أهرب من «ماسبيرو هذه الأيام» إلى «ماسبيرو زمان» ومن الدراما التافهة بعد احتكار الحكم العسكري للإنتاج الفني، إلى دراما العمق النسبي عبر هذه الشاشة التي يُشكر صاحب فكرتها، وإن كشفت عن عملية النهب التي جرت لمكتبة التلفزيون، لصالح قناتي «تي آر تي» و«روتانا» فماسبيرو زمان تكرر كثيراً من برامجها ومسلسلاتها، كما تهرب من «قلة البضاعة» إلى عرض برامج الأصل فيها أنها لا يسري عليها الوصف زمان، مثل برنامج «ليلتي» الذي كان منحة غير مبررة في عهد الوزير صفوت الشريف للمذيعة أميرة عبد العظيم، التي دخلت المبنى كبيرة سناً، فلم تمر بالتدرج الوظيفي الطبيعي، يقولون كانت مضيفة جوية!
وكان ينبغي أن تحدد إدارة «ماسبيرو زمان» الفترة الزمنية للعمل لاعتماده كتراث، لكن من الواضح أن عدم التحديد مقصود لذاته، هروباً من عملية الافساد والتجريف لتراث التلفزيون، والتي لم تتوقف على نهبه وبيعه لقنوات سعودية كانت تدفع ببذخ للصوص، ولكن بالإضافة إلى هذا لم يتم اعتماد النظم الحديثة في الحفظ والمعالجة، فضلاً عن أنه وكما كان ينشر كثيراً في الصحف، كان يتم تسجيل برامج حديثة على المواد التراثية، توفيراً للنفقات، وهو اتجاه دعمه عدم ادراك من يقومون على الأمر لأهمية هذه الكنوز، فلما أُطلقت «ماسبيرو زمان» كشفت أن ما كان يُنشر في الصحف لوقائع معينة، وفي فيديوهات تذكر بالاسم، صحيحاً، وهذه الندرة هي الكاشفة لذلك!
تعرض «ماسبيرو زمان» بعض الأعمال القديمة، والتي أنتجت في فترة البث التلفزيوني الأول، فتظهر الصورة باهتة وضعيفة، وقد سألت أهل الذكر إن كان يمكن معالجة هذا الضعف في الصوت وهذا الاهتزاز في الصورة، فقالوا بأنه يمكن مع التطور العلمي الحاصل الآن، لكن لا أحد يهتم، ويبدو أن القائمين على الأمر في المبنى العتيق لا تشغلهم فكرة الحفاظ على ما تبقى من تراث ماسبيرو، في مبنى يفتقد للمبدعين في مراكز اتخاذ القرار!
ولو وجدوا لأقدموا على فكرة معالجة المواد القديمة، ولاهتموا بإعادة هذا التراث، لا سيما بعد اغلاق «تي آر تي» لصاحبها الراحل صالح كامل، ومن الواضح أن هذا التراث تم شراؤه ليوضع في المخازن، فلم نشاهد عبر القنوات المتهمة بشراء هذا الأعمال التراثية إلا بعض الحفلات القديمة لمطربين راحلين أو بعض الأعمال الدرامية الخفيفة مثل أفلام إسماعيل ياسين!
الشيخ كشك و«عيد العلم»
وكلما حلت ذكرى وفاة الشيخ عبد الحميد كشك، وعرضت قناة الجزيرة الوثائقية الفيلم الذي يدور حول شخصيته، سألت نفسي كيف لا تكون بداية الفيلم، عن واقعة أوردها في مذكراته عن أنه كان من ضمن الأوائل في جامعة الأزهر، الذين كرمهم جمال عبد الناصر في عيد العلم، ضمن الأوائل في الجامعات الأخرى، فهل تحتفظ مكتبة التلفزيون بنسخة من حفلة التكريم هذه أم أنها ضاعت بالتسجيل عليها أو بيعها لمخازن الأشقاء السعوديين؟
وعموما لا أظن أن السبب في هذا راجع إلى ضياع المادة، فلو كان الاهتمام بها فربما وجدت الصورة في صحف هذه الأيام!
ومهما يكن، فإذا كان من أفضال «ماسبيرو زمان» أنها تأخذنا للزمن القديم، فإنها مكنتنا من مشاهدة بعض الأعمال التي لم نشاهدها عند عرضها، وقبل المسلسل الحالي «الطاحونة» الذي شاهدته في عرضه الأول سنة 1984 تم عرض مسلسل لم أشاهده في العرض الأول هو «الوتد» قصة وسيناريو وحوار الأديب الراحل خيري شلبي، وقد لفت المسلسل لقوته انتباهي إلى أنني لم أقرأ شيئا من أدبه، فبحثت عن هذه القصة فوجدت نسخة رديئة على الانترنت، لكني وجدت أعمالاً أخرى له حيث عكفت على قراءة روايته «وكالة عطية» وجاري الاطلاع على ما تيسر من روايته.
مجتمع «الوتد» و»الطاحونة» واحد، وهو الريف المصري، حيث المرأة صاحبة الشخصية القوية في الأول، «فاطمة ثعلبة» أو هدى سلطان، بجانب فنانين كبار، ليس أهمهم ابنها «الحاج درويش» الذي أدى دوره باقتدار «يوسف شعبان» وهو فنان كبير في مجاله، قبل أن تناديه «النداهة» بعد الانقلاب العسكري، فيعتقد أنه مؤهل لأن يكون له رأي في القضايا السياسية، ليسري عليه قول القائل «من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب»!
وقد قام الفنان الراحل عبد الله محمود بدور الفتى الريفي المتمرد باقتدار أيضاً، كما نجحت فادية عبد الغني في دور زوجة الابن الكبير «الحاج درويش» وفيها بعض جينات الخبل.
وبعيداً عن النظرة الاستشراقية للريف المصري، والذين قد يروا أن شخصية «فاطمة ثعلبة» خيالية، فإن المجتمعات التقليدية تزخر بمثل هذه السيدة، صاحبة العقل الراجح والنفوذ الطاغي، والتي تحكم وترسم، ولا يُعصى لها أمر!
ساكن قصادي
عدد النجوم الكبار في «الطاحونة» أكثر من عددهم في «الوتد» بمقاييس فترة العرض، لأن كثيرا من نجوم الصف الثاني في العملين صاروا نجوما كباراً بعد ذلك.
ومن نجوم الطاحونة يحيي شاهين، وعلى الغندور، ونبيل بدر، وأحمد ماهر، ويسري مصطفى، وزيزي مصطفى، التي لم تعوض غيابها انعام الجريتلي، في المسلسل الفكاهي «رجل وست ستات» وهو الذي يمثل امتدادا معقولاً لهذا النوع من الأعمال الدرامية، وتعرض «ماسبيرو زمان» واحداً منها هذه الأيام ربما للمرة الثانية بينهما فاصل قصير، هو «ساكن قصادي» للمبدع الكبير الراحل يوسف عوف!
ويعتمد مسلسل «ساكن قصادي» أيضاً مبدأ تعدد النجوم، فمن النجوم الكبار فيه، محمد رضا، وسناء جميل، وخيرية أحمد، وانعام سالوسة، ونظيم شعراوي.
واللافت أن الفنانين الكبار لم يكونوا فيما سبق يجدون حرجاً في أن يشاركوا بأدوار ثانوية مثل «انعام» و»شعراوي» و»سيد زيان» و»سيد عبد الكريم» ولكن ليس على قاعدة ما جرى هذا العام، من استدعاء فنان كبير بحجم عبد العزيز مخيون، ليقوم بدور الميت، في مسلسل «البرنس» وقد تعجلوا وفاته، فكانت في الحلقة الثانية، لأننا في زمن النجم الواحد والجميع يقومون بدور السنيد له، وكانت جهة الإنتاج التابعة لأهل الحكم تسعى لتكريس نجومية محمد رمضان بالغشم العسكري المعروف، فسقط المسلسل وسقط النجم، وسقطت نظرية النجم الأوحد، ليتفوق عليه أحمد زاهر، وكأنه بطل العمل، فأحيط بهم من حيث لا يعلمون!
إن التطور الحالي هو مسلسل الموضوع الواحد، والعمل البسيط الموجه غير المركب، والنجم الأوحد، بينما كانت الأعمال القديمة تقوم على تعدد النجوم، وحضور الكبار في كل تفاصيل العمل، كما تقوم على الموضوعات المركبة التي تحاول سبر الطبيعة البشرية بكل ما فيها من استقامة وعقد، وخير وشر.
والكبار لا يقتصر حضورهم على التمثيل فقط، فهم حاضرون في كل العمل، فمؤلف «ساكن قصادي» الكاتب الكبير يوسف عوف، والمخرج هو إبراهيم الشقنقيري.
أما «الطاحونة» فقد كانت الأكثر في استخدام النجوم بعيداً عن التمثيل، لاختلاف صيغة التتر بين العملين، فبينما يقوم الأول على مجرد الموسيقى التصويرية، فإن تتر «الطاحونة» يقوم على الغناء، الذي هو بصوت سمير الاسكندراني، الذي رحل عن دنيانا قبل ساعات من كتابة هذه السطور. أما الأشعار فهي لـ عبد السلام أمين، وكان يحيى العلمي هو المنتج المنفذ له!
الفاصل الزمني بين العملين هو عشر سنوات بالتمام والكمال، فالعرض الأول لـ «الطاحونة» في سنة 1984، أما العرض الأول لـ «ساكن قصادي» ففي سنة 1994 وكان المشاهد العادي قد بدأ في الانتباه لفكرة مؤلف العمل الفني، وإن كان يوسف عوف وقتئذ أشهر من النار على العلم، ورأسه برأس نجوم أعماله من حيث معرفة الناس باسمه، لكن يمكن القول إنه كان محظوظا بالدراما الإذاعية، حيث ينُطق الإسم، ولا يُكتب فيضيع في زحمة الأسماء وإن نشر بشكل مميز وببنط أكبر، فالمشاهد يكون ذهنه منصرفاً عن قراءة التتر بأحداث العمل، وكانت النهاية دائماً على حدث مثير، يشغل الناس في محاولة الوصول إلى حقيقته في الحلقة التالية ويكون موضوعاً للاجتهاد وربما التنافس بين المشاهدين في التوصل لحل «العقدة»!
وهذا أمر مرده إلى تمكن المؤلف من العمل، وقدرته الإبداعية، على العكس من النهايات التي تفتقر للفن والابداع لمسلسلات القوم هذه الأيام، فلا يوجد من يتم الاحتفاء به مثل يوسف عوف أو مصطفى وشاحي، هل يعرف أحد من هو مؤلف مسلسل «البرنس» مثلاً، وما هي سابقة أعماله في هذا المجال؟!
نقطة الانطلاق
وإذا كان لكل مؤلف درامي نقطة انطلاق تصنع نجوميته، فقد كان يمكن لـ «الطاحونة» أن تكون النقطة المهمة في حياة مصطفى وشاحي، لكن حظه العاثر أنه عرض في مرحلة سابقة عن اهتمام المشاهد العادي بالمؤلفين، وإن كانت في المرحلة التي بدأت فيها نجومية أسامة أنور عكاشة تتحقق في أوساط الناس بمسلسله «ليالي الحلمية» الذي عرض في سنة 1987، والذي بدا كما لو كان أول عمل له، مع أنه ألف مسلسلات عدة قبله نجحت جماهيرياً، ربما لأن العمل الوظيفي لـ «وشاحي» داخل مبنى التلفزيون كان سبباً في عدم الاحتفاء به، من باب الشعور بالحرج من الاستغراق في استضافته، وربما لأنه لم يلعب على وتر الاستقطاب السياسي، كما أسامة أنور عكاشة، الذي ظنه الناصريون ناصرياً، إلى أن أعلن عن أنه وفدي في مرحلة تالية، تزامنت مع كتابته لجريدة «الوفد»!
ويقوم «ليالي الحلمية» أيضاً على تعدد من هم على القمة؛ يحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وصفية العمري، وأثار الحكيم، وممدوح عبد العليم، وهشام سليم، وأنعام سالوسة، ومحسنة توفيق، وعبلة كامل، وحجاج عبد العظيم، ويسري مصطفى، وفي مرتبة متقدمة الفنان سيد عبد الكريم، ولا تنسى أن مخرج هذا العمل هو أسامة عبد الحافظ، وجائزة مني عبارة عن ثلاجة، وطقم مطبخ بالكامل، «بشوكه وسكاكينه» لمن يعرف اسم مخرج «الاختيار» و»البرنس» وجملة المسلسلات التسعة لهذا العام لشركة «سينرجي» الأمنية، التي هبطت على مجال الإنتاج الفني بالباراشوت، ومن المريخ الذي قالت الإمارات إنها وصلت اليه واستقرت على سطحه!
إنه الفرق بين زمن وزمن، وبين «ماسبيرو زمان» و»ماسبيرو هذه الأيام»!
صحافي من مصر
هل تتذكر مسلسل هارب من الأيام يا أستاذ عزوز؟
(بطولة الفنان القدير عبدالله غيث – سنة 1964)
لقد بحثت عنه باليوتيوب ولم أجد سوى حلقة واحدة منه!
كنت طفلاً صغيراً مجتمعاً مع العائلة لمشاهدة هذا المسلسل بالأبيض والأسود!!
تذكرني دائماً برسام الكاريكاتير ناجي العلي, هو ينتقد بالرسومات, وأنت تنتقد بالكلمات!!! ولا حول ولا قوة الا بالله
المسلسلات الدرامية القديمة التي سكنت في الذاكرة،كانت تبنى على فكرة جميلة واقعية في كثير من الأحيان.يتولى كتابتها مؤلف عبقري،مثل محمد صفاء عامر،محفوظ عبد اارحمن،صالح مرسي وبالطبع الاستاذ أسامة أنور عكاشة.ويخرج العمل عمالقة مثل يحيى العلمي،اسماعيل عبد الحافظ وغيرهم الكثير الذين كانوا يتقاسمون النجومية مع ابطال العمل.كيف ننسى
مسلسلا ت مثل ليلة القبض على فاطمة،او قطار منتصف الليل للمارد محمود المليجي،ومسلسلات تأليف وتمثيل الملك فريد شوقي.وابداعات نور الشريف في مسلسلات لايعاد عرضها حالياً مثل السيرة العاشوربة وثمن الخوف.
إيييييييه رجعتنا يا أستاذ سليم لأجمل سنين وإزدهار الفن والإذاعة المصرية !
وبذكر الفنان المبهر الراحل ..يوسف عوف.. والذى كان زوج الفنانة خيرية أحمد..
فقد كان أحد أعمدة برنامج.. ساعة لقلبك ..الفكاهى .. حيث جميع من شاركو فيه كانوا نجوم بلا إستثناء.
ولحسن الحظ أنه من البرامج التى تم نشرها
على اليوتيوب ورغم أنه بالصوت فقط .. إلا أنه يثبت الفرق بين زمن الفن الهادف والمسلى الأصيل،
وزمن المسخ والبؤس والتضليل الذى نعيشه هذه الأيام !
للأسف .. سوف لا أتهافت لكسب جائزة الثلاجة ولوازمها !!
الان الدنيا تغيرت النت هو سيد الموقف
والأجيال الحالية عندها السماء مفتوحه لمشاهدة
آلاف من البرامج القديمة والجديدة مسرحيات
او أفلام او مسلسلات
صحيح العظماء من أهل الفن كانوا وما زالوا
عظماء بأعمالهم العظيمة
ولكن الجيل الحالى أمامه مشاهدة كل شىء عالميا ومحليا
قديما او حديثا
انه التطور والتقدم
اما البكاء على ايّام زمان
يعادل القول ( عوزنا نرجع ذى زمان قول للزمان ارجع يا زمان )
بارك الله فيكم