إسطنبول -«القدس العربي»: تتصاعد التهديدات والاستعدادات المصرية لما يقول الإعلام المصري إنه تدخل عسكري قريب في ليبيا لمواجهة «التدخل التركي والجماعات الإرهابية»، ويجري تصوير الأمر على أن مواجهة حربية واسعة سوف تجري بين الجيشين المصري والتركي على الأرض الليبية، وهو سيناريو يبدو مستبعداً لدرجة كبيرة لكثير من الأسباب.
ويواجه التدخل العسكري المصري في حال وقوعه فعلياً في ليبيا معضلات كبيرة تجعل منه صعباً ومكلفاً على أصعدة مختلفة أبرزها شعبياً وعسكرياً وقانونياً واقتصادياً، فالواقع على الأرض إذا نفذت القاهرة تهديداتها لن يكون كما يصوره الإعلام الرسمي والموجه، وإنما سيكون مختلفاً تماماً.
فتصوير الأمر على أن مواجهة مباشرة سوف تحصل مع تركيا أمر بعيد جداً عن الواقع، فتركيا ليس لديها قوات قتالية مباشرة في ليبيا، ومنذ بداية التدخل العسكري التركي في ليبيا اقتصرت مهام الجيش التركي على التخطيط والقيادة وتقديم الدعم الاستخباري وتوفير الغطاء الجوي بالطائرات المسيرة على أبعد تقدير.
وانطلاقاً من ذلك، فإن الجيش المصري، وفي حال تدخل فعلياً في ليبيا، لن يكون في مواجهة مع الجيش التركي، وإنما سيكون في مواجهة حقيقية ومباشرة مع قوات حكومة الوفاق الليبية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي والتي تكتسب شرعية دولية واسعة وتحصل على دعم وتنسيق مع تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا والعديد من الدول الكبرى حول العالم.
هذا السيناريو وفي حال حصوله، سوف يضع مصر وجيشها في موقف محرج للغاية أمام المجتمع الدولي، ورغم أن قوات حكومة الوفاق ستحصل بالتأكيد على دعم تركي في حصول مواجهة عسكرية مع مصر إلا أنها تبقى قوات الحكومة الشرعية، وحتى أن تعاونها العسكري مع تركيا يأتي في إطار اتفاقية رسمية للتعاون العسكري وهو حق يحفظه لها القانون الدولي.
وحصول هذا السيناريو، على الصعيد الداخلي في ليبيا، لن يكون في مصلحة مصر لا على المدى القصير ولا الطويل، فحدوث معارك عسكرية مع حكومة الوفاق سوف يظهر الجيش المصري وهو يقاتل قوات ليبية ويقتل ويجرح من أبناء الشعب الليبي، وهو ما سيؤدي تدريجياً إلى تراجع أي دعم شعبي سياسي أو شعبي تلقته القاهرة من أطراف ليبية.
وإذا ما حدث هذا السيناريو؛ أي مواجهة الجيش المصري مقاومة شعبية متزايدة من قبل قوات حكومة الوفاق، وهو ما قد يتحول إلى قتال مليشيات وعشائر، فلن تكون القاهرة قادرة على حسم المعركة عسكرياً بشكل كامل وإنهاء حكومة الوفاق، ولن تكون قادرة على الانسحاب بسهولة من الأراضي الليبية في حال دخولها، لتكون مشهداً مشابهاً تماماً لما يحصل مع السعودية في اليمن، حيث لا تستطيع الرياض حسم المعركة عسكرياً ولا إنهاء الحرب لعدم تحقيقها أي إنجاز عسكري يذكر.
وإلى جانب البعد الشعبي والعسكري، هناك بعد قانوني ودولي لا يقل أهمية، فحكومة الوفاق ورغم الخلافات حولها، تتمتع بشرعية دولية بموجب قرارات للأمم المتحدة، وتستطيع التحرك في المحافل الدولية والضغط على مصر وربما إصدار قرارات أممية جديدة ضد التدخل المصري في حال وقوعه، لا سيما أنه لا يبدو أن الولايات المتحدة أو روسيا داعمة لهذا التدخل المتوقع، وبالتالي لن تجد قوة كبرى مستعدة لتعطيل قرارات أممية ضد تدخلها العسكري في ليبيا.
يضاف إلى ذلك كله البعد الاقتصادي، فأي تدخل عسكري لن يكون خاطفاً وربما يمتد لأشهر أو لسنوات، وهو قد يحتاج إلى تغطية مالية كبيرة لا يبدو أن القاهرة التي تعاني من صعوبات اقتصادية متزايدة ومشاكل تتعلق بالفشل في مكافحة انتشار فيروس كورونا، قادرة على تحمل هذه الأعباء التي يعتقد أن الإمارات تعهدت بتغطيتها في المرحلة الحالية، لكن لا أحد يضمن استمرار ذلك إلى النهاية، لا سيما وأن الأخيرة تعاني أيضاً من التبعات الاقتصادية الكارثية لانتشار فيروس كورونا وتوقف حركة الاقتصاد العالمي.
ومن شأن أي تدخل عسكري أن يكون كفيلاً بزيادة الأعباء الاقتصادية على الحكومة، وبالتالي تراجع الأوضاع الاقتصادية للمواطنين المصريين، وهو ما قد يولد خشية متزايدة لدى الحكومة المصرية من حصول تحركات ضدها بدوافع اقتصادية.
اللهم انصر حكومة الوفاق الشرعية على فرعون مصر المستبد وجنوده.
السيسي الطاغية الفاشل يلعب بالنار و يسير بمصر نحو الهاوية.
فاللهم خلّص مصر و العالم منه إنك على كل شيء قدير.