صحيفة عبرية.. نتنياهو وترامب.. بـ”شقاوة”: هيا نعزز “جبهتنا الثانية” ضد إيران بـ”استخدام الإمارات”

حجم الخط
0

عند النظر إلى خريطة الشرق القريب، في ضوء اتفاق السلام مع الإمارات، تذكرت النزاع الروسي – الغربي حول فتح جبهة ثانية في الحرب العالمية الثانية. فالخطة الأمريكية – الإسرائيلية تفتح جبهة ثانية ضد إيران، بحيث لا توجد من الآن فصاعداً محاولة لحصار إيراني على إسرائيل من خلال سوريا وحزب الله وحماس، ومن تركيا أيضاً. من الآن فصاعداً هناك حصار على إيران في حدودها الجنوبية، بينما تتسلل الإمارات عميقاً في الخليج الفارسي في مثلث إقليمي حاد في طرفه أمام مضائق هرمز، وقادرة على منع الأسطول الإيراني من الخروج من الخليج الفارسي.

تفسر المعطيات الجغرافية السياسية الدافع الحقيقي للسلام الذي نشأ، وكأنه فجأة، بين الإمارات والولايات المتحدة وإسرائيل، فالدافع ليس نزوة انتخابات لبيبي، كما يحاول الإعلام اليساري تصويره، بل خطوة استراتيجية صرفة ولامعة جاءت قبل أن تتعزز إيران لدرجة شن حرب أو حتى محاولة المس بإسرائيل. هذه خطوة فتح جبهة ثانية ضد إيران تفرض عليها حصاراً مثلما تحاول هي أن تفرض علينا عبر سوريا وبمعونة منظمات تخريبية تنظمها وتشجعها.

من المهم استطلاع قضية الجبهة الثانية في الحرب العالمية الثانية كي نفهم أهمية الخطوة الاستراتيجية الموازية هنا بشكل أفضل. في 22/6/1941 اجتاح الجيش الألماني الاتحاد السوفياتي من ثلاثة محاور، مع قوة هائلة من نحو ثلاثة ملايين جندي وبنية الاحتلال السريع لكل روسيا الأوروبية. في غضون ثلاثة أشهر ونصف، دمر كل السلاح الجوي الروسي تقريباً، ودمرت آلاف الدبابات، وأسر نحو مليون جندي. لم تتوقف مساعي ستالين من يوم الاجتياح لتجنيد المساعدة من الغرب بفتح جبهة ثانية ضد الألمان في البلدان الأوروبية المحتلة للتخفيف عن السوفيات والتسهيل عليهم للتغلب على الألمان في بلادهم.

وشعر الروس بأنهم يدفعون كل ثمن الحرب بالأرواح وبالعتاد، بينما يؤجل الإنجلو-أمريكيون حربههم ويسمحون بنزف دماء مكثف للشعب الروسي. في جهد دبلوماسي استمر ثلاث سنوات، حث الاتحاد السوفياتي الغرب على فتح جبهة ثانية، ولكن عبثاً. وفي 6/6/1944 اجتاح الغرب بآلاف السفن القتالية شواطئ نورمندي، وهكذا تسارعت نهاية الحرب التي انتهت بعد أقل من سنة من ذلك. كل من شهد -ولو بشكل غير مباشر- تجربة الحرب العالمية الثانية في أوروبا، وكل من يقرأ الأدبيات التاريخية عن تلك الحرب، حتماً سيذكر اصطلاح “الجبهة الثانية” التي طالب بها الروس الغرب، وكانت حيوية للانتصار على ألمانيا النازية وبالسرعة الممكنة.

واضح أنه لا يمكن لإسرائيل أن تؤيد إعطاء سلاح متطور للعرب، ولكن إذا كان السلاح في أياد أمريكية أو خاضعاً لسلطتهم، فلا يوجد أفضل من هذا.

وعودة إلينا… واضح للجميع وكذا لكارهي رئيس الوزراء في الإعلام أنه ذو حدس سياسي سليم. فالرجل يشير منذ سنوات عديدة إلى أن العدو الإيراني هو الأخطر على إسرائيل، أكثر من الخطر المحدق من الفلسطينيين. ويعرف أن إيران قد وصلت في حروبها حتى أطراف اليونان في العهود التاريخية القديمة، ويعرف أيضاً تاريخ الحرب العالمية الثانية وكفاح روسيا لفتح جبهة ثانية. ولهذا، فهو وشريكه السياسي ترامب وجدا خطوة استراتيجية تحذر إيران من الحرب ضد إسرائيل. هذه هي الجبهة الثانية لأمريكا، الدول العربية المؤيدة لها وجبهتنا. كما أن السلاح الذي يبدو أن الولايات المتحدة تريد أن تورثه للإمارات هو ضمانة لأن يكون ممكناً استخدام الطائرات من القواعد الأمريكية التي ستقام في الإمارات قريباً من الحدود الإيرانية في حالة الحرب ضد إيران. ودون قواعد كهذه، سيكون من الصعب مرابطة جيش أمريكي أمام شواطئ إيران. واضح أنه لا يمكن لإسرائيل أن تؤيد إعطاء سلاح متطور للعرب، ولكن إذا كان السلاح في أياد أمريكية أو خاضعاً لسلطتهم، فلا يوجد أفضل من هذا.

وإذا كان ترامب يسمح لنفسه بأن يسأل بشقاوة في ختام مكالماته الهاتفية مع بيبي: “وماذا عن محكمة العدل العليا لديكم؟ وماذا عن المحاكمات التي ضدك؟ وماذا عن المظاهراتالتي تجري أمام بيتك؟”، ينبغي الافتراض بأن بيبي يجيبه: “سيدي الرئيس، هناك زمن لكل شيء، والمثل عندنا يقول: “حيد التركي وارتاح”. وقت لكل شيء. أولاً فلنعزز الجبهة الثانية”.

بقلم: المحامي أهرون بأبو

 معاريف 27/8/2020

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية