رغم تأييد ترامب غير المسبوق لإسرائيل.. لماذا تنحاز الأغلبية اليهودية في أمريكا إلى بايدن في الانتخابات المقبلة؟

حجم الخط
2

يعد ترامب الرئيس الأكثر وداً لإسرائيل في البيت الأبيض، وهو نفسه قال إنه بفضل دعمه غير المسبوق لإسرائيل، فإن يهود الولايات المتحدة ملزمون بالتصويت له في الانتخابات المقبلة. هذا لن يحصل؛ “الصوت اليهودي” وهو مفهوم متملص يشمل الأسطورة والواقع، سيذهب في غالبيته الساحقة إلى بايدن.

في الولايات المتحدة يسكن نحو 5.5 – 6 مليون يهودي يشكلون أقل من 2 في المئة من السكان الأمريكيين. في انتخابات 2016 صوت 128 مليون ناخب. 4 في المئة منهم فقط كانوا يهوداً. لا يبدو الصوت اليهودي مصدراً مؤثراً. إضافة إلى ذلك، فإن يهود الولايات المتحدة هم مصوتون ومتبرعون كبار. فبينما معدلات التصويت تبلغ نحو 55 في المئة، فإن معدل تصويت اليهود يبلغ نحو 85 في المئة. اليهود معروفون بفاعليتهم السياسية، وهم منظمون جيداً في تجمعاتهم السكانية، ومذهل أنهم المتبرعون الكبار من أموالهم للحزبين في فترات الانتخابات. نحو نصف التبرعات التي يجندها الديمقراطيون ونحو ربع التبرعات التي يجندها الجمهوريون تأتي من اليهود.

تتركز التجمعات السكانية اليهودية في الولايات المترددة التي تحسم الانتخابات مثل فلوريدا، وبنسلفانيا، وميشيغين، وأوهايو. معدل اليهود في فلوريدا ضعف المتوسط القطري. لا يمكن لترامب أن ينتصر على بايدن بدون فلوريدا. والاستطلاعات اليوم تشير هناك إلى تعادلاً إحصائياً بينه وبين بايدن. يمكن للصوت اليهودي أن يحسم. مايكل بلومبرغ اليهودي، الذي تنافس في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، تبرع بـ 100 مليون دولار كي ينتصر بايدن في فلوريدا.

يصوت معظم يهود الولايات المتحدة للمرشحين الديمقراطيين، سواء للرئاسة أم للكونغرس. وفي القرن الحالي، تتراوح هذه الأغلبية بين 69 و79 في المئة. في انتخابات 2016 حصلت الديمقراطية هيلاي كلينتون على 71 في المئة من الصوت اليهودي. بينما لم يحصل ترامب الجمهوري إلا على 24 في المئة فقط. ويحتل رونالد ريغان الرقم القياسي لتأييد اليهود لمرشح جمهوري، حيث حصل في انتخابات 1980 على 39 في المئة من الصوت اليهودي.

أغلبية يهود الولايات المتحدة ليبراليون. وعليه، فهم يؤيدون الديمقراطيين الذين يتبنون مواقف ليبرالية. أما اليهود الأرثوذكسيون، الذين يشكلون نحو 20 في المئة من يهود الولايات المتحدة، فهم محافظون. وعليه، فإنهم يؤيدون المرشحين الجمهوريين أكثر. كأقلية، أيد اليهود دوماً المساواة والحقوق للأقليات وصمموا صورة الليبرالية الأمريكية القائمة على أساس هذه المبادئ. وشارك اليهود في الكفاح على مساواة الحقوق للسود وللنساء وللمثليين وعلى الفصل التام بين الدين والدولة. هذه أيضاً هي الكفاحات التي تصدرها الديمقراطيون. ومؤخراً شارك كثير من اليهود في المظاهرات ونشروا بيانات ضد العنصرية وقتل السود على أيدي الشرطيين البيض.

في العقود الأخيرة لا يشكل التأييد لإسرائيل من جانب المرشحين للرئاسة وللكونغرس عاملًا مهماً في الاعتبارات الانتخابية ليهود الولايات المتحدة. فهم قبل كل شيء أمريكيون ويصوتون وفقاً للمواضيع التي تشغل بال كل ناخب أمريكي. وفي المكان الثاني، يراعون مواضيع مهمة لهم كيهود. أما إسرائيل فلا توجد إلا في المكان الثالث. ففي استطلاع أجري مؤخراً ورتب الاعتبارات الانتخابية للناخبين اليهود، جاء سلم الأولويات كالآتي: إدارة أزمة كورونا، الصحة، الاقتصاد، العنصرية واللاسامية والرقابة على السلاح جاءت عالياً، بينما صنفت إسرائيل في الأخير.

إن عدم المراعاة لإسرائيل ينبع أيضاً من الشرخ بين يهود الولايات المتحدة وإسرائيل، الذي يرتبط بالشرخ الناشئ بين إسرائيل والحزب الديمقراطي. وأسباب ذلك وقوف نتنياهو إلى جانب الجمهوريين، وصراعه ضد أوباما وعلاقاته القريبة مع ترامب، والميل اليساري للديمقراطيين. يرى يهود الولايات المتحدة في ترامب مرشحاً عنصرياً ومحافظاً متطرفاً يحتقر الأقليات والمساواة وساهم في ارتفاع اللاسامية والعنف ضد اليهود، وهذه، من ناحيتهم، تفوق كل الخطوات الكبرى التي فعلها في صالح إسرائيل.

بقلمالبروفيسور ايتان جلبوع

محاضر وخبير في الشؤون الأمريكية

وباحث كبير في مركز بيغن – السادات للبحوث الاستراتيجية في جامعة بار ايلان

 معاريف 11/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مؤدب الظالمين:

    لكن أيضا بايدن قال عندما كان نائبا لأوباما: أنا صهيوني ولا يحتاج المرء أن يكون يهوديا لكي يكون صهيونيا”، وهذا يعني أنه صهيوني بقناعة أيديولوجية راسخة في ذهنه وسلوكه، وهو أخطر من يهودي متعاطف بالهوية مع الكيان الصهيوني المجرم …….!

  2. يقول Passerby:

    هذا هو التكتيك، الجواب بسيط ترامب أصبح في جيبتهم الصغيرة كما يقولون أما بايدن فهم يعملون على وضعه في نفس الجيب، بكل الأحوال كلا الرئيسين مضمون ولا خوف على مصالحهم.

إشترك في قائمتنا البريدية