وزيرة خارجية إسبانيا: العالم أمام “عولمة جديدة” بعد كورونا

حجم الخط
0

أنقرة: قالت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانتشا غونزاليس لايا، إن فيروس كورونا سيجلب للعالم نوعا جديدا من العولمة، مشيرة إلى أن هناك تحركا متسارعا نحو “الرقمنة”.

وأضافت الوزيرة أنها رغبت في بدء جولتها خارج الاتحاد الأوروبي بعد الإغلاق الذي تسبب به كورونا، من تركيا، لمناقشة عدة قضايا، مثل إعادة التوطين، والتطورات في البحر المتوسط، وليبيا، وسوريا.

ولدى سؤالها عن تعاطي بلادها مع الفيروس، قالت لايا إنه تمت السيطرة على الوباء في إسبانيا، مضيفة: “اتخذنا تدابير لتعقب وتتبع المواطنين المصابين، وتتبع اتصالاتهم، وعزل المصابين منهم، وضمان التباعد الاجتماعي بشكل مشدد، حتى نتمكن من حماية المجتمعات المجاورة”.

واستدركت موضحةً أن بلادها كحال جميع دول العالم، ستتعايش مع فيروس كورونا إلى حين إيجاد لقاح أو علاج للوباء الذي أصاب الملايين.

ورأت الوزيرة أن كورونا سيجلب نوعا جديدا من العولمة، وقالت: “ما نراه مع فيروس كورونا هو العديد من الاتجاهات التي برزت من قبل. كنا نشهد تحركًا نحو الرقمنة وقد تسارعت وتيرته ضمن الأزمة؛ رأينا هذا في التعليم، والمدفوعات، وفي التسوق عبر الإنترنت”.

وأوضحت أن هناك ميلا إلى ممارسات أكثر استدامة في مجال الإنتاج والاستهلاك، والاعتماد على الاقتصاد القائم على مصادر طاقة منخفضة الكربون، مضيفةً أن “كل هذا تسارع مع انتشار الوباء لأننا أدركنا أهمية إدارة اقتصاداتنا بنحو أكثر استدامة”.

وأعربت عن اعتقادها بأن عالم الغد لن يكون عالما متفكك العولمة؛ قائلة: “أعتقد أنه عالم سيشهد نوعا جديدا من العولمة، وإن الطاقة التي تقوي العولمة في المستقبل هي التكنولوجيا، ولذلك كلنا بحاجة للتأكد من أن التكنولوجيا متاحة لجميع المواطنين بأسعار معقولة لجميع الشركات”.

واختتمت الوزيرة الإسبانية حديثها عن “عولمة من نوع جديد” ما بعد كورونا، بالقول إن جميع مواطنينا وجميع أعمالنا جزء من موجة العولمة الجديدة التي تسمى التكنولوجيا الرقمية.

تحالف الحضارات

وعلى صعيد آخر، أكدت الوزيرة أن بلادها وتركيا اتفقتا على تمديد جدول أعمال تحالف الحضارات لمدة 15 عاما أخرى، لمعالجة قضايا مثل كراهية الأجانب والتمييز في المجتمعات.

وبمبادرة مشتركة بين الحكومتين التركية والإسبانية، تأسس تحالف الحضارات عام 2005، وهو منظمة دولية تشجع الحوار بين الحضارات والأديان لمحاربة الأفكار الجامدة والمواقف السلبية تجاه الشعوب، وكذلك لتشجع على لقاء الحضارات في كنف التسامح والعمل المتشارك.

وفي هذا الصدد أكدت “لايا” على أن وضع جدول أعمال تحالف الحضارات قبل 15 عاما كان بمثابة إجراء له علاقة كبيرة بـ (أحداث) 11 سبتمبر(2001) ومنع رد فعل عنيف ضد المسلمين.

وتابعت: “الآن، وبعد 15 عاما، أعتقد أنه من الإنصاف القول إنه ربما يتعين علينا توسيع جدول الأعمال”.

ومضت قائلة: “جدول أعمال التحالف يضم اليوم مكافحة كراهية الأجانب والتمييز، وفهم التنوع، ومكافحة التطرف، وأيضاً، الأحكام المسبقة ضد المهاجرين”.

وأكملت: “لقد اتسع نطاق جدول الأعمال؛ وما اتفقنا عليه اليوم هو أن نستثمر أكثر في إعادة تحديد جدول أعمال إيجابي للسنوات الخمس عشرة المقبلة استنادا إلى الخبرة المكتسبة من السنوات الخمس عشرة الماضية”.

أزور تركيا لبناء الثقة بينها وبين الاتحاد الأوروبي

وفي معرض تأكيدها على أن إسبانيا إحدى الدول الرئيسية التي تدعم عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، عبرت الوزيرة عن اعتقادها بأن المفقود هو الثقة، وقالت: “الغرض من زيارتي لتركيا هو التأكد من أننا نبني الثقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي”.

توأمة مثيرة للاهتمام بين مدن تركية وإسبانية

وبشأن خطة العمل المشتركة الموقعة بين تركيا وإسبانيا عام 1998، قالت “لايا” إن الاتفاق كان مفيدا جدا في ترسيخ العلاقات العميقة جدا بين تركيا وإسبانيا، فقد بلغ حجم التبادل 12 مليار دولار سنويا مع فائض جيد في التجارة.

وتابعت: “لم يقتصر ذلك على الجانب الاقتصادي والتجاري فحسب، ولكن هناك أيضا حوارا عميقا بين وزيري الدفاع ووزيري الداخلية، وحوارا منتظما بين وزارتي الخارجية، كما حصل بيننا تعاون في مجالات مثل السياحة والصحة، لذا، فعلاقاتنا واسعة جدا، نمت مع مرور الوقت، بالمناسبة، ليس فقط على مستوى الحكومات ولكن أيضا على مستوى المدن”.

ومضت قائلة: “هناك عملية توأمة مثيرة جدا للاهتمام بين مدن أنقرة، إسطنبول، قونية، أنطاليا، في تركيا وشقيقاتها في إسبانيا، كما أن العديد من الطلاب الإسبان يحبون المجيء إلى تركيا للاستفادة من منحة إراسموس، والطلاب الأتراك يحبون الذهاب إلى أوروبا ليستفيدوا من المنحة”.

واستطردت: “التعاون والروابط واسعة جدا وعميقة، ونريد تعميقها أكثر، لأننا نرى من كلا الجانبين أن هناك فرصا يمكن استغلالها بشكل أفضل”.

داعش و”بي كا كا” و”غولن”
وفي معرض تعليقها على خوض تركيا معارك متعددة الأبعاد ضد منظمات مختلفة مثل “بي بي كا / ي ب د” و”غولن” و”داعش”، قالت الوزيرة إن بلادها تعي جيدا ضرر الإرهاب لأن إسبانيا عانت منه.

وأضافت: “إسبانيا تشارك تركيا في الحرب ضد داعش، ونتعاون كثيرا داخل الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم. إنها قضية تجري فيها وزارتا الداخلية في كلا البلدين حوارا مما قد يتعمق أكثر للمضي قدما فيها”.

دعوة لوقف إطلاق النار في ليبيا

ودعت الوزيرة لايا أطراف الصراع في ليبيا إلى وقف إطلاق نار غير مشروط، والعودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية سياسية برعاية الأمم المتحدة بموجب مخرجات مؤتمر برلين.

وقالت إن البحر المتوسط بحر مشترك تتقاسمه بلادها مع تركيا واليونان وقبرص وليبيا وإيطاليا وفرنسا والجزائر والمغرب، لذا جميع تلك الدول مسؤولة عن وجود السلامة والأمن فيه.

وتابعت: “لهذا السبب نشعر بالقلق في إسبانيا إزاء ما يحدث في ليبيا، لأنها تشكل تهديدا لأمن البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي فهي تشكل تهديدا لأمن إسبانيا”.

ومضت قائلة: “هذه رسالة أحضرتها إلى أنقرة، هي دعوة إلى وقف إطلاق النار غير المشروط من قبل جميع الأطراف المعنية في النزاع في ليبيا، ولضغط الأطراف في ليبيا، والعودة إلى طاولة المفاوضات للتفاوض على تسوية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة في عملية برلين”.

الهجرة غير النظامية

وفي تعليقها على التحديات التي تواجهها تركيا في ملف الهجرة ومكافحة الإرهاب، قالت الوزيرة الإسبانية إن بلادها تشارك أنقرة الكثير من المخاوف بشأن الهجرة غير النظامية لأن بلادها أيضا تواجه نفس التحدي.

وقالت إن “الأمر ليس في عدم فهم التحديات التي تواجهها تركيا، نحن نواجه نفس التحديات والمصاعب، وأعتقد أن أفضل طريقة لمواجهة الهجرة غير النظامية هي الحس بالمسؤولية المشتركة والحوار”.

وأضافت أن أوروبا تدرك حجم التضامن الهائل الذي أظهرته تركيا للاجئين من سوريا، ولهذا دعمت أوروبا تركيا وتواصل دعمها بشكل كبير في جهودها لاستضافة اللاجئين السوريين.

جبل طارق

ولدى ردها على سؤال حول ما إذا كانت تعتقد بأن هناك حاجة لتصويت عام جديد في منطقة جبل طارق (التابعة للتاج البريطاني) في الفترة بعد بريكست، لا سيما بعد الاستفتاءات الثلاثة التي صبت في صالح المملكة المتحدة في جبل طارق سابقا، قالت الوزيرة إن “مسألة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تشكل نصف القصة، أما النصف الآخر فهو ما نوع العلاقة التي ستتمتع بها المملكة مع بقية دول الاتحاد بعد بريكست”.

وأضافت: “هذا ما نحاول بناؤه الآن، وهذا الأمر يؤثر على إسبانيا بشكل فردي أكثر لأن هناك مسألة جبل طارق بين إسبانيا والمملكة المتحدة”.

وقالت: “نحن بحاجة لفهم ما هي رغبة الجانب البريطاني. هل هم مهتمون بنفس القدر بهذه العلاقة الوثيقة”.

وتابعت: “من الواضح أنه لا يمكن أن تكون وثيقة بنفس القدر كما إذا كانت عضوا في الاتحاد الأوروبي، فهم قرروا ألا يكونوا عضوا في الاتحاد”.

“الكرة في ملعبهم، وننتظر السماع منهم ولهذا السبب المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تسير ببطء للغاية، ولهذا السبب المفاوضات بين إسبانيا والمملكة”، بحسب الوزيرة.

وتريد بريطانيا مغادرة جبل طارق والاتحاد الأوروبي معها، ولكن إسبانيا تشعر بالقلق إزاء علاقاتها التجارية مع الإقليم ومدى تأثرها بـ”بريكست”.

يشار إلى أن إسبانيا كانت خسرت إقليم جبل طارق أمام القوات الإنكليزية والهولندية عام 1704 وسلمته رسميا للندن عام 1713 ومنذ ذلك الحين ومدريد تطالب به.

مواجهة الإسلاموفوبيا في إسبانيا

كما علقت الوزيرة على جرائم الكراهية وظاهرة الإسلاموفوبيا الآخذة في التصاعد في إسبانيا.

وقالت بهذا الشأن: “علينا أن نستثمر في التعليم، والعيش في مجتمع متنوع. فبلدنا متنوع من حيث اللغات والأديان والمشاعر، لكننا بحاجة إلى تعزيز فكرة أننا نستطيع العيش مع هذا التنوع، وهو ما نحاول القيام به أيضًا من خلال وزارة الخارجية”. (الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية