القاهرة ـ «القدس العربي»: تواصلت الأزمة بين أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام المصري، وعدد كبير من الصحافيين ورؤساء تحرير الصحف والإعلاميين، على خلفية تصريحات الوزير حول عدم متابعة الشباب للصحف والإعلام المرئي، التي اعتبروها دعوة للشباب للعزوف عن وسائل الإعلام التقليدية والصحف.
وفشلت دعوة الوزير لرؤساء التحرير والإعلاميين للقاء به أمس الأول الأربعاء في حل الأزمة، على خلفية منعه فاطمة سيد أحمد، عضو الهيئة الوطنية للصحافة من حضور الاجتماع.
وتقدم المحامي سمير صبري، المعروف بكثافة بلاغاته ضد المعارضين، ببلاغ إلى النائب العام المصري، ضد هيكل لمنعه أحمد من حضور الاجتماع.
وقال في بلاغه: «افتعل أسامة هيكل منذ أيام أزمة أثارت غضب جموع الإعلاميين والصحافيين التي طالبت بإقالته من منصبه، إلا أنه أراد إصلاح ما فعله فدعا الصحافيين إلى اجتماع وذلك لتصفية الأجواء ومناقشة تصريحاته الأخيرة إلا أن مجموعة من الإعلاميين قد توجهت إلى ذلك الاجتماع».
وأضاف: «من بين المدعوين للقاء الدكتورة فاطمة سيد أحمد، عضو الهيئة الوطنية للصحافة التي تتمتع بسمعة طيبة كونها من أحد الكتاب الصحافيين المشهود لهم بالكفاءة، وهي أول إعلامية تحصل على درجة زميل أكاديمية ناصر العليا في الاستراتيجية القومية ودكتوراة في الأدب من جامعة الإسكندرية ولها من العديد من الكتابات والمقالات».
وتابع: «إلا أن حرس مكتب أسامة هيكل منعوها من دخول الاجتماع ما اثار حفيظة الإعلاميين الموجدين في الاجتماع ورفضوا حضور الاجتماع وتضامنوا معها من هذا الفعل الذي يدل على إساءة للصحافة والصحافيين والإعلام، وتعمد هذا السلوك مع زملائه في العديد من المواقف، وأن مقر وزارة الإعلام هو منشأة حكومية وليس منزله الخاص يمنع من يشاء ويقبل من يشاء». واختتم بلاغه: «الفعل الذي ارتكبه أسامة هيكل رفضه الإعلاميون والصحافيون» مطالبا بالتحقيق مع أسامة هيكل، وفي حالة ثبوت الإدانة إحالته للمحاكمة الجنائية العاجلة.
دعوة لرأب الصدع
ووجه المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الدعوة لرئيسي الهيئتين الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام، ورؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة وكبار الصحافيين والإعلاميين، للاجتماع يوم الإثنين المقبل لـ«مناقشة آخر المستجدات على الساحة الإعلامية، وبحث مقترحات مواجهة وسائل الإعلام المعادية، التي تبث أكاذيب وشائعات تتناول الشأن المصري، وطرق مواجهاتها وإعلاء الحقائق، في ضوء الشفافية والدفاع عن ثوابت الدولة المصرية».
ودعا للتوقف عن «تناول ما يثار بشأن الأزمة الأخيرة المتعلقة بوزير الدولة للإعلام، وذلك رأباً للصدع ولم الشمل وعدم السماح بتفاقم ردود الأفعال السلبية واتساع الهوة واستغلال وسائل الإعلام المعادية لما يثار من مناقشات».
وأصدرت وزارة الإعلام بيانا تفصيليا بتفاصيل لقاء هيكل بالصحافيين والإعلاميين قالت فيه: «استقبل أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، ظهر أمس الأول الأربعاء، عددا من الإعلاميين والصحافيين، في إطار الدعوة التي تم توجيهها لهم للاجتماع به في مقر الوزارة، وحضر الاجتماع كل من أحمد موسى، وائل الإبراشي، أحمد الطاهري رئيس تحرير مجلة روز اليوسف، عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم، إيهاب فتحي رئيس تحرير أخبار الحوادث، إبراهيم أبوكيلة رئيس تحرير كتاب الجمهورية ورئيس تحرير الرأي وعضو مجلس الشيوخ، ماجد منير رئيس تحرير الأهرام المسائي وبوابة الأهرام، أحمد الباشا رئيس تحرير روزاليوسف، وليد طوغان رئيس تحرير مجلة صباح الخير».
وأضافت «في بداية الاجتماع، رحب الوزير بالحضور واستمع إلى شكاواهم وجميع المواقف التي سبق وتحدثوا عنها من قبل، وعما ذكروه بأن وزير الإعلام ضد الصحافة الورقية وضد الصحافيين بشكل عام، بالإضافة إلى تعليقهم على تصريح الوزير الذي قال فيه (صدرت الأوامر بشن حملة جديدة على شخصي) وأنه بهذا التصريح ـ على حد قولهم ـ قد أحرجهم أمام إعلام الإخوان، فيما عقب هيكل قائلا: (في مثل هذه الحالات لا بد من أن نسأل أَولاً ونتبين الحقيقة قبل البدء في الحوار ومناقشة الأمر) مشيرا إلى أنه (حين وجد أن إعلام الإخوان قد استغل التصريحات السابقة في اتجاه مخالف، بادر بدعوة الزملاء من الصحافيين والإعلاميين وهذا من منطلق أننا زملاء مهنة واحدة نعمل جميعا معا كتفا بكتف لخدمة مصلحة الوطن، ومصلحة الصحافة القومية لأن استمرار الوضع على ما هو عليه خطر كبير جدا، ولا بد من أن نعمل بشكل سريع لتطوير الأداء في هذه المؤسسات، فالدولة المصرية لا يمكن أن تستغنى عما يعرف بالإعلام الرسمي لها (جهاز التلفزيون ـ الهيئة الوطنية للإعلام ـ الصحافة القومية)».
فشل الحوار بين الطرفين وانسحابات بعد منع عضو في الهيئة الوطنية للصحافة من الحضور
ولفتت الوزارة إلى «استعدادها التام للتعاون مع الجميع في كل وقت، وأنه على الرغم من تأكيد وتنويه وزارة الدولة للإعلام، في بيانها الرسمي الصادر أمس على أن حضور الاجتماع مقصور على الزملاء الذين تمت الإشارة إليهم في كلمة الوزير، إلا أن هناك عددا من رؤساء التحرير تفضلوا بالحضور وتم استقبالهم ومشاركتهم الاجتماع الأول مع وزير الدولة للإعلام، إلا أن الزميل وليد طوغان، والزميل أحمد الباشا، وعلى الرغم من عدم توجيه الدعوة لهم في الاجتماع، قاموا بالانسحاب بشكل مفاجئ بعد حضورهم جزءا من الاجتماع».
وتابعت: «نظرا للالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وحرصا منا على صحة كافة الزملاء ولأن مقر الاجتماع لا يتسع لاستقبال الجميع مرة واحدة فقد تم الاجتماع بمجموعة الحضور الأولى من الزملاء، وكان من المقرر الاجتماع ببقية الزملاء إلا أنهم غادروا مقر الوزارة قبل لقاء الوزير على الرغم من حضورهم بعد الموعد المحدد بأكثر من 45 دقيقة، ومن ضمن هؤلاء الزملاء: دندراوي الهواري ومحمد الدسوقي رشدي، ويوسف أيوب» مشيرة إلى أن الوزير «أكد على ترحيب وزارة الدولة للإعلام بالجميع في أي وقت مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية المتبعة».
وكشف عدد من الصحافيين عن أنهم انسحبوا من الاجتماع، وقال محمد الدسوقي رشدي، في جريدة «اليوم السابع» إن «أسامة هيكل فشل في تنظيم دعوته للحوار مع أهل المهنة من الصحافيين والإعلاميين، فشل يجر فشلا، وذلك تعبير عن شخص يفتقد للرؤية، ذهب المدعوون للحوار ممثلين لصحفهم، وأنا منهم، ليكتشفوا أن مهزلة تمت على أبواب الوزارة بسبب منع عدد من الصحافيين من الدخول مثل فاطمة سيد أحمد وهي زميلة سابقة لاسامة هيكل، وعضو الهيئة الوطنية، وتسببت إجراءات الأمن في منع وتأخير دخول آخرين».
وأضاف «تدخل مقر الوزارة لتكتشف أن المكان الذي تم تجهيزه لعقد جلسة الحوار لا يستوعب العدد، وكأن أسامة هيكل ومن معه في الوزارة اكتشفوا فجأة أن التباعد الاجتماعي ضرورة، فكان واجبًا أن نتخذ الموقف أنا وزملائي، وننسحب بعيدا عن تلك المهزلة، اعتراضا على سوء التنظيم واحتراما وإجلالا للزميلة فاطمة، واعتراضا لما حدث معها، ولأيماني الشديد بأن من فشل في تنظيم دعوة للحوار هو بالتأكيد سيفشل في إدارة الإعلام القائم بالأساس على ضرورة وجود منهج وتنظيم وحوار».
«الرأي والرأي الآخر»
إبراهيم أبوكيلة، عضو مجلس الشيوخ بالتعيين قال: «بناءً على دعوة الأستاذ الزميل أسامة هيكل، وزير الإعلام للسادة الصحافيين لمناقشة تصريحاته الأخيرة، والتي أغضبت جموع الصحافيين، توجهت إلى وزارة الإعلام لحضور اللقاء، وأخذ أمن البوابة اسمي لتبليغه للمسؤولين بالداخل، وانتظرت ما يقرب من نصف ساعة ومعي وليد طوغان، رئيس تحرير مجلة صباح الخير، والزميل محمد السيد، الصحافي في اليوم السابع، والذي مُنع من الدخول هو الآخر، وبعدها أبلغونا أن الاجتماع ليس اليوم، بل غدا، وعندما هممنا بالانصراف طلبوا منا الدخول للجلوس مع الوزير، وفي هذه الأثناء كانت الزميلة فاطمة سيد أحمد، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، تغادر من باب الهيئة، وظننتها أنها غادرت لتأخر اللقاء، ولكن بعد بدء اللقاء مع وزير الإعلام، فوجئت بنشرها بيانا بأنها مُنعت من الدخول، فطلبت من الوزير تفسير الأمر، فقال سأتصل بها، قلت له إما أن تحضر الزميلة فاطمة الاجتماع أو انسحب، وعندما لم يستجب، انسحبت تضامنا مع الزميلة فاطمة، كنت أتمنى أن يكون هناك احتراما للرأي والرأي الآخر».
وكتب أحمد الطاهري، رئيس تحرير مجلس «روز اليوسف» أيضاً: أرفض ما تعرضت له فاطمة سيد أحمد، التي تمثل قيمة مهنية كبرى، ومنعها من الدخول لاجتماع وزير الدولة للإعلام، ما حدث إهانة، حقك علينا يا دكتورة» مشيرا «طلبت من الوزير أن يعتذر للصحافيين والإعلاميين وهو طلب لم يلق قبولا» حسب قوله.
وعقب اجتماع الأربعاء، عقد هيكل اجتماعا آخر مع الصحافيين المعتمدين في الوزارة لتغطية نشاطها، للكشف عن تفاصيل ما دار في الاجتماع الأول، مؤكدا أنه «لا يوجد خلاف من جانبه مع أحد سواء من الصحافيين أو رؤساء التحرير أو مع أي وسيلة إعلامية».
وزاد: «ما قلته هو أن الأعمار أقل من 35 سنة يمثلون حوالى 60 أو 65 ٪ من المجتمع، لا يقرأون الصحف ولا يشاهدون التلفزيون، وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات، وهذا التصريح قلته قبل هذا التوقيت أكثر من 10 أو 12 مرة منذ شهور، ولا يمكن أن أقول إننا نستغني عن الإعلام الرسمي سواء ماسبيرو أو الصحف الورقية، ولكن ما أقصده أن الصحافة يجب أن تلحق بنفسها، وتطور نفسها، ولا بد أن تكون هناك عملية تدريب سريع للكوادر الموجودة في الصحف والإعلام بشكل كبير، لأن التكنولوجيا تغير وجه العالم بسرعة كبيرة».
«خط الدفاع الأول»
وأضاف هيكل: «تعرضت للهجوم دون داع، وكان لا بد من وجود وقفة، لأن دور الإعلام في وقت الحروب يكون مثل آلة الحرب، وهو خط الدفاع الأول، وبعد ثورة 2011 كان هناك إهمال لهذا الملف، وكنت وزيرا من قبل في 2011 ولكن الفرق واضح لأنه في 2011 كانت الوزارة موجودة بهيكلها الإداري والوظيفي والمالي والمكان أيضا، ولكن في الفترة الحالية منذ أن توليت لم تكن هناك وزارة، والوضع كان مختلفا، وكنت أنا الموظف الوحيد لمدة 3 أشهر في هذه الوزارة، لأنه لم يكن بها موظفون».
وكان هيكل، أعلن في بيان في وقت سابق، أن أوامر صدرت بشن حملة هجوم ضده، من جهة لم يسمها، معتبرا أن رؤساء التحرير والصحافيين والإعلاميين الذين هاجموه، ما هم إلا أقلام تكتب ما يملى عليهم، فيما رد التلفزيون الرسمي بإذاعة تسريب لهيكل في حوار مع السيد البدوي رئيس حزب الوفد السابق، وقال الإعلامي وائل الإبراشي إن هيكل كان يتحرك لمصلحة جهات في الفترة التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011. ويرى مراقبون أن وزير الإعلام يقصد شركة «إعلام المصريين» التي تسيطر على عدد كبير من الصحف والقنوات الفضائية المصرية، بحديثه عن الجهة التي أصدرت اوامر بشن حملة ضده.
واعتبر المراقبون أن الصراع بين وزير الإعلام وشركة «إعلام المصريين» هو في الواقع صراع مؤسسات وأجهزة أمنية، حيث يعرف هيكل برجل المؤسسة العسكرية، فيما تعد شركة «إعلام المصريين» يد جهاز المخابرات العامة للسيطرة على الإعلام
وأسامة هيكل صحافي مصري يشغل منصب وزير الإعلام منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهي المرة الثانية التي يشغل فيها المنصب نفسه، حيث سبق وتولى الحقيبة نفسها في الفترة بين يوليو/ تموز وديسمبر/ كانون الثاني 2011، خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011.