غزة- “القدس العربي”:
لم تشفع صور مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” في قطاع غزة، ماتياس شمالي، وهو يوزع مساعدات غذائية على الأسر الفلسطينية المحتاجة، وصوره وهو يجمع القمامة مع عمال النظافة جنوبي القطاع، ولا إعلانها عن وجود عجز مالي، له ولا لهذه الوكالة الدولية من موجة الغضب الشعبي التي عبر عنها لاجئو القطاع، بأكثر من شكل، بعد تردي أوضاعهم الاقتصادية مؤخرا بعد وصول فيروس “كورونا” للقطاع، وهي أزمة صاحبها ارتفاع كبير في نسب الفقر والبطالة.
غير أن شكوى الغزيين من قصور عمل الوكالة، وعدم تقديمها ما يطمحون في ظل الجائحة، والتقاط صور أخرى لعربة توزيع مساعدات غذائية تتبع “الأونروا” وهي تجوب أحد أحياء اللاجئين بغزة، وقد أحاط بها كم كبير من السكان للحصول على حصتهم من تلك المساعدات، بطريقة لم يجر خلالها مراعاة إجراءات الوقاية من فيروس “كورونا”، وكذلك دون مراعاة الشكل الاجتماعي، صعد من حملة الانتقادات.
وقد بدأت “الأونروا” في قطاع غزة، الثلاثاء، باتباع آلية جديدة لتوزيع مساعداتها الغذائية على المستفيدين من اللاجئين، للوقاية من تفشّي فيروس “كورونا”، تشمل توصيل المساعدات إلى المنازل، دون حضور المستفيد إلى مراكز التوزيع، لمنع الازدحام.
ويتطلع اللاجئون في هذا الوقت لأن تزيد “الأونروا” من حجم مساعداتها، لتواكب ارتفاع نسب الفقر والبطالة، التي خلقتها الجائحة، والتي أوقفت غالبية الأعمال اليومية، التي كانت توفر قوت يوم عشرات آلاف الأسر، وهو ما لم يحصل حتى اللحظة.
حالات الفقر والبطالة تزداد مع تفشي “كورونا” ودعوات للمفوض لزيارة القطاع لمراقبة التقصير
ويقول محمود جمعة، وهو لاجئ يعيل أسرة من وسط قطاع غزة، لـ”القدس العربي”، ويملك عربة لبيع المشروبات الساخنة في أحد الأسواق الشعبية التي أغلقت مع بداية حالة الطوارئ في غزة، بتاريخ 24 من الشهر الماضي، إنه كان يأمل من “الأونروا” أن تشرع بتقديم مساعدات إما مالية عاجلة، أو عينية من خلال “كوبونة” أطعمة مختلفة تشمل الخضروات وغيرها من متطلبات أسرته، لمساعدتها على التكيف مع الواقع، لافتا إلى أن ما كان يوفره من عمله المتعطل، كان بالكاد يكفي تدبير شؤون منزله اليومي.
ورفضا لأسلوب التعامل الذي تقوم به “الأونروا” في ظل الأزمة الحالية، نظمت دائرة اللاجئين في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكتلة الوحدة العمالية، وقفة احتجاجية ضد سياسات هذه المنظمة ورفضا لتقليص الخدمات وغياب خطة الطوارئ في ظل تفشي جائحة كورونا بالقطاع، وذلك أمام مقر “الأونروا” في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة، حيث رفع المشاركون لافتات تندد بالتقصير وتدعو لعمل عاجل لإنقاذ الوضع.
يشار إلى أنه قبل أزمة “كورونا” كانت معدلات البطالة والفقر مرتفعة جدا في قطاع غزة، حيث وصلت نسبة الفقر في القطاع لأكثر من 65%، فيما بلغت نسبة البطالة أكثر من 53%، حيث يعتمد 80% من السكان على المساعدات الخارجية لتأمين ظروف حياتهم، فيما زادت هذه النسب بشكل أكبر بعد أزمة الفيروس.
وفي هذا السياق، كانت اللجنة المشتركة للاجئين في قطاع غزة دعت المفوض العام لـ”الأونروا” فيليب لازاريني لزيارة القطاع للاطلاع عن كثب على أداء إدارة منظمته وحالة التردد والارتباك التي تعيشها الإدارة.
وقالت اللجنة المشتركة إنّه ومع تفشي وباء “كورونا” وانتشاره في قطاع غزّة بما فيها أوساط اللاجئين الفلسطينيين في المُخيّمات، ما زالت إدارة “الأونروا” تعيش حالة من الإرباك والتردد من جانب وتتبع سياسة إدارة الظهر للمسؤوليات المنوطة بها من جانب آخر، وأوضحت أنّها أطلقت “العديد من النداءات والرسائل والفعاليات المختلفة في مُخيّمات اللاجئين كافة، وقمنا بدق جرس الإنذار مطالبين الإدارة القيام بواجباتها ودورها ولكن دون استجابة، فما زالت الإدارة تعيش حالة الحجر والعزلة وعدم القيام بالمسؤوليات المطلوبة منها”.
وتوعدت اللجنة بتصعيد احتجاجاتها ضد “الأونروا” وخاطبت المفوض العام في البيان بالقول: “لقد نفد صبرنا ولن نستجدي حقوقنا العادلة والمشروعة”، وطالبت الأمم المتحدة بحث الدول المتعهدة بضرورة سد العجز المالي لـ”الأونروا”، ومتابعة ما يجري في قطاع غزة من إهمال ولا مبالاة؛ لافتة إلى أن الأمر خطير ويهدد بكارثة إنسانية في أوساط اللاجئين جراء الجائحة، وقالت باستهجان: “هل يعقل عدم توزيع السلة الغذائية لمستحقيها بعد 17 يوما من دخول جائحة كورونا”.
وأضافت: “أين هي الخطط الطارئة المعدة للإغاثة في ظل الجائحة؟”، وقد اتهمت مدير العمليات ماتياس شمالي، بعدم إدارة الأزمة بشكل جيد، وطالبت اللجنة بسرعة تغيير آلية توزيع الحصص الغذائية نظراً لبطء الآلية المتبعة وعدم مراعاتها لمتطلبات الوقاية الصحية للمستفيدين.
ودعت إدارة “الأونروا” للحفاظ على الأمان الوظيفي للموظفين وعدم استغلال ظروف الجائحة للإقدام على أي خطوة تتعلًق بتقليص عدد الموظفين، وأكدت أن قطاع غزة ما زال يُعاني من حصار على مدار أربعة عشر عاماً.
وقد كان معين أبو عوكل، رئيس اللجان الشعبية في قطاع غزة، قال إن الطريقة التي توزع بها “الأونروا” السلة الغذائية على مستحقيها سيئة للغاية، وإن السلة نفسها سيئة أيضا من ناحية النوع والكمية، إذ إن تاريخ صلاحية بعض الأصناف شارف على الانتهاء وبات فاسدا نتيجة التخزين في الجو الحار، لافتا إلى أن بها نقصا في عدة أصناف وكميات، ما يزيد معاناة اللاجئين الذين ينتظرون السلة منذ شهور لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
جدير ذكره أن “الأونروا” أعلنت مجددا أنها تمر بأزمة مالية خانقة ولديها عجز حتى نهاية العام بحوالي 200 مليون دولار، لافتة إلى أن هذا المبلغ مهم جدا توفيره من أجل استمرار برامجها، الخاصة بالصحة والتعليم ورواتب الموظفين، ولفتت إلى أن نداءها السابق حول كورونا يحتاج لأكثر من 94 مليون دولار وهو مبلغ ليس له علاقة بأزمتها المالية الخانقة.
ومن جديد أكد مدير عمليات “الأونروا” في غزة ماتياس شمالي أن منظمته تتعرض لأزمة مالية كبيرة، وأوضح أنها ستكون قادرة على دفع رواتب شهر سبتمبر بعد استلامها لـ10 ملايين دولار أمريكي من الأمم المتحدة في نيويورك، وقال: “بخصوص الأشهر المقبلة خصوصًا أكتوبر، ونوفمبر، لا تتوافر الأموال اللازمة لدفع الرواتب”.
وقال شمالي: “أسوأ سيناريو بالنسبة لنا هو أننا لن نحصل على أية أموال، وبالتالي فإننا لن نستطيع دفع أي رواتب في مختلف مناطق العمليات لـ30 ألف موظف”، وأضاف: “السيناريو الآخر هو إمكانية تأمين القليل من الأموال ووقتها علينا التفكير في إمكانية دفع نصف الراتب بما هو متوفر وتأجيل دفع النصف الآخر إلى حين تأمين الأموال اللازمة، ونحن بانتظار نهاية أكتوبر لاتخاذ القرار المناسب”.
وقد وصف النائب جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، إعلان وكالة الأونروا أنها تواجه صعوبة في دفع رواتب الموظفين بسبب العجز المالي، بأنه مؤشر خطير جداً، وقال في تصريح صحافي: “الأزمة بدأت تدخل منحنى جديدا حين بدأت تطال رواتب الموظفين، وهذا مساس بالموظفين وعوائلهم”، معتبرا أن عدم توفر التمويل لـ”الأونروا” يُمثل مشكلة كبيرة، وقال: “على المجتمع الدولي تداركها بشكل عاجل وسريع”.
وشدد على أن “الأونروا” المؤسسة الدولية المُناط بها ملف رعاية اللاجئين، لديها تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يفترض أن يكون مشفوعاً بغطاء مالي وشبكة أمان مالية، كما شدد على ضرورة عدم المساس بالخدمات المُقدمة للاجئين في مخيمات قطاع غزة والضفة الغربية والقدس وسوريا ولبنان والأردن على الصُعد التعليمية والصحية والإغاثية.