عمان – «القدس العربي»: تبدو «فرية» بيروقراطية سياسية أكثر من كونها حقيقة علمية. الحديث عن تلك القاعدة التي طالما رددها الجناح المقرب من رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز، التي تقول بأن الطاقم الحالي للوزراء ينبغي أن يستمر في إدارة المشهد بسبب خبراته التي تراكمت في أثناء الاشتباك مع الجولة الأولى من فيروس كورونا في آذار الماضي.
الفكرة أن الفيروس فاجأ الجميع، وأن عدة خلايا وزارية انشغلت به وارتكبت بعض الأخطاء البيروقراطية، والأهم هو ما تم تسويقه في زوايا ضيقة بين أجنحة الطاقم الوزاري. تلك الإشارات إلى أن بعض وزراء الميدان قد تحتاجه البلاد إذا ما حضرت للعالم مجدداً الموجة الثانية من الفيروس كورونا.
المرجح أن تلك المزاعم قيلت في تبرير عدم تمكين الرزاز من إجراء تعديل وزاري سادس على طاقمه، فقد كان الرجل يقول للمقربين منه بأن إحضار وزراء جدد بعد الخبرة التي اكتسبها وزراء حاليون في الاشتباك مع تداعيات الفيروس قد لا يكون قراراً حكيماً.
عملت بعض أجنحة الطاقم الوزاري على ترويج مثل هذا الانطباع في مثل هذا الوقت، أملاً بطبيعة الحال في التمكن من الإفلات من كمين محتمل قد ينتهي بتغيير وزاري أو رحيل للحكومة. لكن عنصر المباغتة في مسألة كورونا ليست هي حجر الزاوية في التحليل اليوم، فخلية الأزمة المحترفة والأساسية «عسكرية» والقوات المسلحة «لا تزاحم» الوزراء في العمل البيروقراطي، والإدارة يتولاها موظفون وليس وزراء تتطلب مقتضيات المصلحة الوطنية بقاءهم في مناصبهم مع الرزاز أو مع غيره.
تفكير رئيس الوزراء في تولي إدارة الانتخابات ليس أكثر من «طموح مشروع»
يفهم وزراء الرزاز اليوم خلفية عدم تمكين رئيسهم من إجراء وإقرار تعديل وزاري سادس على حكومته في غضون عامين، فالحكومة برمتها قد ترحل قريباً، وعمرها بعد تحديد موعد الاستحقاق الانتخابي الدستوري لا يزيد عن 50 يوماً على الأكثر.
ذلك طبعاً يبقى مجرد احتمال له علاقة بتحليل المعيطات، لكنه يحتاج إلى التوصية بـ «حل البرلمان» وهو قرار لا يوجد دستورياً ما يجبر صانع القرار على اتخاذه، ما يؤشر على احتمالات موازية بأن انتهاء الولاية الدستورية للبرلمان في 27 من شهر أيلول/سبتمبر قد يعني عدم الحاجة إلى الحل ما دام الملك قد حسم الأمر وأمر بإجراء الانتخابات.
طبعاً، لا ينص – وكما قال المستشار نوفان العجارمة – الأمر الملكي بإجراء الانتخابات حكماً على إقالة الحكومة أو حل البرلمان ولا على بقاء أي منهما.
لكن «القدس العربي» توثقت من أن الدوائر القريبة جداً من الرزاز لديها ثقة في الرحيل الوشيك بعدما تقرر أن لا يجتمع مجلس النواب الحالي أو يرحل قبل يوم 27 من شهر أيلول المقبل ولا بحال من الأحوال. وهو سيناريو بطبيعة الحال يستبعده الرزاز بقوة على أمل البقاء في الصدارة والانتقال إلى الهدف الأساسي، وهو تمكين حكومته من «إجراء الانتخابات» التي توصف مسبقاً بأنها مهمة جداً قياساً لمستوى التحديات وحجم الملفات والتعقيدات السياسية والاقتصادية والصحية والإقليمية.
تفكير الرزاز في أن يتولى إدارة الانتخابات ليس أكثر من «طموح مشروع». لكن تمكينه فعلاً من ذلك يحتاج إلى قرار وغطاء سياسي يسمح له بالاستمرار بالرغم من كل الضجيج المثار محلياً، خصوصاً تحت إيقاع صخب قضية وأزمة المعلمين، حيث تتكفل المستويات الأمنية حالياً بإبعاد المعلمين الغاضبين عن بوابة مكاتب الرزاز في منطقة الدوار الرابع.
يحصل ذلك فيما تستطيع الحكومة أن تتعامل مع أزمة المعلم الأردني باعتبارها من «خيارات الدولة» وتخص ملفاً عابراً للحكومة بعدما صوت الرزاز فعلاً لعدم التصعيد ورفض حل نقابة المعلمين، وإن كان مرر لاحقاً المقاربة التي تقترح «تجميد» تلك النقابة المزعجة والمشاكسة لأغراض التحقيق مع رموزها. وبكل حال، «صخب المعلمين» سلاح ذو حدين.
إصرار الهتافات على البقاء ضد حكومة الرزاز قد يطيل في عمرها نسبياً. لكن استمرار تفعيلات الأزمة قد يؤدي أيضاً لسيناريو سقوط حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي، الذي غاب عن المشهد لصالح حضور الرزاز بعد الصخب الذي رافق قبل عامين محاولات الاعتصام المتكررة على الدوار الرابع لإسقاط قانون الضريبة آنذاك.
بعيداً عن إشكالية المعلمين، يقترح نقيب المهندسين النشط أحمد سمارة الزعبي، وهو يناقش «القدس العربي» مقاربة وطنية أوسع خالية من التأزيم والنوايا المسبقة، وعلى أساس الانتباه إلى أن الاستمرار في «تجريف» العمل النقابي والمؤسسات الحزبية في غير الصالح الوطني ولا مصلحة لأي جهة بالتفكيك.
عقد الأردن الاجتماعي دستور ملكي نيابي وليس نقابي شوارعي فقد نشأ الأردن على شرعية مبايعة عشائر وقبائل وذوات من كل منبت لقيادة هاشمية بنظام حكم ملكي نيابي وانتهاك ذلك يقود لفوضى، والمستهجن أن يتصرف مجلس نقابي كدولة فوق الدولة متجاهلاً سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية ويحول نقابته لمركز تحريض ممنهج لإنتقاص سيادة الدولة وخلق فوضى وإخلال بالنظام العام وخرق قوانين وابتزاز الدولة بمطالب تحبط الأداء المتميز وتزيد عجز موازنة الحكومة وتتطلب فرض مزيد من الضرائب وتقود لمزيد من قروض دولية ومراكمة مديوينة فلكية