برلين ـ “القدس العربي”:
سجلت ألمانيا مستويات قياسية جديدة لإصابات كورونا اليومية مقارنة بالنصف الثاني من نيسان/ أبريل، عندما تم تسجيل مستويات ذروة الوباء، مع ارتفاع عدد المرضى في وحدات الرعاية المركزة وعلى أجهزة التنفس الاصطناعي مقارنة بأسبوع مضى.
وأعلن معهد “روبرت كوخ” الألماني لمكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية صباح الأربعاء عن تسجيله 2828 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ألمانيا خلال يوم واحد، استنادا إلى بيانات الإدارات الصحية المحلية.
وفي ذروة الوباء في أواخر آذار/مارس وأوائل نيسان/أبريل، كانت ألمانيا تسجل أكثر من 6 آلاف حالة جديدة يوميا قبل أن يتراجع عدد الحالات بشكل كبير. ومع ذلك، عادت الأعداد للارتفاع مجددا في تموز/يوليو. كما أظهرت أحدث الأرقام الصادرة الأربعاء وفاة 16 شخصا آخرين بعد إصابتهم بالفيروس، ليرتفع عدد الوفيات إلى 9562 حالة، وفقا لمعهد روبرت كوخ.
وفي ذات السياق تحقق السلطات الألمانية في واقعة إقامة حفل زفاف ضخم، شغل برلين بأكملها، وذلك بسبب ثبوت انتشار العدوى داخل العرس العربي/ التركي وإصابة العشرات من الضيوف بالفايروس. ووفقا لمجلة فوكوس الألمانية فإن السلطات في برلين تحقق في مجريات عرس ضخم أقيم في برلين نهاية سبتمبر وحضره زهاء 350 ضيفا، ثبت إصابة 48 منهم بكورونا. وعلم أن العريس والعروس ووالد العريس من ضمن المصابين. وتسود مخاوف من تحول حفل الزفاف لنقطة وباء جديدة خاصة أن الضيوف بحسب صحيفة برلينر تسايتونغ لم يلتزموا بالتعليمات الوقائية، حيث أجرت لقاء مع أحد الضيوف الذي أخبرهم أن الضيوف رقصوا سوية في الحفل، وأنهم لم يضعوا الكمامات، كما أن منافذ التهوية في القاعة كانت قليلة.
ويخالف هذا الحفل القوانين في ألمانيا الخاصة بالوقاية من كورونا والتي أكدت منع الحفلات داخل القاعات المغلقة في حال زيادة العدد عن 25 ضيفا ومنعها في الساحات الخارجية في حال زاد عدد المشاركين عن 50 شخصا.
وفي محاولة منها لمنع انتشار العدوى قررت حكومة ولاية برلين إغلاق معظم المحلات وكل المطاعم والحانات في الفترة بين الساعة الحادية عشرة مساء حتى الساعة السادسة صباحا بسبب ارتفاع إصابات كورونا، بحسب مجلة دير شبيغل الألمانية.
وبحسب هذا القرار سيكون هناك استثناءات لمحطات البنزين لكن مع عدم السماح لها ببيع الكحول أثناء الليل. كما ستفرض برلين قيودا جديدة على الحفلات الخاصة في القاعات المغلقة، حيث لن يتم السماح بزيادة عدد المشاركين فيها عن 10 أشخاص بدلا من 25 شخصا (وفقا لما هو معمول به حاليا).
يذكر أن مؤشر وضع كورونا في برلين أظهر لأول مرة الحاجة إلى اتخاذ تدابير حيث زاد معدل الإصابات الجديدة قياسا إلى عدد السكان في سبعة أيام، قيما أعلى من القيم المصنفة على أنها حرجة.
من جهتها دعت الحكومة الألمانية مجددا مواطنيها إلى التزام اليقظة بسبب ارتفاع أعداد الإصابات بكورونا في البلاد.
وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم الحكومة الألمانية إن “ديناميكية (العدوى) آخذة في الزيادة”، وصرح بأن من الضروري توخي الحذر الشديد، مشيرا إلى أن الهدف لا يزال يتمثل في الإبقاء على أعداد الإصابات عند المستوى المتدني الذي يمكن لمكاتب الصحة معه أن تستوعب سلاسل العدوى وتقطعها.
ولفت زايبرت إلى أن بعض المناطق والتجمعات السكانية الكبرى تشهد حاليا “قيما حرجة” تزيد عن معدل الـ50 إصابة جديدة لكل مئة ألف نسمة في سبعة أيام.
وعقدت المستشارة أنغيلا ميركل مجددا اجتماعا مع اللجنة الوزارية المعنية بمعالجة أزمة كورونا، وقال زايبرت إنه لم يتم اتخاذ قرارات لكن تم التحضير لقواعد جديدة خاصة بالاختبارات والعائدين من السفر، وهي القواعد التي كانت الحكومة الاتحادية والولايات قد اتفقت عليها بشكل مبدئي نهاية آب/أغسطس الماضي.
وينص المرسوم الجديد الخاص بالحجر الصحي النموذجي، الذي أعدته وزارة الداخلية، على إلزام العائدين من البؤر الخطيرة لوباء كورونا بالبقاء في حجر لمدة عشرة أيام، ومن الممكن إنهاء هذا الحجر بعد مضي خمسة أيام على أقل تقدير في حال إجراء اختبار للكشف عن كورونا والحصول على نتيجة سلبية.
إلى ذلك دعا وزير المالية الألماني أولاف شولتس لأن تكون خطة الإنقاذ الأوروبية، التي تم إقرارها بقيمة 750 مليار يورو لمكافحة تداعيات أزمة جائحة كورونا، جاهزة للانطلاق مطلع عام 2021.
وقال الوزير المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي قبل مؤتمر عبر الإنترنت لوزراء الاقتصاد والمالية في الاتحاد الأوروبي إنه يريد التوصل إلى اتفاق سياسي مع نظرائه في الاتحاد الثلاثاء بشأن قواعد وتفاصيل خطة التنمية، وأضاف: “يجب أن تخرج أوروبا من الأزمة بقوة”.
وفي تموز/يوليو الماضي، وافقت دول الاتحاد الأوروبي على خطة بالمليارات ممولة بالديون، والتي تهدف إلى التخفيف من عواقب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا وتحديث الاقتصاد على المستوى الرقمي وحماية المناخ. والمحور الرئيسي لحزمة الإنقاذ هو صندوق التنمية، الذي يتم من خلاله توزيع 90 في المئة من الأموال.
ويتوقف الأمر من بين أمور أخرى حول الالتزام بالشروط الموضوعة للحصول على هذه الأموال، حيث سيتعين على دول الاتحاد الأوروبي وضع خطط إصلاح والموافقة عليها. وسيُجرى دفع الأموال فقط على مراحل. ومن المقرر تخصيص 390 مليار يورو كمنح، ولن تسددها البلدان المتلقية بنفسها، بل سيُجرى سدادها كديون الاتحاد الأوروبي المشتركة، وستكون هناك 360 مليار يورو أخرى متاحة كقروض.