هآرتس: لماذا يستنجد الخليج بإسرائيل لعهد ما بعد النفط؟

حجم الخط
2

قيل وكتب الكثير مؤخراً عن العلاقات السياسية – الأمنية لمبادرة اتحاد الإمارات العربية وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل. إن لتلك الدولة، التي تمتد على طول 1300 كم من الشاطئ الغربي للخليج الفارسي، مصلحة كبيرة في ترسيخ العلاقات مع الولايات المتحدة، وتحصين تحالف ضد إيران، وتعزيز مكانتها الإقليمية كحامية للفلسطينيين من الجناح العسكري في حكومات إسرائيل. وإلى جانب السياق الجيوسياسي لهذه الخطوة، الذي قد يرسم قريباً مساراً مشابهاً للبحرين وعُمان وربما السعودية، يختفي سياق اقتصادي وتاريخي أوسع وأكثر أهمية: النهاية المبكرة أكثر من المتوقع لعهد النفط.

الدول الست التي تقع على الشاطئ الغربي للخليج الفارسي، والتي تنتمي منذ العام 1981 إلى “مجلس التعاون الخليجي”، مسؤولة الآن عن 30 في المئة من إنتاج النفط العالمي. النفط الذي يوفر نحو 90 في المئة من مداخيلها وينتج لمواطنيها ناتجاً قومياً من أكبر الإنتاجات القومية في العالم. إن الإنتاج المحلي الخام للمواطن الإماراتي 70 ألف دولار في السنة، وهو السابع في العالم. الناتج القومي الخام ارتفع بـ 140 ضعفاً منذ ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات. واتسع اقتصاد السعودية في هذه الفترة بـ 50 ضعفاً. وللمقارنة، نمت ألمانيا بـ 14 ضعفاً فقط.

كمية الطاقة التي تستثمر في السنة في تبريد موقع التزلج المغلق في قلب دبي يعادل الطاقة التي يستهلكها 2 مليون مواطن في السودان في السنة.

لا يقتصر تأثير النفط على الاقتصاد فقط، فهو يحدد طبيعة دول الخليج وعلاقاتها الخارجية ونمط الحياة فيها والمجتمع والثقافة. في جميع دول الخليج إقليمية ضئيلة من المواطنين الأثرياء، وإلى جانبهم جيش من العمال الأجانب الفقراء ومعدومي الحقوق من الهند والباكستان والفلبين وإندونيسيا وغيرها. عندما تم شق الشارع المعبد الأول في اتحاد الإمارات في العام 1966 كان مسجلاً في الدولة ألف سيارة. والآن يسافر في شوارعها الحديثة جداً 3.5 مليون سيارة. عدد الطائرات الخاصة يقترب بسرعة من عدد السيارات التي كانت في العام 1966. وكمية الطاقة التي تستثمر في السنة في تبريد موقع التزلج المغلق في قلب دبي يعادل الطاقة التي يستهلكها 2 مليون مواطن في السودان في السنة.

ولكن عهد النفط، والازدهار غير المسبوق الذي جلبه إلى الخليج، يقترب من نهايته. نحو نصف كمية النفط التي تستهلك في العالم تستخدم في المواصلات – وهو قطاع يمر الآن بثورة حقيقية. جميع الشركات المنتجة للسيارات تنتقل إلى النماذج الهجينة أو الكهربائية، وحتى نهاية العقد ستتوقف تقريباً بصورة كاملة عن إنتاج سيارات تعمل بالبنزين والسولار.

في مجال الطيران الذي استهلك في 2019 نحو 8 في المئة من إنتاج النفط العالمي، ستحدث ثورة أبطأ، لكنها انطلقت أيضاً مع نماذج أولية للطائرات طويلة الأجنحة والمغطاة بألواح شمسية لشحن البطاريات وتشغيل المراوح. في قطاع الكهرباء، يخفض الهبوط في تكاليف المنشآت الشمسية بدرجة كبيرة الطلب على الغاز الطبيعي. حتى في إسرائيل، التي تباطأت في مجال الطاقة المتجددة، تم تجميد البرامج في أربع محطات للطاقة خصصت للتشغيل بالغاز – هكذا بشرونا هذا الشهر. إن محطات الطاقة الشمسية أرخص في الإنشاء والتشغيل، وخلال 10 – 20 سنة سيقل الطلب العالمي للنفط والغاز الطبيعي بعشرات النسب المئوية، وستستمر معه الأسعار في الانخفاض.

إلى جانب الخطر الفوري الذي تتعرض له دول الخليج مع نهاية عهد النفط، يبزغ تهديد آخر، أطول مدى لكنه أكثر تدميراً بعدة مرات: تغيرات المناخ. الجرف الجبلي، وسلطنة عمان، من الجنوب يفصل غرب الخليج الفارسي عن التأثير المبرد للمحيط الهندي، ويخلق هجيناً من الحرارة والبرودة العالية. إن الحرارة في غرب الخليج الآن تقترب من 50 درجة في آب. وحسب التنبؤات، يتوقع في العقود القادمة ارتفاع بـ 6 – 7 درجات بالمتوسط. المدن الكبيرة مثل أبو ظبي ودبي والدوحة والكويت وغيرها، التي بنيت باستثمارات ضخمة وترمز إلى ثراء العائلات الحاكمة فيها، ستتحول إلى مدن غير قابلة للعيش البشري في منتصف هذا القرن.

التنبؤ المناخي القاسي، إلى جانب النهاية المقتربة لعهد النفط، تلقي بدول الخليج في شرك مزدوج.

التنبؤ المناخي القاسي، إلى جانب النهاية المقتربة لعهد النفط، تلقي بدول الخليج في شرك مزدوج: فالجلوس مكتوفة الأيدي قد يؤدي بها خلال سنوات معدودة للوصول إلى المكان الذي وجد فيه أباطرة الملح أنفسهم في أوروبا بعد اختراع الثلاجة الكهربائية في نهاية القرن التاسع عشر. عندما أصبح بالإمكان حفظ اللحوم بالتبريد، هبط الطلب على الملح. بات الملح الذي قرر مصائر مدن وأقاليم فاقداً لقيمته، وتخلص أصحاب مناجم الملح من أصولهم.

هذا هو السياق الواسع للاستعداد الذي تظهره دول الخليج الآن للتعاون مع إسرائيل – بمساعدة الفلسطينيين، وربما أيضاً مع قوى أخرى في المنطقة. يعرف حكامها أن الوقت يعمل في غير صالحهم، وأن التغيير الآن ليس ترفاً، بل هو شرط للبقاء في عالم مليء بالانقلابات. اختيارهم لإسرائيل مع قوتها الاقتصادية وقدراتها التكنولوجية وكذلك التفكير الابتكاري الذي يحدث فيها – مفهوم. وستخبرنا الأيام ما إذا كان هذا التعاون سيفي بالغرض.
بقلم: داني رابينوفيتش
هآرتس 17/8/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن كسيلة:

    لا…لا….ليس الخليج من يستنجد…..بل اللأسر الحاكمة و الجميع يعلم لمذا…..

  2. يقول ابو ادم:

    ,ابناء العمومة أرادت أن تتصل باهلها هم بقيا بنو النصير وينو قينوقاع من بقيا يهود الجزيرة حكمو الخليج باسم حماة الدين والاسماء عربية والان انكشفت المستور في حكم سيدهم في البيت الأبيض الدي يأمر فيطاع وفقط

إشترك في قائمتنا البريدية