البنك الدولي ينتصر للبيئيين ويلغي قرضاً بقيمة 244 مليون دولار لإنشاء سد بسري في لبنان

سعد الياس
حجم الخط
2

بيروت- “القدس العربي”:

“انتصرت الطبيعة على الدجل، انتصر مرج بسري على مشاريع الخراب والفساد”، هكذا تفاعل ناشطون بيئيون مع قرار البنك الدولي إلغاء قرض مخصّص لسد بسري بقيمة 244 مليون دولار، موجّهين تحية لكل من تصدّى وصرخ وصمد ووقف في وجه مشروع همجي لتدمير طبيعة لبنان وآخرهم الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية اللذين تبنّيا وجهة نظر الخبراء البيئيين والحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري بأن هذا السد يدمّر مرجاً غنياً بتنوّعه البيولوجي وآثاره القديمة.

ولفت البنك الدولي في بيان إلى أنه “كان حذّر الحكومة اللبنانية من سحب اتفاقه “بسبب شروط أولية لم تتحقّق لبدء البناء تتضمن الانتهاء “من وضع خطة التعويض الإيكولوجي”. وفي حزيران/ يونيو عُلّق العمل بسدّ بسري جزئياً بعد إثارة البنك مخاوف حيال عملية التنفيذ، وأمهل البنك لبنان حتى 4 أيلول/ سبتمبر للعمل على حلول لمواضيع محددة تتعلق بالتشغيل والصيانة وحماية البيئة.

القرار شكّل صدمة للتيار الوطني الحر مقابل ارتياح لدى الحزب الاشتراكي والقوات

ووفق الدراسات، من شأن هذا السدّ أن يؤمّن مياه الشفة لـ1,6 مليون نسمة في منطقة بيروت الكبرى وخصوصاً في الضاحية الجنوبية. وقد دافع التيار الوطني الحر وحزب الله بشراسة عن تنفيذ هذا السد، وأيّد إقامته أيضاً الرئيس سعد الحريري بمعزل عن الموضوع السياسي.

ورغم تطمينات سابقة من الحكومة اللبنانية والبنك الدولي، إلا أن ناشطين بيئيين ومزارعين أعربوا عن خشيتهم من تداعيات بناء السد، لما سيترتب عنه من مصادرة عدد كبير من الأراضي الزراعية وقطع آلاف الأشجار والقضاء على تنوّع بيولوجي لافت يميّز تلك المنطقة اضافة الى الخطر الزلزالي كون السدّ سيُبنى فوق فالق ناشط في المنطقة.

وتبلغ الكلفة الإجمالية لمشروع السد 617 مليون دولار، بينها 474 مليوناً من البنك الدولي وكان من المفترض أن يصبح ثاني أكبر سدود لبنان على أن تصل قدرة استيعابه إلى 125 مليون متر مكعب ستتجمع في بحيرة تقارب مساحتها 450 هكتاراً. وقد جرى استملاك مساحات كثيرة من الأراضي من قبل الدولة اللبنانية.

وتعليقاً على إلغاء السد الذي يُعتبر صفعة للتيار الوطني الحر ولوزارة الطاقة، غرّد النائب جبران باسيل عبر “تويتر” قائلاً: “سيأتي يوم تطالب فيه الدولة اللبنانية ومعها كل أهالي بيروت وجزين وصيدا والشوف وبعبدا وعاليه بتمويل سد بسري، سيسقط النكد السياسي وستظهر الحاجة للمياه، عندها لن ينفع البكاء، ولن يجدي إلّا تأمين قرض جديد لنعود إلى نفس السدّ وبنفس الشروط، ولكن بكلفة أعلى بكثير… هكذا أفلسوا لبنان”.

في المقابل، ذكّر عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب جورج عدوان بقوله خلال لقاء حاشد لأهالي الشوف وإقليم الخروب: “قلنالكم ما في سدّ يعني ما في سدّ”. واعتبر أنه “وفقاً للجو القانوني والشعبي قصة سد بسري انتهت إلى غير رجعة، وأشد على يد كل من ساهموا بإسقاط السد وانجزوا انتصاراً للبيئة”، معلنا أن “التزامنا الأول هو بتحويل السدّ الى محمية، وسنقدّم اقتراح قانون الى مجلس النواب”. وأكد “الالتزام بتأمين مياه شرب نظيفة وعذبة يمكن استخدامها لضاحية بيروت الجنوبية والساحل”، مشيراً إلى أن “السدود أثبتت فشلها وهدمت البيئة وهناك حلول أخرى يمكن أن نقوم بها”.

واعتبر عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبد الله “أن إرادة المجتمع المدني والهيئات البيئية، والبلديات، وأخيراً إرادة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، وإرادة اللقاء الديمقراطي، ورئيسه تيمور جنبلاط، كل هذه العوامل مجتمعةً هي التي انتصرت. لكن الفضل الأساسي للمجتمع المدني، وحركة بلديات المنطقة، والفضل الأساسي هو لوليد جنبلاط الذي لمس بعد اطّلاعه على الدراسات المعدّة أنه مبالغٌ فيها، ليتبيّن بعدها أن هناك تفاصيل عديدة ما كنا نعرفها”.

ومن المعلوم أن الاعتراض الشعبي على سدّ بسري ازداد بعد ثورة 17 تشرين الاول/ أكتوبر، ووقف ناشطون بيئيون تحت شمس حارقة، وشكّلوا مع الأهالي سلسلة بشرية، رافعين الصوت حماية لمنازلهم ومحيطهم من التعدّيات والأخطار البيئية، تحت اسم “نحنا سد بوج السد”.

وفيما نفى رئيس “الحركة البيئية اللبنانية” بول ابي راشد أي تسييس وراء قرار البنك الدولي، أوضح أن السدّ لم يستند إلى دراسة جديدة لتقييم الأثر البيئي المنتهية صلاحيتها عام 2016. أما معارضون للسدّ في منطقة الجبل فقد لخّصوا ما آلت اليه خطة السدود التي وضعها التيار الوطني الحر والتي وصفوها بـ”المظلمة” وخلافاً للعلم الذي يؤكد أن “ثلاثة أرباع الثروة المائية مخزّنة جوفياّ (عبارة عن 3 مليار ليتر مكعّب) أي انه لا يمكن تخزين المياه سطحياً وطبيعة لبنان غير مناسبة للسدود”.

وعرضوا لبعض الأمثلة عن السدود التي دمّرت البيئة من دون أي فائدة أو تجميع للمياه مقابل كلفة مالية مرتفعة كالآتي:

– سدّ المسيلحة (65 مليون دولار) تمّ بناء السد فوق أرض طبيعتها طينية لا تصلح للسدود، تمّ فرشها بالباطون والمياه، مما أدى إلى تحرك الطين ووصوله إلى كسر أرضي موجود في المنطقة، أي أن المشروع غير ناجح بسبب طبقة الأرض الطينية وبسبب وجود كسر أرضي.

– سد بريصا (27 مليون دولار) استمر العمل في بنائه لمدة 12 سنة، ولم يتم تجميع اي نقطة مياه به بسبب التسرّب الذي يحصل من الكعب بسبب البنية الجيولوجية غير الملائمة لإقامة السدود (هناك تفسّخ في الصخور ولا يمكن بناء سد).

– سد القيسماني (30 مليون دولار) لا يوجد في المنطقة أي نبع أو نهر، يهدف إلى تجميع مياه الشطف التي تأتي من الصخور بعد ذوبان الثلوج.

– سدّ جنة (750 مليون دولار) تُعتبر المنطقة التي تمّ البناء فوقها بمثابة مصفاة! حيث إنها تتضمن 3 كسور أرضية مما يجعلها غير مناسبة بتاتاً لإقامة السدود.

– سد بقعاتا ( 120 مليون دولار) تمّ ازالة حرج صنوبر تاريخي وبقي الرمل فقط الذي بدأ بالزحل في فترة الشتاء وبالتالي بدأت البلدة بالزحل أيضاً مما دفعهم إلى بناء جدران دعم ما لبثت أن انهارت.

– سد بلعا (90 مليون دولار) فكرة بناء سد في هذه المنطقة خاطئة في الأساس كونها منطقة فيها بواليع تقوم بتخزين المياه جوفياً أي انه من غير المنطقي تخزين المياه سطحياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبو العبد الحلبي:

    في أحد الأيام ، عثرت على كتاب في المكتبة لأحد علماء بريطانيا الكبار يتحدث فيه عن السدود التي تقام على الأنهار . بطريقة علمية متعمقة ، قارن بين الفوائد و الأضرار مورداً مثال السد العالي “سد أسوان في مصر” . النتيجة كانت ترجيح الأضرار ، و سيتبين حجم الأضرار الفادحة من وراء إنشاء سد النهضة في إثيوبيا خلال زمن قصير ليس على مصر و السودان فقط . من استثمروا فيه أموالاً ، كانت حماقتهم بالغة .
    أجمل التهاني لأهل لبنان على إسقاط سد بسري فلقد حققوا انتصاراً للبيئة و أزاحوا مشروعاً تافه الجدوى .

  2. يقول أسامة كُليَّةً سوريا/ألمانيا:

    ىالقادم أفضل إن شاء الله

إشترك في قائمتنا البريدية