تونس – القدس العربي: لم يكد يمضي أسبوعان على استئناف الدوري التونسي لكرة القدم لنشاطه حتى بدأت ظاهرة إقالة المدربين من بعض النوادي التي تراجعت نتائجها فجأة أو التي عجزت عن التدارك رغم توقف الدوري. كما عبرت جماهير بعض الأندية عن رغبتها في تغيير المدرب رغم الترتيب الجيد لأنديتها رغبة في النهوض بالمستوى قبيل انطلاق المشاركات الإقليمية والقارية وحتى العالمية بالنسبة للبعض.
ويبقى المدرب الحلقة الأضعف في الكرة التونسية حيث عادة ما يتم تحميله لوحده مسؤولية الإخفاق دون البقية، من لاعبين ومسيرين وحتى جماهير غير منضبطة تشوش على ناديها من خلال العنف والضغط على اللاعبين والتسبب في العقوبات المالية دون أن تساهم في المداخيل. فيتم تقديم المدرب عادة من قبل رئيس النادي ككبش فداء وذلك لإسكات الجماهير الغاضبة في غياب هيكل نقابي من شأنه الدفاع عن حقوق المدربين التي كثيرا ما يتم هضمها.
ومن بين المدربين الذين تمت إقالتهم، نور الدين النابلي مدرب شبيبة القيروان، الذي سارعت هزيمة ناديه أمام هلال الشابة، الصاعد حديثا إلى الرابطة المحترفة الأولى، وبنتيجة عريضة، إلى إقالته بطريقة رأى إبن القيروان أنها غير لائقة. حيث صرح النابلي لإحدى الإذاعات بأنه تفاجأ بالإقالة حين ذهب كعادته لتدريب فريقه، وأنه كان من المفروض إعلامه قبل ذلك بطريقة حضارية ولائقة خاصة وأنه لاعب سابق في النادي ويعمل بنصف الراتب الذي تمنحه الشبيبة عادة لمدربيها وذلك مساعدة منه لهذا النادي العريق.
كما أقال الملعب التونسي، الذي تقهقر من المرتبة الرابعة إلى السابعة، مدربه جلال القادري الذي حقق معه نتائج سيئة منذ عودة الدوري، وعوضه بإبن النادي، اللاعب الدولي السابق أنيس البوسعيدي الذي رغم تجربته مع المنتخب الوطني التونسي كلاعب، واحترافه خارج الديار مازال حديث العهد بالتدريب. وكان القادري قد حقق نتائج مرضية مع النادي الملكي خلال مرحلة الذهاب إلا أنه عجز في الإياب على المواصلة بنفس النسق خصوصا بعد استئناف نشاط الدوري الذي توقف بسبب أزمة كورونا.
ورغم التغيير اكتفى الملعب التونسي مع مدربه الجديد بالتعادل على ميدانه مع النادي البنزرتي دون أهداف مؤكدا أن المشكلة لم تكن في المدرب وإنما هناك عوامل أخرى أوصلت النادي الملكي إلى هذا الوضع. فخروج هداف النادي الكونغولي “غي بنزا” إلى الدوري البلجيكي ساهم في تراجع مردود الفريق، ناهيك عن ضعف الإستعدادات البدنية والفنية خلال فترة توقف الدوري بسبب فيروس كورونا وتراجع مردود الكثير من اللاعبين بسبب الحجر الصحي.
ولا يبدو صاحب الطليعة وبطل إفريقيا الترجي الرياضي التونسي أفضل حالا من الملعب التونسي وشبيبة القيروان فالنتائج كانت دون المأمول بعد استئناف الدوري وربما يفسر ذلك بالأسبقية المريحة التي له على منافسيه منذ مرحلة الذهاب والتي تجعله منطقيا هو البطل وتجعل لاعبيه لا يبذلون الكثير من الجهد. وقد دفع هذا المردود الباهت جماهير الأحمر والأصفر إلى المطالبة بإقالة المدرب معين الشعباني الذي فاز مع الترجي بدوري أبطال إفريقيا مرتين متتاليتين وفي طريقه للفوز بالدوري للمرة الثانية على التوالي بالنسبة له والرابعة على التوالي بالنسبة للترجي.
والحقيقة أن جماهير الترجي لم يعد يعنيها كثيرا الدوري المحلي وينصب اهتمامها على دوري أبطال إفريقيا في نسخته القادمة وعلى كأس العالم للأندية الذي سيشارك فيه الترجي للمرة الثالثة على التوالي. وتعتقد جماهير «شيخ الأندية التونسية» أن المردود الذي ظهر به ناديها مع استئناف الدوري التونسي لا يؤهله للفوز بدوري أبطال إفريقيا ولا يؤهله لتقديم مردود مشرف ولائق بالعرب وبالقارة الإفريقية في كأس العالم للأندية، ولا يليق أيضا بالمبالغ المالية الهامة التي تم إنفاقها على الإنتدابات.
كما أن الشعباني الذي فاز بدوري أبطال إفريقيا مرتين متتاليتين كمدرب مع ناديه الأم الترجي الرياضي التونسي، والذي يجد كل الدعم من رئيس النادي حمدي المدب، عجز أيضا عن الفوز بألقاب عديدة وهامة. فقد تجرع معه الترجيون مرارة الإنسحاب من كأس تونس خلال الموسم الماضي، ومرارة العجز عن الفوز بكأس السوبر الإفريقي مرتين متتاليتين أمام الفائز بكأس الكاف الذي من المفروض أنه أقل مستوى من الفائز بدوري الأبطال.
كما انسحب الترجيون مع الشعباني من البطولة العربية لمرتين متتاليتين وكانوا قد فازوا بها قبل اضطلاعه بخطة المدرب الأول. كما أن مردود الترجي في كأس العالم للأندية في النسختين الأخيرتين كان دون المأمول مع الشعباني ولا يليق بتاريخ وعراقة النادي ولا بالقارة التي يمثلها، ناهيك عن الإنسحاب هذا الموسم من دوري أبطال إفريقيا في الدورالربع النهائي أمام الزمالك المصري.
وبالتالي فالإخفاقات مع الشعباني كانت أكثر من الإنجازات، وهو ما يفسر خوف جماهير الترجي وغضبها من المردود الباهت للفريق ورغبة عدد هام منها في إنهاء مهام إبن النادي معين الشعباني. واقترح البعض أسماء رآها قادرة على قيادة سفينة الترجي إلى بر الأمان من بينها ابن النادي خالد بن يحي الذي طالب البعض بعودته واعتبروا ما أنجزه في الترجي خلال الفترة التي أشرف فيها على المقاليد الفنية للنادي العاصمي السبب في الفوز بدوري أبطال إفريقيا في النسختين الأخيرتين باعتباره أعد فريقا قويا حصد معه الشعباني، الذي كان مساعدا لبن يحي، النتائج الإيجابية.
بالمقابل يوجد مدربون يحظون برضا أنديتهم بالنظر إلى النتائج التي يتم تحقيقها على غرار مدرب الإتحاد الرياضي المنستيري الأسعد الشابي ومدرب النادي الرياضي الصفاقسي فتحي جبال. وهناك أيضا مدرب النادي الإفريقي الأسعد الدريدي الذي تحدى كل الصعاب وصبر مع الإفريقي على الظروف السيئة، وحقق نتائج تعتبر جيدة بالنظر إلى الأزمة الإستثنائية التي يمر بها الأفارقة، وهو الذي خرج منذ سنوات قليلة مذموما مدحورا من ناديه الأم الملعب التونسي الذي أعطاه الدريدي الكثير كلاعب وكمدرب ولم يجد إلا الجحود و النكران.