لعب الشعر العربي الجاهلي بشكل خاص، والشعر العربي بشكل عام، دورا كبيرا في «الإعلام» إذا صح هذا التعبير في ذاك التاريخ.
وأخص الجاهلي بهذا الدور أكثر من غيره كون الفترة الواقعة ما قبل الإسلام كانت فترة محصورة في الجزيرة العربية تحديدا حيث كان العرب معزولين جغرافيا عدا تجارتهم في «رحلة الشتاء والصيف» بين سوريا واليمن.
فعملية الاتصال والتواصل كانت محدودة جدا بفعل الجغرافيا القاسية واختلاف اللغات. لكن الشعر الجاهلي زودنا بمعلومات كثيرة عن عادات وتقاليد، وأحداث تلك الفترة ولولاها لما علمنا عنها شيئا.
دور إعلامي
نرى أن الشعر لعب دورا إعلاميا وتأريخيا في آن. ففي معلقة زهير بن أبي سلمي مثلا يخبرنا بحرب داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان:
«تداركتما عبسا وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم» أو قصيدة الحارث بن عباد الذي يخبرنا فيها عن حرب البسوس بين قبيلتي تغلب وشيبان، و الأعشى الذي خبرنا عن موقعة ذي قار بين قبيلة بكر والفرس:
«لما رأونا كشفنا عن جماجمنا ليعرفوا أننا بكر فينصرفوا» وكذا أيضا ما وصلنا من قصص الحب في شعر قيس الملوحي، وكثير عزة، وعنترة. ويؤكد طرفة بن العبد أن كتمان خبر ما لا بد أن يعلم يوما فيقول:
«ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود».
ولعب الشعر أيضا دورا إعلاميا كبيرا في الفترات اللاحقة الأموية والعباسية كوقائع الحروب، ووصف الفرسان في المديح كما فعل المتنبي مع سيف الدولة الحمداني:
«وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم».
والأمثلة على ذلك كثيرة، وكثيرة جدا. فالإعلام بتعريفه المباشر هو نقل الخبر، أي أن يعلم شخص ما شخصا آخر بحادثة ما، أو قصة، أو خبر لم يكن له به علم.
ومع تقدم علوم الأخبار بات للإعلام قواعد وقوانين، نجد كثيرا منها في القرآن الكريم، والشعر والنثر عند العرب.
ففي دروس الإعلام وعلوم الأخبار توصي بإتباع قاعدة الاختصار فهناك مقولة تردد: الفضائل الثلاث للأخبار هي: الاختصار، الاختصار، الاختصار.
والعرب كانوا يعون لأهمية الاختصار فقالوا: البلاغة إيجاز. فالإيجاز ليس اجتزاء للمعنى بل هي: إصابة المعنى بحسن الإيجاز، أو هي لمحة دالة بإبلاغ المتكلم حاجته بحسن إفهام السامع. والأمثلة على ذلك كثيرة، ومن أفضل أمثلة الإيجاز والبلاغة هي خطبة أكثم بن صيفي في حضرة كسرى:
«أفضل الأشياء أعاليها وأفضل الملوك أعمها نفعا، وخير الأزمنة أخصبها، وأفضل الخطباء أصدقها..»
والقرآن الكريم خير مثال على الإعجاز في الإيجاز:
«كمثل الذي ينعق بما لا يسمع صم بكم عمي فهم لا يعقلون» أو في الأحاديث الشريفة: «خير الكلام ما قل ودل وجل ولم يمل».
ومن قوانين الإعلام التحقق من المعلومة قبل نشرها إحقاقا للمصداقية وعدم بث الأخبار الملفقة، او الكاذبة، أو المجتزأة، ويفترض في العلم الصحافي أن يتم التحقق من المعلومة من مصدرين موثوقين مختلفين على أقل تقدير، كوكالتي أنباء عالميتين مثلا ( رويترز وفرانس برس) فإذا أوردتا الخبر نفسها فيجب الإشارة إليهما في نقل الخبر كي تتحملا المسؤولية عن النقل للخبر.
وهذا ما جاء في القرآن الكريم «إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» فالخبر غير الأكيد يوقع قائله في إحراج كبير لو تم التحقق أنه غير صحيح.
ومنهم من يفتعل الأخبار الكاذبة عمدا والتي تصنف تحت بند الشائعات والتي تضلل المتلقي وتحرفه عن الحقيقة، وهذا نجده في الحديث الشريف: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع».
مكانة المتنبي
ومن بديهيات العمل الإعلامي استخدام اللغة الأساسية، أي التي يتداولها معـظم الناس والبعـيدة عن التعقيد، لسـهولة تنـاولها من المتلقـي وخاصة إذا كان في مجتمع كالمـجتمع العربي الذي يعاني من أمية مازالت متفشية في بعض الأوساط الفقيرة.
وقد وعى أدباء وشعراء إلى هذه الناحية فيقول الجاحظ «الكلمات مطروحة في الطريق والخير للمعاني» وخاصة المتنبي الذي كان الوحيد الذي يعتبر نفسه أنه يعرف كل شاردة وواردة في لغة الضاد:
«أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم» عرف كيف ينظم بكلمات بسيطة تعطي معاني كبيرة ولا يوجد متعلم إلا حفظ ابياتا له لبساطتها:
« الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم» لكن كم من تعلم يحفظ أبياتا أو يعرف ما معني بيت الشاعر الأعشى:
«وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني شاو مشل شلول شلشل شول» وكذلك كان شعر نزار قباني في بساطة كلماته وسهولة فهمها حتى أن مدير جامعة دمشق قال فيه لو أن ورقة سقط من نزار قباني والتقطها شخص ما وقرأها لأعادها إلى نزار قباني. يقول في دمشق:
«هذي عروس الشرق شمس عروبتي، لولا سناها ما استنار ظلام» فمن الصحافيين من يعتقد أن كلما أطال في الحديث وجرب عضلاته اللغوية فإنه يحظى بقدر من التقدير، فتأتي النتيجة عكسية. فرب كلمة مختصرة تفي بالخبر، أو رب نظرة يقول الأخطل الصغير:
«قد أتاك يعتذر لا تسله ما الخبر كلما أطلت له في الحديث يختصر، في عيونه خبر ليس يكذب النظر».
كاتب سوري
نعم دمشق مدينة الشوق والهيام حرسها الله من حسد اللئام ألا : { هذي عروس الشرق شمس عروبتي…لولا سناها ما استنار ظلام }.
مقال لطيف خفيف شفيف من السّيد رياض معسعس ؛ المواظب على عشق ورفد جريدة القدس ؛ بمقالات تزيدها نفعًا مع الأنس.
” فالإيجاز ليس اجتزاء للمعنى بل هي: إصابة المعنى بحسن الإيجاز، أو هي لمحة دالة بإبلاغ المتكلم حاجته بحسن إفهام السامع.” إهـ
أنا أحاول دائماً كتابة تعليقاتي بإيجاز! بحيث المحافظة على معنى ما أقصده!! ولا حول ولا قوة الا بالله
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وردت آية مبتورة وتصويبها هو التالي : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)
وهناك ماجاء في المقال على أنه من الأحاديث الشريفة ، وبعد البحث هذا ما وجدته : وأما: خير الكلام ما قل ودل. فلم نطلع عليه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يعزوه الفقهاء لعلي أو للحسن ابنه رضي الله عنهما.
ووردت آية مبدوءة بإذا في حين يجب أن تبدأ بأداة الشرط إن ، قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)