عمان ـ «القدس العربي»: رغم وجود عدة شخصيات في الإدارة العليا الأردنية «قد يقلقها» إنضمام لاعب خبير وجديد إلى معادلة الحكم والمواقع العليا هو المدير الجديد لمكتب العاهل الملك عبدالله الثاني الدكتور جعفر حسان إلا أن الأخير قد يواجه على الأغلب محاولات منهجية من قبل شخصيات أخرى كلاسيكية ستجتهد لتقليص مساحة التأثير الخاصة بمكتب الملك.
الخلفية السياسية خصوصا على صعيد العلاقات الدولية عند الدكتور حسان والمختلطة ببعض الخبرة الإقتصادية مؤشر حيوي على أولويات المرحلة إقليميا ودوليا في حسابات القصر الملكي خصوصا وان الفرصة برأي العديد من المراقبين سانحة تماما لمرحلة «إستثمار» الدور الإقليمي والأمني الأردني المتنامي لصالح الأجندة الإقتصادية.
لذلك برزت مباشرة رحلة العاهل الأردني إلى اليابان تحديدا ولقاءاته التي عقدها بمجرد وصوله لطوكيو مع أركان ورموز المؤسسات اليابانية المعنية بالاستثمار والتمويل وهي حصريا المهمة التي يجيد الدكتور حسان إدارة ملفاتها بمعية الملك بعد سنوات طويلة من الخبرة في العمل بالخارج قبل توليه في وقت سابق وزارة التخطيط.
في نفس الاتجاه يمكن قراءة الزيارة الأخيرة لعاهل الأردن لروسيا وقبلها للصين ولبعض الدول في محيط الكاريبي إضافة للانفتاح الكبير على الفاتيكان والنشاط في جبهة مجلس الأمن الدولي والمبادرات «الأمنية – السياسية» التي عززت مصداقية تحليلات الأردن لقضايا المنطقة.
من المرجح أن بعض الأطراف في الديوان الملكي لا مصلحة لها بأن تعود مظاهر القوة للمجموعة التي تدير «مكتب الملك» فيما يعتقد سياسيون بأن أبرز المتضررين من وجود شخصية منتجة وخبيرة بالمؤسسات الدولية من طراز الدكتور حسان مجمل العاملين في الحفل الدبلوماسي والسياسي الدولي بما في ذلك وزير الخارجية المخضرم ناصر جوده.
بكل الأحوال وجود اللاجئين الكثر وعناصر الأمن والاستقرار التي تجعل الأردن «واحة» قياسا بجميع الساحات حوله يدفع أصحاب القرار لأقصى استثمار ممكن لهذه الوضعية الجيوسياسية، الأمر الذي يتم تطويره في الغرف المغلقة بعدما أصبح الأردن لاعبا أساسيا على مستوى الاشتباك السياسي والعملياتي ضمن منظومة قوات التحالف التي ستبقى على الأرجح في نطاق الفعالية لسنوات عديدة.
الاتجاه العام لبوصلة القرار حاليا تفكر في العمل على إستثمار عوائد «لوجستيات اللجوء» التي تساهم في تحريك بعض القطاعات الاقتصادية مثل السوق المحلية والتجارة والنقل وبعض المصانع الصغيرة حيث توضع عشرات الملايين من الدولارات من مؤسسات ودول أجنبية في هذا الاتجاه.
لكن الطموح بالتوازي أن تتمكن المؤسسات السياسية المحلية من تحقيق أفضل عوائد استثمارية ممكنة عبر تسويق دور الأردن الأمني ضد الإرهاب على المستوى الإقليمي أو عبر تعزيز نقاط الجذب والبيئة الآمنة للاستثمار مع دول طامحة في التواجد السياسي في منطقة الشرق الأوسط مثل ألمانيا واليابان وقبلهما الصين وبعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا.
في هذا المجال تحديدا ثمة الكثير من الشكوك في أن تتوفر القدرات لدى النخبة الحالية في الإدارة السياسية والإقتصادية على تحقيق أفضل إستثمارات ممكنة للواقع السياسي والأمني الأردني مما يضطر القصر الملكي للتحرك منفردا في السياق.
ما سيعيق حصيلة معقولة لهذا النمط من التفكير الجديد هو التيار المحافظ في الهرم البيروقراطي أوالنمطية الكلاسيكية في التفكير إضافة لانحسار أجواء الحريات العامة والأجندات الأمنية وكثرة أحاديث الإعلام تحت عنوان مبالغات الفساد.
لكن الأهم على الصعيد النخبوي أن الفرصة متاحة لتنويع أنماط المبادرة الإقتصادية على مستوى الطاقم الإقتصادي الفاعل سواء في مؤسسات القصر الملكي أو في اللجان الوزارية الخاملة بدورها والخالية من المبادرات، الأمر الذي يفسر فيما يبدو الاستعانة بخبراء اقتصاديون في مواقع عليا أساسية وقد يتطلب مستقبلا اختيار رئيس للطاقم الاقتصادي في الحكومة بموقع الرجل الثاني يتولى الجانب الحكومي بالمسألة بالاتساق مع فعاليات مكتب الملك بالخصوص.
بكل الأحوال لن يخلو الأمر من «شغب» ممنهج على الطريقة المحلية ستعمل على تفعيله المواقع المتضررة من اللاعبين الجدد.
من بسام البدارين: