الأردن: الإسلام السياسي بلا «مغامرات»… الطراونة «غائب وطامح»… تيارات «الولاء» ترنحت و«المدنية» تفسخت

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان- «القدس العربي»: قد لا تكون أي قراءة مبكرة لخريطة المرشحين للانتخابات الأردنية المقبلة دقيقة، لكنها قراءة ممكنة الآن في ظل موازين القوى التقليدية، وبعدما علق الإخوان المسلمون جرس قرار المشاركة في الانتخابات لصالح تفاهم ضمني غير مكتوب من الصعب تجاوزه بينهم وبين السلطة على عملية ترشيح منطقية ومتوازنة لا تنتهي بكتلة أغلبية في برلمان 2020 قد تؤدي إلى أزمة وصدام مجدداً.
مبكراً، لفت الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المعارض الشيخ مراد العضايلة، نظر «القدس العربي» إلى برلمانين في السابق شاب انتخاباتهما كثير من شوائب التدخل والعبث، وانتهى الأمر بحلهما قبل وقتهما الدستوري.

قراءة مبكرة في خريطة مرشحي انتخابات 2020

ومبكراً، يجدد القيادي في الحركة الإسلامية الشيخ زكي بني ارشيد، بدوره، رصد ملاحظة تقول بأن المجلس الحالي قد يكون الوحيد من سنوات الذي أنهى فعلاً جميع أعماله.
يقترح العضايلة انتخابات نظيفة جداً، مؤكداً أن العبث والتدخل سيمس ببرلمان 2020 ويحوله إلى عبء على الدولة والمجتمع، وعلى أساس أن انتقاص شرعية مجلس النواب في الذهن الجماعي محصلة حتمية لخلل على المستوى الوطني سينتهي ببرلمان مؤقت. لكن هذا الخطاب لا علاقة له بالخريطة المتوقعة للمرشحين، فنوايا الحركة الإسلامية تتجه للحفاظ على حصتها الحالية وتجنب الترشيح بكثافة، والتمكن من الحفاظ على عشرة مقاعد في البرلمان المقبل، يمكن أن ترتفع إلى 15 أو 16 مقعداً عبر الائتلاف والتحالف مع شخصيات وطنية وعبر الكوتات.
ولتحصيل هذا العدد، الذي لا يعتبر كثيراً على الإسلاميين، لا بد من ترشيح ما بين 20 – 25 مرشحاً في الدوائر المختلفة.
وما يبدو عليه الأمر حتى الآن أن الحركة الإسلامية ليست بصدد استفزاز السلطات بمغامرة ترشيحية على أساس التشبيك مع نقابة المعلمين، وهو أمر تم التحذير منه في وقت سابق، وضمن المنطق الرسمي والأمني الموجه للإسلاميين بعنوان الترحيب بمشاركتهم كحزب سياسي مرخص وشرعي وليس كجماعة أو على أساس التأزيم بتوقيع حراك المعلمين.
يضمن هذا الترتيب دوماً حصة منظمة جداً ومنضبطة باسم الحركة الإسلامية في برلمان المستقبل، ولا يحظى بفيتو أو اعتراض من السفارة الأمريكية التي تراقب التفاصيل الآن، والتي يوحي ما يصدر عنها بأنها ليست ضد كتلة إسلامية بحجم محدود، كما هي ليست ضد الثقل العشائري بحجم معقول.
يمكن هنا ملاحظة أن المسائل تترتب في سياق مشهد انتخابي يغيب عنه لاعب مهم أو كان مهماً طوال الأعوام السبعة الماضية، وهو رئيس مجلس النواب الأسبق عاطف طراونة. ولم يقف طراونة نفسه فقط على عتبة إعلان عدم ترشحه للانتخابات، بل قاد اجتماعاً عشائرياً بدأ بانسحاب شقيقه نقيب أطباء الأسنان الدكتور إبراهيم الطراونة.
لكن الرجل على الأرجح «طامح وطامع» بالعودة أقوى للواجهة من خلال ضمه إلى قائمة الترشيحات البرلمانية مستقبلاً لاختيار رؤساء حكومات.
ومعنى ذلك يفيد بأن الكتلة الحرجة من نواب الوسط والثقل الكلاسيكي التي كان يديرها الطراونة أو يدعمها، ستختفي لاحقاً ولن يكون لها دور دون ضمانات بأن لا تظهر حالة استقطاب مماثلة. الأهم أن الانتخابات ستجري -إن جرت أصلاً- بعدما ترنحت ثلاثة مشاريع على الأقل باسم الوسطية والولاء والتيارات الوطنية كانت تعدّ نفسها لهذه الانتخابات أملاً في تشكيل حكومة أغلبية برلمانية لاحقاً.
ترنحت هذه المشاريع وفقدت الأنبوب الذي يغذيها بالأفكار والطموحات وتفسخت اليوم إلى مشاريع أصغر بطابع فردي تطلب النجاة لأشخاص وليس لمشروع سياسي. وتفسخ أيضاً معسكر التيار المدني بعد استقالات جماعية بداها وزير البلاط الأسبق مروان المعشر من حزب التيار المدني الوحيد بلونه في الساحة.
وتلك حالة تموقع تفيد مسبقاً بأن التيارات المدنية واليسارية والقومية ستحظى بمقاعد قليلة جداً وأقرب إلى نكهة، فيما يبقى الثقل الكلاسيكي والعشائري الوسطي هو الأساس مرة جديدة.
ويقابله في المرتبة الثانية حتى اللحظة على الأقل كتلة إسلامية منظمة صلبة، وتعمل هذه الأطر وسط أغلبية من المستقلين، ما يثبت مجدداً أن الانتخابات المقبلة، على أهميتها، قد تكون خالية من اللون السياسية باستثناء الطعم والنكهة للتيار الإسلامي بصورة شمولية. ما الذي تستطيع أن تفعله الدولة الأردنية بتركيبة برلمانية من هذا النوع خارج سياق التنميط الحزبي وبالتأكيد خارج الصورة عندما يتعلق الأمر بالبرامج التي ستكون نادرة في مؤشر سيعيد إنتاج تجارب سابقة لها علاقة بفردية الموقف والخطاب وابتزاز الحكومات القائمة على أساس أنظمة الخدمات للدوائر الانتـخابية؟
هل سيتصدى برلمان 2020 لمهام ومشاريع سياسية وإقليمية ضخمة؟
.. هذا هو السؤال الأهم اليوم، الذي حاول الإخوان المسلمون دون وقبل غيرهم الإجابة عنه بالإشارة إلى أنهم قرروا المشاركة في الانتخابات والمؤسسات الدستورية، أساساً وأصلاً، لأن الهوية الوطنية مستهدفة، ولأن المشاريع المشبوهة تتزاحم في المنطقة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية