لندن- “القدس العربي”:
علقت صحيفة “نيويورك تايمز” على المناظرة التلفزيونية الأخيرة بين الرئيس دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جوزيف بايدن، قائلة إن الناخب الأمريكي لو رفض ترامب في الشهر المقبل، فالسبب هو أن انتخابات 2020 مختلفة، لكن ترامب لم يختلف، بل ظل يعيش حملته التي جاءت به إلى السلطة عام 2016. ولهذا السبب حاول في المناظرة الأخيرة جر منافسه بايدن إلى الحملة السابقة كما فعل مع هيلاري كلينتون التي خسرت الانتخابات.
وفي تقرير أعده مات فيلنغهايمر وماغي هابرمان قالا فيه إن ترامب في الفرصة الأخيرة التي توفرت لديه ليغير مسار إعادة انتخابه، تبنى في ليلة الخميس استراتيجية واضحة ومعقدة وهي أن يظهر بطريقة أقل شبها بدونالد جي ترامب.
ويمكن القول إنه حاول بناء على معاييره ونجح في عدة نقاط في لعب دور الشخص الذي يحتقره، وهو أن يكون مجرد سياسي عادي يخوض نقاشا. وتحدث بصوت المحذّر الذي أثنى في الوقت نفسه على طريقته في معالجة وباء فيروس كورونا. ولم يقاطع كثيرا كما فعل في المناظرة الأولى، بل أثنى على المحكّمة بينهما، وأنها قامت بإدارة المناظرة بطريقة رائعة. ورغم مظهره الجديد، فلا يُعرف إن كان ترامب قد ساعد نفسه.
ففي ليلة اتسمت بالتأرجح بين الاستماع لنصائح حلفائه الذين طالبوه بضبط النفس، والرغبة في الاستجابة لنوازعه التي تأكله وهو يواجه منافسا لا يستطيع التفكير بالخسارة أمامه، وقف ترامب أمام الناخب الأمريكي كمرشح في الساعة الأخيرة من حملته الانتخابية. ولكن ترامب الذي اعترف بأن المناظرة تمثل الفرصة الأخيرة لكي يقدم رؤيته، وقبل أقل من أسبوعين على يوم الانتخابات، اعترف بمحدودية الدور المنضبط والمتغير لأدائه.
ففي حملة انتخابية حاول بايدن تأطيرها على أنها استفتاء أمريكي على الرئيس نفسه، وبخاصة طريقة معالجته لانتشار فيروس كورونا، وهي عملية حاول ترامب أن يحمل منافسه مسؤوليتها، إلا أنه دخل المناظرة ليلة الخميس ولديه الكثير من العمل ليقنع الأمريكيين أنه فعل الكثير، في ضوء الاستطلاعات الوطنية التي أظهرت أنه متخلف عن منافسه بشكل واسع. ومن هنا بدت أجوبته مصممة بشكل واضح لاستهداف جماعات معنية يريد التأكيد لها على موقفه، وهي الجماعات التي وعد بحمايتها أربع مرات في أقل من ثانية. وفي ظل الاضطرابات المستمرة التي أخذت شكل احتجاج وأزمة صحية عامة واضطراب مالي عظيم، لم يكن أمام ترامب إلا التركيز على أهم مميزات فترته، والعودة في أكثر من مرة إلى التفكير الخيالي المشبع بالمظلومية.
وفي رد طويل موجه إلى الجماعات التي كرست نفسها له، وهي اليمين المتطرف، تساءل ترامب عن هانتر بايدن. وأشار إلى “رسائل إلكترونية فظيعة” بتكرار يشي بحس المؤامرة. ومن أجل التأكيد على إنجازه، استعار شخصية الرئيس أبراهام لينكولن لكي يمدح ما فعله وأنجزه للأمريكيين السود.
وحدد دفاعه في معالجة الفيروس قائلا: “لا نستطيع حشر الفيروس في أرضية البيت كما فعل جوي” قبل أن يلمّح بشكل مقصود إلى مصادر بايدن المالية.
ويقول معارضو الرئيس إن “هناك ترامب واحد” على خلاف ما يقوله أتباعه بأنه رجل عطوف في تعامله الخاص ومحسن، ولكنه ينزعج عندما يقتضي الحال. وفي مناظرة الخميس انهار كل هذا الدفاع.
لكن ترامب لم يتغير ولم يعرف أن الحملة الانتخابية الحالية ليس كتلك التي فاز بها. فقد ظل يركز ليلة الخميس على اتهامات بدون إثباتات ضد نجل منافسه. كل هذا رغم تحذير المستشارين له الذي أكدوا أن هذا الكلام لا يهم القطاع الأكبر من الأمريكيين باستثناء أنصاره المحافظين. ولم يقدم صورة واضحة عن أجندة شاملة لولايته الثانية والتي قد تقنع الذين ينتظرون متفرجين.
وعلى خلاف ترامب، فقد كشف أداء بايدن عن مرشح يعرفه الناخب الأمريكي منذ عقود. ورغم تردده في بعض الحالات، خاصة عندما حاول الرد على كلام ترامب بأنه في واشنطن منذ نصف قرن، إلا أن بايدن كان في أقوى حالاته عندما ضغط على الرئيس وهاجم طريقة معالجته لكوفيد-19.
وأشار إلى أن ترامب لا قدرة لديه على النمو والتطور في طريقة معالجة الوباء “يقول إنه تعلم التعايش معه” أي الفيروس و”الناس يقولون إنهم يتعلمون الموت به”.
وفي تبادل بينهما حول أبناء المهاجرين الذين سجنهم ترامب وعددهم 545 قال جو بايدن “هذا يجعلنا محط سخرية للعالم وينتهك كل فكرة تقوم عليها أمتنا” ورد ترامب أن الأطفال حصلوا على العناية المطلوبة. وردّ على بايدن “من بنى الأقفاص”.
وبدا ترامب مثل الساحر “هوديني” الذين كان يضع لنفسه ورطات ويحاول الهرب منها. وبدا وهو واع أن المناظرة هذه هي الأخيرة التي سيقدم فيها رؤيته.
وفي 2016 استطاع الحفاظ على انضباطه في الأيام العشرة الأخيرة من الحملة الانتخابية، وهو ما تحسر عليه مستشاروه منذ المناظرة الكارثية الأخيرة.
ولكنه لا يزال يعتقد أن عدم الالتزام بالقواعد هو ما أوصله إلى المكان الذي يحتله، مما يعني له ولأنصاره أن السباق لم ينته بعد. وكان ترامب يعرف أن على الآخرين تعديل طرقهم لتوائم حيله ونزواته وأن التاريخ سيسير وفقا لإرادته. لكن ليست هذه المرة على ما يبدو.
من الآخر:
انتخابات نوفمبر محرد استفتاء على بقاء أو مغادرة ترامب لمنصبه.
الاجدر ان تسمى استفتاء على اداء الرئيس الحالي وليس انتخابات ….
ما ينتخب المجنون.. إلا المجنون مثله..