نيويورك تايمز: هل ستتعامل دول الخليج مع فلسطينيي الداخل أم أنها مهتمة بالسلاح الأمريكي؟

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن – “القدس العربي”: تمثل العلاقات الدبلوماسية الجديدة بين الإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، فرصة للفلسطينيين في داخل إسرائيل، فسيكون بإمكانهم التحرك بحرية في شوارع ومراكز التسوق في دبي والبحث عن فرص عمل هناك بل والتفكير بالاستثمار، إلا أن أضواء دبي تمثل معضلة لهم لأن العلاقات الجديدة ستأتي والقضية الفلسطينية لم تحل بعد.

وفي التقرير الذي أعده كل من ديفيد هالبفينغر وآدم راسغون لصحيفة “نيويورك تايمز” قالا فيه إن منظور السفر مباشرة للإمارات والبحرين مثير للدهشة للفلسطينيين داخل إسرائيل، ولكن فكرة البحث عن فرص تنفعهم على حساب إخوانهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة تثير شكوكهم. وقال ساجي خشاب، (23 عاما) الذي يحمل شهادة جامعية في علوم الكمبيوتر إنه يحب السفر إلى دول الخليج التي يتابع أخبارها من خلال المدونين للطعام والسفر و “هناك قائمة صغيرة من الدول العربية التي أستطيع زيارتها”.

ومع ذلك فهو غير مستعد لانتهاز الفرصة “أريد أولا رؤية الفلسطينيين في الضفة الغربية في حالة جيدة على الأقل وموافقين على هذا” و “بعد ذلك أبدأ بالتفكير كيف أستفيد نفسي من هذا”.

وحتى توقيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين الشهر الماضي في واشنطن كان الفلسطينيون في الداخل يسافرون إلى مصر للسياحة والأردن للدراسة.

وظلت دول الخليج بناطحات السحاب الحاضرة على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الإجتماعي ولكنها ظلت خارج نطاق الفلسطينيين داخل إسرائيل، ولدى هؤلاء رغبة غير مريحة لمشاهدة هذه الأماكن عيانا.

وينقل التقرير عن محمد دراوشة الذي يقود مجموعة تدعم التعايش العربي- اليهودي إن الوضع مثل “أمريكي يريد زيارة نيويوك” و “هي مركز رمز ثقافي وإنجاز”. ومن الصعب حتى الآن السفر مباشرة إلى دول الخليج عبر رحلات تجارية لكن أصحاب شركات لحوم ومحامص للبن وشركات السياحة كانوا من بين مدراء الشركات العرب الذين انتهزوا الفرصة للمشاركة في الرحلات التي قادتها مصارف إسرائيلية. وقام وسطاء من المناطق العربية داخل إسرائيل بإنشاء مجموعات على “واتساب” بل وفتحوا مكتبا لهم في الخليج.

وتم إغراء لاعب الوسط في فريق كرة القدم الإسرائيلي ضياء سبع من مدينة مجد الكروم للإنتقال من ناد صيني إلى نادي النصر في دبي. وكتب على انستغرام بالعبرية “استقبلونا استقبال الأبطال” وبالعربية “لا تستطيع الكلمات التعبير” عن الحفاوة التي لقيها.

ويقول الخبراء إن الفرص الاقتصادية المباشرة لمواطني إسرائيل في دول الخليج ترتبط بجذب الشركات الناشئة والحصول على فرص عمل محفزة في قطاع التكنولوجيا والإستثمار المصرفي.

وقال إيهاب فرح المحامي في تل أبيب “الجميع ينظرون الآن إلى النجوم” وأضاف المحامي الذي قدم الإستشارة للشركات الناشئة، “يقول الكثير من رجال الأعمال: نريد قطعة من الكعكة”.

وتقول نورا نصير منسى، المؤسسة المشاركة في “نورامي ميديكال “بحيفا وهي شركة تقوم بتصنيع رقعا للجراحة، تعتمد على تكنولوجيا نانو إنها تنتمي إلى عدد من المجموعات على واتساب يتساءل أفرادها عن كيفية الاستفادة من الوضع الجديد. وقالت إنها تأمل بجمع الأموال في الإمارات واستخدام الخليج كبوابة للدول المغلقة ” يمكن أن يفتح هذا فرصى جديدة” و “عالما جديدا لا نعرفه وسوقا جديدة”.

ويأمل خبراء الأقلية العربية في إسرائيل من أن تؤدي اتفاقيات التطبيع لتعويض رجال الأعمال عما يعانونه من صعوبات للحصول على قروض من البنوك الإسرائيلية الكبرى. وقال زياد أبو حبلة، الخبير المصرفي العربي إن العرب داخل إسرائيل يشعرون أن كلمة “مخاطر” مكتوبة على جبهتهم ولهذا قد يدفعون فوائد أكثر من اليهود. ويقول فرح إن هناك آمال بتغيير الإستثمار الإماراتي في قطاع الشركات الناشئة داخل الأقلية العربية النظرة المحلية لها. ولو نظر المستثمرون اليهود لها الآن من منظور “المسؤولية الإجتماعية للشركات” فإنهم قد يستثمرون فيها كوسيلة لبناء علاقات مع دول الخليج.

إلا أن استاذ الاقتصاد في جامعة تل أبيب، سامي ميعاري دعا للحذر من قدرة رجال الأعمال العرب في إسرائيل، على الدخول إلى الأسواق الخليجية التي تعتبر باهظة الثمن بشكل غير عادي و “هم يتنافسون مع شركات عملاقة في السوق”.

ويشكك رجا خالدي، الاقتصادي في معهد أبحاث برام الله من اهتمام عرب الخليج عقد شراكات تجارية مع العرب في إسرائيل الذين ينظر إلى تجارتهم بغير أهمية. وقال “لم يعقدوا سلاما مع نتنياهو للتعامل مع العرب” و “ليسوا بحاجة للعرب”.

وهناك مشكلة في طموح رجال الأعمال العرب داخل إسرائيل لبناء علاقات تجارية مع دول الخليج، فالإمارات كما يقول “تعاني من نقص مزمن في الرأسمال البشري وعلى كل المستويات”. فالعربي المتخرج في مجال التكنولوجيا يحصل على وظيفة عمل براتب يتراوح ما بين 3.000- 5.000 دولار في الشهر وهو يتوقع ضعف هذا المبلغ بخمس مرات في الإمارات.

ولكن القيادة الفلسطينية شجبت الاتفاقيات بأنها خيانة للقضية الفلسطينية، ولهذا يشعر الفلسطينيون داخل إسرائيل بالقلق من التربح على حساب إخوانهم في المناطق المحتلة.

ويقول خشاب الذي يدرس لمرحلة الماجستير بجامعة تل أبيب ويعمل مع شركة تكنولوجيا أمريكية أن سوق العمل الإماراتي قد يوسع أفقه. كما أن نظام التكنولوجيا الإسرائيلي يسيطر عليه أشخاص التقوا مع بعضهم البعض في الجيش ويستبعد العرب منه، ولهذا يبحث هؤلاء عن العمل مع شركات متعددة الجنسية تستوعبهم. وهو واع بأثر الإتفاقيات على الفلسطينيين داخل الضفة، فبلدته قلنسوة لا تبعد سوى ميلين عن مناطق السلطة الوطنية.

و “لا أستطيع الذهاب لو تبين أن هذا مجرد صفقة سلاح” في إشارة للتقارير عن موافقة الإمارات التطبيع مع إسرائيل حتى توافق أمريكا على بيعها مقاتلات أف ـ35.

وفي الوقت الذي يقول فيه خبراء إن الكثير من فلسطينيي الداخل قد يتجنبون الإمارات بناء على أرضية أيديولوجية إلا أن البعض سيتبنى نهج الانتظار ورؤية ما يحصل. ويرى ميعاري أن الامتحان هو إن كان الإماراتيون والبحرين يريدون دعم الفلسطينيين على المدى البعيد أم لا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد الله العقبة / ماجستير علم نفس:

    ما جاء في المقال يؤكّد ان الفلسطينيين داخل الخط الاخضر مع التطبيع وليس العكس كما تعلن السلطة الفلسطينية.المصالح ستبرر كل شيء حتى التعامل مع العدو.ولا شك ان عرب الخليج سيعتمدون على فلسطيني الداخل مستقبلا في مؤسسات التطبيع المتبادلة.
    كنا نعلم ان الهجوم على التطبيع سيتلاشى كغيره..وهذا ما نلمسه.نحتاج لطريقة تفكير نفسية جديدة في التعامل مع العدو؟؟؟

إشترك في قائمتنا البريدية