عمان – «القدس العربي» : تماماً ما يطلبه الوجدان الجمعي التوافقي بين الأردنيين ومؤسساتهم عندما يتعلق الأمر بالتداعيات الخطرة لجريمة «فتى الزرقاء» الشهيرة.
محكمة أمن الدولة الاستثنائية التي طالما أثيرت الانتقادات حول تحويل السلطات بعض الملفات لها، تقرر التعامل مع الجريمة المحولة لها باعتبارها جريمة «إرهابية» ضد المجتمع. تلك طبعاً التقاطة «قانونية» من سلطات القضاء الأردنية تتوافق مع تقييم ومشاعر الشارع الأردني بكل مستوياته.
وبموجب القرار الأولي لنيابة أمن الدولة، فقد أنيطت لـ 14 شخصاً من أرباب السوابق متواطئين على تنفيذ تلك الجريمة التي تعتبر الأوقح في تاريخ الجرائم البشعة المحلية عدة اتهامات، هي تعريض أمن وسلامة المجتمع بالاشتراك. كذلك وجهت النيابة تهمة القيام بعمل إرهابي من شأنه تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وإلقاء الرعب بين الناس، وترويعهم، وتعريض حياتهم للخطر، باستخدام سلاح بالاشتراك.
تلك اتهامات تتوازى إجرائيا مع اتجاهات الرأي العام والسلطة في الإطار القانوني بعد جريمة تقطيع يدي وفقء عيني فتى في الـ 16 من عمره، مع أن التحقيقات في الملف لا تزال «سرية» أو مغلقة، حيث الدافع اليتيم الظاهر حتى الآن هو «الثأر» ووجود النية المسبقة. والاتهامات في حال الإدانة قد تصل عقوبتها لـ «الإعدام». لكن الجهاز القضائي لا يتعامل أيضاً مع مشاعر الرأي العام ولا مع ما تقوله أجهزة ومنصات الإعلام، وإن كان التعامل مع الجريمة على أنها «إرهابية» وليست «جنائية» فقط مطلباً يمثل الجميع، حيث يراقب المواطنون بكل اهتمام.
على المستوى التحقيقي الإجرائي لم تظهر بعد كيفية الجريمة وترتيباتها وظروفها، ولم يكشف النقاب عن المكان الذي قبض على المجرمين فيه بعد ارتكاب جريمتهم، وسط تسريبات من كل صنف في السياق. تترك المسألة تحقيقياً للجهاز المختص. لكن تداعيات تلك الجريمة تواصل التدحرج خصوصاً أن الغرق الأمني والبيروقراطي والتحقيقي في العالم السفلي حيث فارضو الإتاوات والمطلوبون وأرباب السوابق وشرائح من الزعران والبلطجية أدى إلى كشف حجم غير متوقع في عمق المجتمع لهذه الشرائح الاجتماعية، خصوصاً بعدما أعلن – كما قالت «القدس العربي» في تقرير سابق لها – مدير الأمن العام اللواء حسين حواتمة الحرب على تلك الشرائح.
وثمة تداعيات «سياسية» وأخرى إعلامية في الوقت ذاته، فقد تسابق مواطنون وموظفون سابقون في وزارة الداخلية في الكشف عن مفاجآت في الماضي لها علاقة بالشبكة النافذة التي تدير أعمال البلطجة والخروج عن القانون بصيغة تجعل الحكومة مضطرة لإكمال مشروعها في استعادة هيبة القانون بالرغم من الخسائر المحتملة على جبهة «وجهات نظر أمنية – سياسية» كانت تجتهد في الأعوام السابقة في مجالات التواطؤ أو الصمت.
في كل حال، أصبح الملف مفتوحاً الآن، كما يرى المعارض والناشط في مجال الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين محمد الحديد، وهو يتحدث لـ «القدس العربي» عن كلفة الفارق بين الإصرار على إقصاء الوطنيين والإسلاميين سياسياً، وترك المساحات الفارغة للزعران والبلطجية. الحديد سجل شريط فيديو حقق رواجاً كبيراً، تحدث فيه عن «الاستثمار الرسمي» في الماضي بأرباب السوابق والبلطجية وحتى ببعض المساجين، لضرب السياسيين وأنصار الحراك الشعبي، متهماً –ضمنياً- حكومات في الماضي بالسهر على تغذية مجموعات من الأشقياء خلال التصدي للمسيرات المعتدلة الحراكية التي تطالب بالإصلاح.
لكن حتى مثل هذا الاستنتاج قد لا يكون مفيداً الآن على أساس أن المطلوب مساندة الحملة الأمنية التي تطارد «مروعي المجتمع» بصورة جدية دون التركيز، ولو مرحلياً، على ما كان يحصل في الماضي على الأقل.
والسبب أن المستوى الأمني اليوم يقبل بالكلفة وقرر تصويب الوضع والانقضاض، فيما تأمل شخصيات كبيرة في المجتمع بأن تكتمل الحملات الأمنية وتطال- في رأي البرلماني والوزير الأسبق الدكتور محمد الحلايقة- كل مساحات الاستعصاء القانوني والتنمر على الناس والدولة والمؤسسات.
وما تثيره شخصيات قررت التعليق على المسألة ومسار الاشتباك من الطرف المعارض والناقد مثل الحديد، هو ضمان عدم العودة مستقبلاً إلى الأساليب القديمة نفسها في التواطؤ مع مخالفي القانون حتى لأسباب الاستثمار في الأمني أو السياسي.
حصل ذلك مع أن «القدس العربي» سبق أن سمعت المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ عبد الحميد الذنيبات، يحذر من أن الاستمرار في «استهداف» بعض القوى المستنيرة والمعتدلة في المجتمع سبق أن أدى إلى «فراغات» في عمق المجتمع لم تملأها الدولة وخطابها، بل حظيت بها التنمرات على القانون والدولة والعديد من المظاهر الإجرامية.
وقد لاحظ هنا، في حديث مثير سبق بكثير جدل البلطجة والجريمة الأخير، بأن إقصاء المكونات الوطنية والإسلامية المعتدلة عن المنابر في القرى والمحافظات نتج عن، مثلاً، توسع وانتشار في لجوء الشباب لآفة المخدرات.
عملياً، أوصت جريمة فتى الزرقاء الأردنيين لنقاشات على هذا المستوى، لا علاقة لها فقط بما يحصل الآن في عالم البلطجة بقدر ما لها علاقة أيضاً بما كان يحصل في الماضي من تواطؤ وما يمكن أن يحصل مستقبلاً، خصوصاً بعدما فجر الجنرال الحواتمة علناً مفاجأته التالية عندما أعلن بأن «التحقيقات مع المطلوبين «أظهرت وجود «صلة قوية» بينهم وبين «الاتجار بالمخدرات».
الأساس أن تتبرأ كل عشيرة من مجرميها علناً وتطلب أشد عقاب لهم أسوةً بمحمد (ص): ” لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ” وحدد الشرع عقاب من يسعون للفساد بالأرض ” يقتلوا ويصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض “. فيجب تشديد عقوبات وعلى الأمن العام تركيب إسوارة إلكترونية على يد كل صاحب سوابق لمتابعة حركته والتعرف عليه. ولأن تكاليف السجون عشرة آلاف دينار سنوياً للنزيل فيغرم ذلك بمصادرة أمواله وأملاكه وأموال وأملاك من تبرع لهم وإن كان ينفق على حاضنة جهوية أو متنفذة تحميه فيجب ملاحقتهم