تونس والمغرب تقاومان التطبيع مع إسرائيل.. والجزائر لا تساوم على فلسطين

حجم الخط
3

إسطنبول: عارضت معظم حكومات دول المغرب العربي التطبيع مع إسرائيل، لكن دون إدانة القرار الإماراتي، لكن الشعوب المغاربية كانت موحدة في مواقفها في استنكار ما اعتبرته “خيانة”.

تونس: الرئيس يرفض التطبيع والبرلمان يدين الإمارات
لم تتخل تونس سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي عن مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية بالرغم من الضغوط الخارجية التي تستغل أزمتها الداخلية لدفعها لتقديم تنازلات في اتجاه التطبيع مع إسرائيل.
فالرئيس قيس سعيد، بعد أسبوع من إعلان الإمارات تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، استقبل السفير الفلسطيني لدى تونس هايل الفاهوم، وشدد حينها قائلا إن “الحق ليس صفقة ولا بضاعة أو مجرد سهم في سوق تتقاذفها الأهواء والمصالح”.
ورغم تجنبه التعليق على القرار الإماراتي، إلا أن سعيد، أوضح أن بلاده لا تتدخل في اختيارات بعض الدول ولا تتعرض لها، “ولكن لنا أيضا مواقفنا التي نعبر عنها بكل حرية، بعيدا عن إصدار بيانات للتنديد بهذا الموقف أو ذاك”.
البرلمان التونسي، برئاسة راشد الغنوشي، كان أكثر وضوحا وصراحة في انتقاد التطبيع الإماراتي مع تل أبيب، واعتبر أنه “تعدٍّ على حقوق الشعب الفلسطيني وتهديد صارخ لحالة الإجماع العربي والإسلامي الرافضة للتطبيع”.
وصبّت مواقف عدة أحزاب سياسية ممثلة في البرلمان باتجاه انتقاد التطبيع الإماراتي، باستثناء حزب التجمع الدستوري الحر، بقيادة عبير عيسى، المحسوبة على أبوظبي.
كما نظم عدد من مكونات المجتمع المدني وممثلي الأحزاب، وقفة احتجاجية أمام السفارة الإماراتية للتنديد بقرار التطبيع.

المغرب يستبق زيارة كوشنر بإعلان رفض التطبيع
أقوى خطاب مغربي عقب التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، جاء من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، رئيس حزب العدالة والتنمية، أكبر حزب إسلامي في البلاد.
حيث أعلن، العثماني، خلال نشاط حزبي، رفض بلاده لكل “عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني”.
وشدد على أن “موقف المغرب باستمرار ملكا وحكومة وشعبا هو الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى”.
وتأتي أهمية هذه التصريحات كونها تتزامن مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية زيارة مرتقبة لمستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، إلى المغرب، لتشجيع الرباط على المضي في طريق الإمارات نحو التطبيع مع إسرائيل.
وتأمل تل أبيب بحسب موقع “كان” العبري، أن يكون المغرب ثاني دولة تطبع معها، لاعتبارات عديدة من بينها الحصول على اعتراف أمريكي بسيادتها على إقليم الصحراء المتنازع عليه مع “البوليساريو”.
حيث جمد المغرب في عام 2000، علاقاته المحدودة مع إسرائيل، التي تم الإعلان عنها عقب التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين في 1993.
كما أدانت عدة أحزاب ومنظمات مغربية التطبيع الإماراتي مع إسرائيل واعتبرته خيانة وطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني.

الجزائر.. دوما مع فلسطين ظالمة أو مظلومة
الموقف الجزائري الرسمي على غرار الشعبي تمسّك بالشعار الخالد للرئيس الراحل هواري بومدين، “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.
وعبر عن هذا الموقف وزير الإعلام، الناطق باسم الحكومة، عمار بلحيمر، قائلا إن “الجزائر مع الثوابت القاضية بعدالة القضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة”.
ودون الإشارة إلى التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، أشار بلحيمر، في حوار مع وكالة سبوتنيك الروسية، إلى أن “القضية الفلسطينية من الثوابت للسياسة الخارجية للجزائر”، وأن بلاده “على المستويين الشعبي والحكومي مع الدولة الفلسطينية ظالمة أو مظلومة”.
كما أن الأحزاب الجزائرية بمختلف أطيافها عبرت بدون مواربة عن رفضها للتطبيع الإماراتي مع إسرائيل، واعتبرته خيانة وطعنة في الظهر، وضربا للمبادرة العربية “الأرض مقابل السلام”، وتهديدا للأمن القومي العربي.
كما وقع أكثر من 50 مثقفا وفنانا بيانا يدينون فيه التطبيع الإماراتي، وثمنوا انسحاب كتاب من الجوائز الإماراتية، ودعوا إلى مقاطعة كل الفعاليات التي تنظمها “حظيرة التطبيع”.
وفي خطوة رمزية، بادر تجار في ولاية سطيف بتغيير اسم أشهر شارع تجاري بالشرق الجزائري من “دبي” إلى “فلسطين”.

موريتانيا.. هل يَجُر المال الإماراتي نواكشوط نحو تل أبيب؟
على عكس معظم الدول المغاربية، أيدت الحكومة الموريتانية الخطورة التطبيعية التي أقدمت عليها الإمارات، رغم رفض أحزاب المعارضة لها.
وأفاد بيان للخارجية الموريتانية، أن “نواكشوط لديها ثقة مطلقة في قيادة الإمارات، وتثق في مراعاتها بهذه الاتفاقية (التطبيعية مع إسرائيل) لمصالح الأمة العربية والشعب الفلسطيني”.
وخلال الأعوام الأخيرة، قامت الإمارات بعدة استثمارات في موريتانيا، مما دفع بعض المحللين للتساؤل حول مدى استقلالية قرار نواكشوط عن أبوظبي.
فهذا البيان يوحي أن نواكشوط لا تستبعد تطبيع علاقتها مع تل أبيب، التي بدأت في 1996، بتعيين غابيرل أزولاي مكلفا بالأعمال في المكتب الإسرائيلي بسفارة إسبانيا في نواكشوط، قبل أن يتم تجميدها في 2009.
إلا أن “ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي”، الذي يضم عدة أحزاب معارضة، أدان كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، واستنكر “كل ما من شأنه مُباركة هذا التوجه، كما يُستشفّ من البيان الصّادر عن وزارة الخارجية في موريتانيا”.
كما هاجم عدة ناشطين سياسيين ومدونين بينهم القيادي الإسلامي البارز محمد جميل منصور، التطبيع الإماراتي مع تل أبيب، ووصفوه بـ”الجريمة”.

ليبيا: النأي بالنفس
نظرا للوضع المضطرب، لم تدل الحكومة الليبية الشرعية بأي موقف يدين تطبيع أبوظبي علاقتها مع تل أبيب، لكن الكثير من الصفحات الموالية لها على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدت بشدة هذا التطبيع.
كما لم تدل مليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، بأي تصريح رغم أن الإمارات أحد أكبر الداعمين لها، بالإضافة إلى إسرائيل ذاتها التي قدمت مساعدات عسكرية ولوجستية لها.
لكن سبق لما يعرف بوزير خارجية الحكومة التابع لحفتر، (غير معترف بها دوليا)، عبد الهادي الحويج، أن أعرب عن أمله في تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، شرط حل القضية الفلسطينية.
لكن ردود الفعل الرافضة للتطبيع مع تل أبيب دفعته للتراجع، ومن المستبعد أن تعلن مليشيات حفتر قبول التطبيع، إلا إذا كان الثمن تغيير واشنطن موقفها لصالح دعم الجنرال الانقلابي.
وعموما فالشعوب المغاربية بالكامل ضد التطبيع، وتبدو كل من تونس والمغرب صامدتين أمام الإغراءات والضغوطات، بينما تعتبر الجزائر القضية الفلسطينية إحدى مبادئ سياستها الخارجية غير القابلة للمساومة.
لكن الحكومة الموريتانية قد ترضخ للإغراءات الإماراتية، بينما لا يتيح الوضع المضطرب في ليبيا للحكومة الشرعية الدخول في مواجهة مع واشنطن إن رفضت التطبيع، وحتى حفتر لا يجرؤ حاليا على إعلان التطبيع خوفا من ردود الفعل الشعبية الغاضبة.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد المنعم عبد الصمد:

    نعم الجزائر مع فلسطين حتي يتحقق وعد الله.

  2. يقول شريفة:

    نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة

  3. يقول Hassane Maref:

    من يريد معاونة فلسطين ليس بالشعارات ورفع الأعلام فقط، هاذا تنويم للشعوب.
    المعاونة هي ماذا قمت بفعله في الميدان؟؟؟؟؟ كفا استحمار الشعوب.

إشترك في قائمتنا البريدية