عبثا أحاول إزاحة الفكرة التي تنتابني كلما أنهيت قراءة رواية عربية، من الروايات التي «أصابتها» جائزة ما مؤخرا، الفكرة التي تراودني هي أن هذه الروايات تعيش بروح غير روحها، وإنها تعيش على روح خلقتها بيانات اللجان المانحة للجوائز؛ تلك المنتفخة بالإطناب والمديح. في المديح، التباس ولغة مبهمة لا تضع العمل الروائي في فضائه الاجتماعي، ولا تخضعه لتشريح يؤدّي إلى استخراج الجوهر الفني من قلب الأحداث المحكية.
كانت مشكلة الروائي وغيره من المبدعين العرب في القرن الماضي، هي دائما مع أجهزة الرقابة السلطوية، التي أنشأتها الديكتاتوريات، كان المبدع يمضي الكثير من الوقت في صياغة الرواية على شكل ينطلي على هذه الأجهزة للسماح لها بالمرور والاقتراب من المجتمع ليقرأ روايته، وغالبا ما تكون الرواية على غير رواية السلطات. كانت للروائي وسائله السحرية، التي تضعه في مواجهة دائمة مع السلطة، وعلى تماس مباشر مع الحركة المجتمعية. باعتبار أن الكاتب والمجتمع على علاقة يكمّلان فيها بعضهما بعضا، وبالضرورة فهما غير قابلين للانفصال في تشكيل العالم الروائي؛ هو السارد وهم المسرود عنهم في الحاضر وعلى مدى التاريخ.
دهاء السلطة
في أيامنا هذه اختلف الأمر، صارت السلطة أكثر دهاء في وسائل اقترابها من الروائي وغيره من المثقفين. لقد ظلت الرواية هدف السلطة الرئيسي، باعتبار أنّ بقية الفنون تقوم عليها وحولها، لذلك وضعت في طريق الكاتب الجزرة، وخبّأت العصا. كتّاب عديدون وجدوا أنفسهم في منافسة مع بعضهم بعضا، لكسب رضى السلطات مموّلة الجوائز، لا توجد جوائز بريئة تمنح بجلال لديمومة الفن. إنها في الواقع المستتر مليئة بالشراك، وحتى الألغام، التي بلا ريب ستطيح عاجلا أم آجلا بالعملية الإبداعية الخالصة والمخلصة للفن، لصالح قيم ومعايير تضعها السلطة وليس المجتمع. وعلى أيّ حال فإن المطلوب من الكتابة صياغة تلميعية لصورة الحاكم والتأكيد على ضرورته القصوى للمجتمع.
الأمر ببساطة في هذا السؤال: لو أنّ رواية تتمتع بكل المزايا الفنية الراقية، وفي الوقت نفسه يحمل مضمونها ما يشير إلى إدانة لسياسات الدولة مانحة الجائزة، فهل ستحوز هذه الرواية الجائزة؟
كنا نتمنى لو كانت جوائزنا العربية تتماثل مع الجوائز الأجنبية، التي تمنح للإبداع وليس لشيء سواه، ونحن في الواقع نمتلك إبداعا روائيا مغموراً، تظل قيمته أغلى من كل الجوائز..
منابر إعلامية
حتى الأمس القريب كانت الدول العربية المختلفة مع بعضها، تتسابق لتأسيس أو شراء منابر إعلامية، لتجعل منها مدفعية تقصف من خلالها بعضها بعضا، أما اليوم فإن هذه الدول تتسابق لإنشاء جوائز تعني الرواية أكثر من غيرها من بقية الفنون. ما يجري يحفز الأسئلة: ما هي فائدة الجوائز التي تجنيها الرواية كعمل إبداعي، في ظل المناكفات السلطوية السياسية؟ وهل تريد السلطات استدراج الرواية نحو ملاعب سياساتها؟ وهل تتحول الرواية بفعل غواية الجوائز إلى بوق سلطوي؟
المنطق يقول إن الرواية الهادفة تخسر أمام طغيان الجائزة؛ فالجائزة لها بريقها الذي لا يقاوم، ولها غواياتها المادية التي تقوم بفعل الاستلاب، لكثيرين من الكتاب الذين نجدهم اليوم قد أسقطوا من أعمالهم أيديولوجيات فكرية، تعني طبقات واسعة من الجماهير، وأنهم غيّروا من سياساتهم بما يتوافق مع سياسات صانعي الجوائز. باتوا في سعيهم خلف هذه الجوائز ينتجون عوالم روائية مشوّهة ومحطمة. الخسران فيها للرواية نفسها، فيما الجائزة بدأت في ما يبدو تربح نفسها والرواية في صفقة واحدة. وهكذا نصبح أمام واقع تمتلك فيه السلطة الراوي والرواية معا. الراوي المستلب والرواية المشوّهة التي تفتقد للرؤية، والعاجزة عن استشفاف المستقبل، وبات القارئ لا يجد فيها المتعة ولا الحكمة.
إنها رواية الآن، وليس لها علاقة بالماضي، ولا تطمح إلى بناء علاقة مع الغد. روايات فارغة من أي مضمون تتكئ على الإقليمية والعشائرية والمحليّة، والأهم أنها تقف على أعتاب المديح بالأبراج العالية. لو عاينّا العديد من الروايات التي تصدر هذه الأيام سنجد أعمالا في غاية الروعة، من حيث تحقيقها لشرط الفن، ولكنها تظل مغمورة ومركونة في الظل، لا تقترب منها أضواء وسائل الإعلام، ولا أقلام النقاد. فيما أعمال اكتفت بمغازلة شرط الجائزة المعلن عنه والمخفي، حققت اكتساحاً للمشهد الثقافي برمّته. وهنا يبرز دور لجان التقييم الوظيفي في صياغة بيانات أجهزة أمن الآداب الجميلة الساهرة على الخطاب السياسي الذي تريد السلطة تمريره وإشاعته.
كنا نتمنى لو كانت جوائزنا العربية تتماثل مع الجوائز الأجنبية، التي تمنح للإبداع وليس لشيء سواه، ونحن في الواقع نمتلك إبداعا روائيا مغموراً، تظل قيمته أغلى من كل الجوائز..
٭ كاتب فلسطيني
للأسف هذا هو واقع الرواية في وقتنا الحالي.. ولا اعتب على الانظمة والسلطة المهيمنة بقدر ما ألوم من تطاوعه نفسه على كتابة مايروق للسلطة كي تهديه جائزة!!
وياليتها اعمال ترقى لأدب وفن الرواية ..!!
اجل، فالروايات التي تنجز في ظل انظمة السلطة ورعايتها،لا تملك مقومات المنجز الابداعي الحقيقي،وستلفظها الذاكرة حتما ولا يشفع لها بريق الجوائز.. روايات الحرب التي انجزت خلال حقبة ديكتاتور ية العراق نموذجا،..
لكن هناك روايات جديرة بالقيمة الادبية والفنية والتاريخية..فلا تبخسوا الناس اشياءهم وسط الصورة الضبابية.من السهل تكدير مياه الجدول لكن ليس من السهل تكدير مياه البحر ولو كانت هناك عاصفة هوجاء.ثم ان الابداع قضية فردية والتعامل مع الجوائز قضية فردية ، فلماذا ناتي بالسياسة بانفسنا لنفرضها وصية على الجوائز والابداع الفردي ، ونحن نقول بحرية المبدع ؟
للأسف، وكما يحدث عادة لدى كتاب المقالات العرب. لم تسم الأشياء بأسمائه. لم تذكر لنا أمثلة من عناوين الروايات التي تدينها، ولا أسماء الجوائز ، ولا أسماء الروائيين . وهذا ما يجعل من مقالك مجرد كلام معاد مكرور لا يسمن ولا يغني من جوع .
اتفق مع السيد كريم كريم جملة وتفصيلا..وكنت انوي كتابة هذا التعليق بالحرف الواحد..فجاء توارد الخواطر.عدم تحديد اسماء
أفرغ المقال من الفعل والتفاعل الايجابي
الى عبد الله العقبة وكريم كريم
انكما تتفقان على عدم فهم المقال، فهذا ليس موجهاً لنقد رواية بعينها ولا لادانة روائيا معينا بل لنقد وادانة ظاهرة الجوائز التي بلبلت المشهد الثقافي العربي بدل أن تدعمه. وقد ذكرت في متن المقال ” لا توجد جوائز بريئة تمنح بجلال لديمومة الفن. إنها في الواقع المستتر مليئة بالشراك، وحتى الألغام”.. امل أن يكون قد توّضح القصد.
الأخ سعيد الشيخ، شكرا على هذه الإضاءة المفيدة فيما يتعلق بظاهرة الجوائز السلطويون التي أفسدت كل مثال حقيقي على الإبداع الروائي في بلادنا ، وأود أن ألفت انتباهك إلى تنويه مهم لأحد الإخوة الكرام مؤخرا بأن المشكلة الثقافية الأساسية التي يعاني منها المواطن العربي سريريا هذه الأيام هي “مشكلة القراءة”: فإذا قرأ فإنه لا يفهم المعنى، وإذا “فهم” المعنى فإنه يفهمه مقلوبا رأسا على عقب كما أثبت من تخاطبهما وهما معلق واحد في كل مرة يتطفل في هذا المنبر !!!؟؟
مقال يضع النقاط على الحروف..لكنني ارى ان السيد الكاتب كان يحتاج لوقفة متأنية لتحديد الموضوعات قيد التناول..فاضاع فرصة البوح وسط صخب الحدث.انا كاتب عربي مقيم في اوربا لا ارى ضررا من مشاركتي في مهرجان الجوائز التنافسية..فهو حقي الطبيعي ولا تعنيني الجهة التي تقف وراء الجوائز ولو كانت اسرائيل ما دمت اقيم في اوربا المنفتحة..وشكرا للجميع.
أعترف هنا أمام الله وعلى الملأ وأنا بكامل قواي العقلية بأن هذه ليست كتابة الأخ غياث المرزوق، ولكن كتابتي أنا بالذات، درغام السفان العبد الفقير إلى الله، كتبتها منتحلا اسمَ صنوي العزيز، كما أنني كتبتها أيضا من قبل منتحلا الأسماء عبدالله العقبة وكريم كريم وحردان العلوان وغيرها من الأسماء كثير… والله على ما أقول شهيد… واللهم اغفر لي أخطائي بحق من أخطأت ولك الحمد والشكر يا أرحم الراحمين !!!؟؟
وانا حي يقظان اعترف بانني استخدمت اسم هيفاء فاروق بدون علمها لاكثر من مرة واعلن اعتذاري بالمقابل.
مرة أخرى، وأنا المدعو درغام السفان العبد الفقير إلى الله، أعتذر كل الاعتذار لانتحالي اسمَ حي يقظان أيضا، رغم أنني اعترفت أمام الله وعلى الملأ وأنا بكامل قواي العقلية بأنني انتحلت اسمَ صنوي العزيز وما زلت أنتحل الأسماء عبدالله العقبة وكريم كريم وحردان العلوان وهيفاء فاروق وغيرها من الأسماء كثير، والله على ما أقول شهيد !!!؟؟؟
التعليقات التي وردت باسمي في صفحتكم .ارسلها شخص انتحل اسمي للأسف،قاصداً الإساءة إلي ..انا اكتب باسمي درغام السفان ..ولاأنتحل اسماء أخرى ..