القاهرة ـ «القدس العربي»: تقدم عدد من نواب تكتل 25 ـ 30 المعارض في البرلمان المصري، بينهم أحمد طنطاوي وهيثم الحريري ومحمد عبد الغني، بخطابات لرئيس مجلس النواب لعقد جلسة عامة طارئة وسرية، غدا الأحد، لمناقشة كافة القرارات والإجراءات اللازمة في مواجهة قضية سد النهضة، فيما واصلت إثيوبيا تصريحاتها المحتفية بإنهاء المرحلة الأولى من الملء.
وطالب النواب في خطاباتهم بحضور رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الدفاع والإنتاج الحربي، والخارجية، والموارد المائية والري.
ودعوا لإطلاع البرلمان على كامل التفاصيل المتعلقة بالموقف الحالي في قضية سد النهضة، والخطوات الواجب اتخاذها على كافة المستويات، في ضوء المستجدات، وآخرها إعلان وزير الخارجية الإثيوبي انتهاء المرحلة الأولى من ملء خزان السد مخاطبًا شعبه: «تهانينا. كان نهر النيل والآن أصبح هناك بحيرة، ولن تتدفق مياهها نحو النهر. منها ستحصل إثيوبيا على ما تحتاج إليه من أجل التنمية. في الحقيقة النيل لنا»، وكذلك ما أعلنه العديد من المسؤولين الإثيوبيين بينهم رئيسة الدولة من أن «السد وصل الآن إلى نقطة اللاعودة».
واجب دستوري
وأكدوا أن المسؤولية الوطنية والواجب الدستوري يفرضان على البرلمان القيام بدوره في هذه القضية التي يرتبط بها وجود الشعب المصري وبقاء الدولة المصرية، وهو واجب تأخر عنه المجلس طويلًا تاركًا للسلطة التنفيذية منفردة إدارة هذا الملف الأخطر في تاريخ الوطن بالطريقة التي أوصلتنا لتلك النتيجة بالغة الخطورة، علمًا بأن الوقت الذي أهدرناه بالسنوات بات الآن محسوبًا علينا بالساعات، وإن التأخر أكثر من ذلك في معالجة جادة وشاملة وصارمة للموقف سوف يفرض علينا واقعًا يستحيل معه الوصول إلى حلول حقيقية ما زالت في الإمكان إلى الآن.
وزادوا: المصالح العليا للدولة مثلما توجب فورًا اتخاذ عدد من القرارات والإجراءات، فإنها كذلك تفرض عدم الحديث في كثير منها في العلن.
ويشعر المصريون بالقلق خاصة بعد إعلان إثيوبيا انتهاء المرحلة الأولى من ملء خزان سد النهضة بشكل فردي دون التوصل لاتفاق مع مصر والسودان، وفي ظل التصريحات المستفزة التي يطلقها مسؤولون إثيوبيون، وكان آخرها للخارجية الإثيوبية، التي وصفت أمس الجمعة، بدء عملية ملء سد النهضة بـ«نصر دبلوماسي».
وقالت المتحدثة باسم الوزارة، دينا مفتي، في مؤتمر صحافي، إن «ملء السد بنجاح نصر دبلوماسي عزز مصداقية إثيوبيا على الساحة الدولية».
وأضافت: «لقد توصلت الدول الثلاث (إثيوبيا ومصر والسودان) إلى تفاهم مشترك وانتهت (القمة الأفريقية) بنجاح، وكان ذلك انتصارا للدول الثلاث ».
وكان وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندارغاشيو، قد قال في تصريحات له أول أمس الخميس، إن بناء سد النهضة أحدث تغييرا في الجغرافيا السياسية للمنطقة.
وأضاف أثناء حديثه في الاجتماع الدوري لمجلس التنسيق العام لسد النهضة، أن دولة المصب الأخيرة ـ في إشارة إلى مصر ـ ظلت لسنوات تبذل جهودا لحرمان بلاده من الاستفادة من النهر.
أكدوا أن التأخر في معالجة جادة سيؤدي لصعوبة التوصل إلى حلول
وتابع «ظلت دولة المصب الأخيرة لسنوات طويلة تبذل جهودا لحرمان دولة المنبع من الاستفادة من نهر النيل، وهي رؤية تبنتها هذه الدولة لسنوات دون أن نستفيد من المياه، وظلت هذه الدولة تتبنى هذه الرؤية كهدف. هذا الأمر لا نجد له مثيلا في العالم».
كما قال الوزير الإثيوبي «ما قمنا به من بناء سد النهضة هو بمثابة تغيير هذه الرؤية والأهداف، وأحدثنا تغييرا في التاريخ والجغرافيا السياسية للمنطقة وترسيخ العدالة، وسد النهضة ستكون آثاره إيجابية على شعوب المنطقة».
أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، عباس شراقي، قال إن إيراد نهر النيل سيصل مصر متأخرا هذا العام لنحو 3 أسابيع، بسبب سد النهضة الإثيوبي.
ولفت في تصريحات صحافية، أن إثيوبيا حجزت المياه خلف سد النهضة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من تموز/ يوليو الجاري، ولذلك الفيضان سيصل إلى مصر بشكل متأخر.
وأضاف أن صور الأقمار الصناعية تظهر حجز بحيرة سد النهضة قرابة الـ5 مليارات (متر مكعب) من المياه، وأنها امتدت إلى حوالى 35 كيلومترا، بمتوسط عرض 3 كيلومترات، وعمق 45 مترا، مشيرا إلى أن مياه الفيضان تتدفق حاليا من أعلى الجزء الأوسط من السد البالغ عرضه حاليا 280 مترا.
ولفت إلى أن معدل التصريف اليومي خلال الأسابيع المقبلة سيصل إلى أكثر من 500 مليون متر مكعب يوميا، ومن المتوقع حدوث فيضانات في السودان في منتصف أغسطس/ آب.
وأكد أن إعلان إثيوبيا إتمام عملية الملء الأولى يخالف كل نتائج المفاوضات واجتماعات القمة مع الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، مضيفا أن التوصل لاتفاق خلال مفاوضات الأيام المقبلة سيعطي إثيوبيا شرعية التخزين، أما إذا لم يتم الاتفاق حتى أول تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، مع غلق البوابات الأربع، فإن ذلك يعد تخزينا دون اتفاق، ويتصاعد الموقف في مجلس الأمن بارتكاب فعل يهدد الأمن والسلم في المنطقة.
والثلاثاء، عقدت قمة أفريقية افتراضية مصغرة بشأن سد النهضة، بمشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الجنوب أفريقي ورئيس الاتحاد الأفريقي سيريل رامافوزا، ورئيسي الوزراء، السوداني عبد الله حمدوك، والإثيوبي آبي أحمد.
وفي اليوم ذاته أقرت أديس أبابا باكتمال المرحلة الأولى من مل سد النهضة، بعد أيام من نفي إثيوبي رسمي للملء.
وقال مكتب آبي أحمد، في بيان على تويتر آنذاك: «أصبح من الواضح على مدى الأسبوعين الماضيين في موسم الأمطار أن عملية ملء سد النهضة في السنة الأولى قد تحققت وأن السد قيد الإنشاء».
مواصلة التفاوض
والأربعاء، أعلنت الخارجية المصرية، في بيان، التوافق خلال القمة الأفريقية على مواصلة التفاوض، وضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا، يتضمن آلية لفض النزاعات بين الأطراف الثلاثة.
يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان السودان «انحسارا مفاجئا» في مستوى مياه نهر النيل، وخروج عدد من محطات مياه الشرب عن الخدمة، وإعلان مصر بدء خطة شاملة لترشيد استهلاك المياه، بحثا عن مَخرج في ظل استمرار الخلافات مع إثيوبيا.
وتتمسك إثيوبيا بملء وتشغيل خزان السد خلال موسم الأمطار الحالي الذي بدأ في يوليو/ تموز الجاري، فيما ترفض مصر والسودان إقدام أديس أبابا على هذه الخطوة قبل التوصل إلى اتفاق ثلاثي.
وتخشى مصر المساس بحصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتطالب باتفاق حول ملفات، بينها أمان السد، وتحديد قواعد ملئه في أوقات الجفاف. فيما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر ولا السودان، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الكهرباء وتحقيق التنمية.