تونس – “القدس العربي”: بين تونس ومصر تاريخ رياضي كبير حافل بالمنافسة في كل الرياضات تقريبا وليس فقط في كرة القدم، فكلاهما إلى جانب الجزائر، يسيطرون على رياضتي كرة اليد والطائرة على مستوى القارة السمراء، ناهيك عن كرة السلة التي للتونسيين كما المصريين باع فيها سواء على مستوى المنتخب أو على مستوى الأندية، سواء تعلق الأمر بالذكور أو بالإناث. وخلقت هذه المنافسة الرياضية الشرسة والمستمرة على طول العام، وفي أحيان كثيرة، مشاكل وملاسنات بين الجماهير الرياضية، وضغائن وأحداث عنف كان لها تأثير على مجالات عدة كالإعلام والسياسة والثقافة وغيرها.
ورغم هذه المنافسات التي زادت في شراستها عن الحد، فإن الدوري التونسي بدأ في السنوات الأخيرة يستهوي اللاعبين المصريين كما بدأ الدوري المصري بدوره يغري اللاعبين التونسيين. فهناك هجرة معاكسة بدأت تنشأ بين البلدين على مستوى اللاعبين، يتنبأ لها العارفون بالشأن الرياضي بأن تتطور خلال السنوات المقبلة خاصة مع اتخاذ الإتحاد التونسي لكرة القدم قرارا يعتبر فيه لاعبي بلدان شمال إفريقيا لاعبين محليين. ولعل آخر الصفقات التي تدخل في هذا الإطار تلك التي ضمّ بموجبها النجم الساحلي التونسي منذ أيام لاعب الأهلي المصري الشاب محمود صابر وأبرم معه عقدا مدته 5 سنوات. وكان صابر الذي ينتمي إلى المنتخب المصري للشبان ويعتبر من أبرز اللاعبين الصاعدين في مصر، تلقى عروضا للاحتراف في أوروبا، لكنه خيّر الدوري التونسي الذي يبدو أنه يريده محطة لتفجير الطاقات قبل التحول إلى القارة العجوز. وكان النجم الساحلي ضم في وقت سابق لاعبا مصريا آخر هو عمر مرعي الذي انتهت تجربته ولم تكلل بنجاح لافت.
ومن اللاعبين المصريين الذين نشطوا في الدوري التونسي، المدافع مصطفى فرماوي صلاح الذي لعب مع إتحاد بن قردان، الذي يعتبر الفريق المدلل في دوري المحترفين التونسي باعتباره النادي الأم لرئيس الإتحاد التونسي لكرة القدم وديع الجريء. ولعب فرماوي قبل قدومه إلى تونس في الأهلي المصري ثم طنطا قبل أن يحط الرحال في الدوري التونسي ويحتل المركز الرابع مع ناديه السنة الماضية الذي لم تمض أعوام طويلة على صعوده إلى الرابطة المحترفة الأولى. وكان الملعب التونسي سبّاقا في انتداب اللاعبين المصريين، فبعد فوزه سنة 1988 بالكأس العربية للأندية الفائزة بالكأس في مدينة جدة السعودية على حساب إتحاد جدة في الدور النهائي، انتدب لاعب المقاولين العرب المصري محمد حشيش الذي قضى سنوات في صفوف النادي الملكي. كما انتدب الملعب التونسي في السنوات الأخيرة اللاعب المصري محمد سليم الذي لم يعمّر طويلا، حيث شارك فقط في خمس مباريات ثم رحل إلى بلاده ليلتحق بنادي حرس الحدود.
أما في مصر، فقد نشط لاعبون تونسيون كثر على غرار لاعب النادي الصفاقسي السابق وسام العابدي الذي ضمّه نادي الزمالك في وقت ما، فيما ضمّ النادي الأهلي لاحقا لاعب الصفاقسي أيضا أنيس بو جلبان. وواصل الأهلي تعامله مع نادي عاصمة الجنوب فضم اللاعب الدولي التونسي علي معلول الذي ما زال ينشط في صفوفه إلى اليوم. وتعتبر الصفقتان اللتان انتدب بموجبهما الزمالك المصري اللاعبين الدوليين التونسيين الفرجاني ساسي وحمدي النقاز من أهم الصفقات التي حصلت في “التبادل الرياضي” بين التونسيين والمصريين في السنوات الأخيرة. ورغم النجاح الذي حققه لاعب الإرتكاز الفرجاني فإن مواطنه حمدي النقاز أنهى مشواره مع الزمالك بخلاف ومطالبة بأموال متخلدة بذمة ناديه المصري، وهو ما عجّل بعودة الظهير الأيمن السابق للنجم الساحلي إلى تونس. وبعد دعوة عمر العيوني إلى المنتخب التونسي حيث كان ينشط في الدوري النرويجي وتمّ اكتشافه وضمه إلى نسور قرطاج، سارع بيراميدز المصري الذي يحتل المركز الثالث إلى انتدابه. ويرى البعض أن أعداد اللاعبين التونسيين في الدوري المصري مرشحة أيضا للإرتفاع، خاصة مع نجاح المنتدبين التونسيين على فرض أنفسهم في الدوري المصري. كما أن اقتداء الإتحاد المصري لكرة القدم بنظيره التونسي من خلال اعتبار لاعبي دول شمال إفريقيا لاعبين محليين سيساهم في ازدياد أعداد اللاعبين، ناهيك عن التشابه في أساليب اللعب بين البلدين. ويبدو أن الخلافات السابقة بين الأندية التونسية والمصرية قد تمّ تجاوزها أيضا بعدما استنفد الطرفان كل عبارات السب والشتم والقذف وكل أشكال الإحتجاجات والإتهامات المتبادلة، ولم يعد يوجد ما يمكن إضافته في هذا المجال. ولم يعد هناك بد من التنافس في إطار الإحترام المتبادل ومن التعاون المشترك، وهو ما تجسّد في الصفقة الأخيرة بين الترجي التونسي والأهلي المصري في كرة اليد والمتمثلة في انتداب الترجي للاعب الأهلي اسكندر زايد لمدة 3 مواسم، مقابل انتقال لاعب الترجي أسامة الجزيري إلى الأهلي المصري بداية من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.