاكم جاهلا في بلدان ادمنت الجهل وكل ما يؤدي الى الانحدار والانحطاط ولعل ما يقع من ماسي وكوارث وفواجع يبين دلك بكل وضوح.
لا يعرف الحاكم المستبد القراءة،فهو في غنى عنها ،فالتقارير تصله أول بأول……نادرا ما رأينا حاكما متعلما من العالم الثالث.
يا سيد تيسير خرما لا تحاول تزييف الحقائق ولا تحاول الدفاع عن محور السعودية والامارات فهدين البلدين كانا ولا زالا الخنجر المسموم في خاصرة العرب وانا هنا لا ادافع عن الانظمة الاخرى فكلهم سواسية فالمواجهة الحقيقية هي ضد العدوان الصهيوامريكي الدي يهدف الى قتل العرب وتدمير اوطانهم وتخريبها وسرقة مواردهم وهدا واضح لا يحتاج الى دهاء او دكاء لكي يرصده المرء فالمشكلة تكمن في قول الحقائق كما هي وهدا ما نجده غائبا في تعليقك بكل اسى واسف.
حتى و إن قرؤوها لن يفقهوها …. بل ران على قلوبهم !
لله نشكوهم …..|
الإنقلابي الفاشل السيسي لا يجيد الكلام فكيف يجيد القراءة ؟
ابتليت الأمة العربية بهذه الأشكال. فاللهم ارفع عنَّا هذا البلاء.