تحدّث الرئيس التونسي قيس سعيّد أمس الأربعاء مهددا «من يتآمرون مع الخارج على الشرعية»، وتزامن هذا الاتهام لـ«المتآمرين» مع زيارة سعيّد لمقر قيادة فيلق القوات الخاصة للجيش التونسي، ومقر وزارة الداخلية في العاصمة التونسية، واعتباره أن القوات المسلحة «ستواجه بقوة كل من يتعدى على الدولة» أو «يفكر مجرد التفكير بتجاوز الشرعية»، وأن الجيش التونسي «لا يقبل إلا الانتصار أو الاستشهاد».
حمل خطاب سعيّد حدّة وصرامة، ولعلّ من أهم ما يلفت النظر فيه هو الحديث الصريح عن «مؤامرات تحاك» وعن «فوضى يسعون إلى إدخالها إلى البلاد»، وبالتهديد المعلن باستخدام القوّة العسكرية والأمنية ضد من يمكن أن يعتدي على الدولة، أو يفكّر بتجاوز الشرعيّة، وكذلك باستخدام لغة حربية تتضمن التضحيات والانتصارات والشهداء.
تخوض تونس أزمة سياسية متعددة الجوانب، من أهم مظاهرها تقديم رئيس الوزراء الياس الفخفاخ استقالته للرئيس، بالتناظر مع متابعة «الحزب الدستوري الحر»، من أنصار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وكذلك جماعات سياسية أخرى، تمارين «الحرب الأهلية» ضد حركة «النهضة»، ويتابع سكان منطقة الكامور في ولاية تطاوين الغنيّة بالموارد الطبيعية كالنفط، اعتصاماتهم وإضراباتهم بعد أن سئموا المماطلة في تطبيق الاتفاق الذي وقّع مع الحكومة عام 2017 (بعد محاولة فض فاشلة لاعتصامهم آنذاك)، ويجري كل هذا معطوفا على وضع اقتصادي صعب تعيشه البلاد نتيجة تداعيات أزمة كورونا.
ما زالت التجربة الديمقراطية التونسية الناجي الوحيد عمليا ضمن سلسلة الثورات العربية الدامية، والتي تعرّضت شعوبها لأشكال من الوحشية والعنف والقمع غير المسبوق، وانزلقت بلدانها إلى أشكال من الاحتلالات الأجنبية، وانفراط أي معنى للسيادة الوطنية فيها، وانتشار الحروب الأهلية الظاهرة أو المستترة، وهو ما يجعلها تتعرّض بالفعل إلى «مؤامرات»، كما ذكر الرئيس سعيّد أكثر من مرة، وخصوصا من قبل الجهات الإقليمية الراعية للثورة المضادة في الإمارات ومصر والسعودية.
عملت هذه الجهات على تمكين انقلاب عبد الفتاح السيسي في مصر، ورعاية ظاهرة نشوء واستقواء خليفة حفتر في ليبيا، ورغم امتطائها ذريعة مكافحة «الإخوان المسلمين»، فإن المقصود الحقيقي يتجاوز الجماعات الإسلامية إلى كسر أي حراك سياسيّ ديمقراطي، ورغم ترويجها أو دعمها للاتجاه السياسي لأنصار الرئيس التونسي المخلوع، أو لبعض التيارات اليسارية، فإن مطلوبها الحقيقي هو كسر الديمقراطية الوليدة، بحيث لا يبقى في الساحة إلا العملاء المباشرون القادرون على تنفيذ عمليات الإجرام المنظم، كما هو الحال في اليمن وليبيا وغيرهما.
ربما تكون الأزمة السياسية والاقتصادية التونسية صعبة، لكنّ التجارب العربيّة الكثيرة برهنت على أن اللجوء للجيوش والأمن لغير شؤون الحفاظ على صيانة العملية السياسية السلميّة، بما فيها الاعتصامات والإضرابات، و«أحاديث المآدب» (كما اشار الرئيس التونسي)، هو أمر خطير، فخروج الجيوش من الثكنات (بدعوة من «الشرعيّة» أو غيرها) خطر على السلم العام وكذلك على الشرعيّة، التي لا تنفصل فيها الرئاسة عن الحكومة والبرلمان.
يجب حل ما يسمى زورا بالحزب الدستوري الحر. شرذمة من أيتام بن علي تحاول افشال تجربة تونس الملهمة. رواتب هؤلاء المتصهينين تأتي من ألو ظبي والرياض (القاهرة بح ماكو فلوس). يجب زج المدعوة عبير مرسى وزبانيتها في السجن لما يمثلوه من خطر على الأمن القومي.
يتآمر عليها أبنائها قبل غيرها. فأبنائها هم الذين فتحوا مجال التدخل الخارجي لاسيما الاماراتي المعلروف عليه بالدور التخريبي. حاولت الامارات التدخل في الحراك ولكن هذا الأخير وبمساعدة بعض القوى النزيهة في السلطة منعوا ذلك من البداية كما منعوا التدخل الفرنسي. ولو سمح لهما لأعاثا فسادا ودمارا وأوقعا القتلى وربما ادى ذلك الى حرب أهلية.
كل نزاع داخلي لايجب بأية صفة أن تكون له أبعاد اقليمية أو دولية. ولنا في ليبيا واليمن والصومال وسوريا أمثلة على ذلك.
تونس تحتاج الى أن تحل مشاكلها بنفسها كما صنعت هي تلك المشاكل. هنا ستنتهي نظرية الفتنة”أو الفوظى الخلاقة” للامارات ومصر وغيرهما.