نيويورك تايمز: العالم الإسلامي يستمع لنداء أردوغان في حربه ضد ماكرون

إبراهيم درويش
حجم الخط
9

لندن – “القدس العربي”:

قال الصحافي ستيفن إرلانغر في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” إن العالم الإسلامي شجب الرد الفرنسي على مقتل المدرس ودعا لمقاطعة البضائع الفرنسية، مضيفا أن التحركات الحكومية ضد التطرف وإن حظيت بدعم شعبي، إلا أنها أدت لانتقاد فرنسا وعلاقتها مع مواطنيها المسلمين التي اتخذت منعطفا قبيحا.

وقال الكاتب إن الحكومة الفرنسية قامت منذ أن قتل شابٌ مسلم مدرساً استخدم صورا مسيئة للرسول في حصة دراسية، قامت بحملة مداهمات وتفتيش ضد من اشتبهت بكونهم متطرفين وأغلقت مسجدا كبيرا ومنظمات إغاثية.

ويقول إرلانغر إن فرنسا لا تزال مصدومة من 36 هجوما نفذها جهاديون خلال الأعوام الثمانية الماضية، قُتل فيها 200 شخص. ويضيف أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حظيت بدعم واسع، وذهب الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يدافع عن مبادئ العلمانية الفرنسية وحرية التعبير بعيدا للقول إن الإسلام يحتاج لحركة تنوير، فيما تحدث وزير داخليته عن “حرب أهلية”.

وفي العالم الإسلامي تلقى سكانه هذه التصريحات ونبرتها بانتقاد واسع، خاصة أن فرنسا لديها تاريخ معقد مع دوله التي استعمرتها، وأن علاقتها مع سكانها المسلمين البالغ عددهم 6 ملايين اتخذت منعطفا سيئا.

وقاد حملة الشجب تلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي اقترح أن الرئيس ماكرون يعاني من مرض عقلي “ماكرون بحاجة لعلاج عقله” متسائلا: “ما مشكلة هذا الشخص ماكرون مع الإسلام والمسلمين؟”.

ويعلق الكاتب أن أردوغان الذي يعاني اقتصاده من وضع سيء، لديه كل الأسباب لحرف الانتباه إلى الخارج، خاصة أنه يحاول تقديم نفسه كصوت مدافع عن الدين. ورغم إغضابه فرنسا وعددا من الدول الأوروبية، إلا أن تصريحاته لقيت صداها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة الدول التي حكمتها فرنسا سابقا كدولة مستعمرة، وكذا دعوته لمقاطعة البضائع الفرنسية.

وفي بنغلاديش شارك أكثر من 30.000 شخص في مسيرة معادية لفرنسا بالعاصمة دكا، حُرق فيها مجسم لماكرون، وطالبوا بمقاطعة البضائع الفرنسية. وكانت هناك دعوات لطرد السفير الفرنسي وتهديدات بالهجوم على السفارة الفرنسية.

واتهم رئيس الوزراء باكستان، عمران خان الرئيس الفرنسي بزرع الانقسام وتشجيع المشاعر المعادية للمسلمين. وفي سلسلة من التغريدات كتب خان: “هذا هو الوقت الذي كان على الرئيس ماكرون أن يكون الطبيب ويحرم المتطرفين من الحرية بدلا من خلق حالة استقطاب وتهميش تقود حتما إلى التشدد”. وقال: “بهجومه على الإسلام بدون أن يفهمه، هاجم الرئيس ماكرون وجرح مشاعر ملايين المسلمين في أوروبا وحول العالم”.

وانتقد وزير الخارجية الكويتي ربط الإسلام بالإرهاب، قائلا إنه “تشويه للواقع ولتعاليم الإسلام وجرح لمشاعر المسلمين حول العالم”. وفي قطر تم سحب البضائع الفرنسية من رفوف المتاجر، وسيقوم مطعم “لو ترين بلو” الذي هو نسخة عن المطعم غار دي ليون بتقديم الوجبات بمواد غير مستوردة من فرنسا.

ولم ينتقد وزير الخارجية الأردني ماكرون مباشرة، ولكنه شجب “استمرار نشر الصور المسيئة للرسول بذريعة حرية التعبير”. وانتقد أي محاولة مضللة لربط الإسلام بالإرهاب. وفي السعودية استندت وكالة الأنباء الرسمية على مصدر لم تذكر اسمه في الخارجية السعودية، قوله إن المملكة ترفض محاولات ربط الإسلام بالإرهاب، وتشجب الصور المسيئة للرسول.

وقالت أعلى هيئة دينية في السعودية إن “تشويه” الرسول  “لا يخدم إلا المتطرفين”  و”هذه الإهانات لا علاقة لها بحرية التعبير”.

وحذرت فرنسا نقادها في العالم الإسلامي، لكن لم يحدث أي عنف حتى الآن. وكانت معظم التصريحات الرسمية موجهة للرأي العام في الدول الإسلامية، وأن قادتها يستمعون لمواقفهم الرافضة، خاصة في ظل المواقف العربية العامة الرافضة لتطبيع بعض الدول العربية مع اسرائيل.

إلا أن ردود الفعل أكدت على الهوة في المفهوم المحيط برد الفعل على مقتل المدرس صمويل باتي (47 عاما) خاصة عندما يتم تكبير الخلافات في ضوء السياسات المحلية. وهناك من يرى في محاولات ماكرون “بناء إسلام فرنسي هو إسلام التنوير” عبارة عن محاولة للتحكم بالمسلمين. لكن أحدا لم يعلق على حملته الواسعة ضد من يقول إنهم متطرفون. فوزير داخليته  جيرار دارمانان اقترح منع بيع  الطعام الحلال في المحلات التجارية.

وتقول الصحيفة إن السياسة المحلية تدخل في رد فعل الطرفين، خاصة في المبارزة بين الرئيسين التركي والفرنسي، كما يرى سنان أولغين، الدبلوماسي التركي السابق والزميل في وقفية كارنيغي أوروبا. وقال: “هذه معركة تخدم ماكرون وأردوغان” و”يحاول ماكرون استعادة الساحة من اليمين المتطرف، ولهذا فاحتواء الإسلام السياسي في فرنسا هو أجندة جيدة. وفي المقابل يريد أردوغان الظهور بمظهر حامل راية الدفاع عن المجتمع المسلم المستضعف، وهي الصورة التي يريدها لنفسه في الداخل والخارج”.

وليس مصادفة أن تأتي المواجهة بين تركيا وفرنسا في وقت تتراجع فيه قيمة الليرة التركية، ويتصاعد التوتر مع الناتو بسبب الدور التركي في ليبيا والتنقيب عن النفط في منطقة شرق المتوسط. ومن هنا يحاول أردوغان حرف الانتباه إلى الخارج لدعم موقفه في الداخل. ويقول أولغين: “إذا كانت لديك سياسة خارجية حاسمة فالتعقيدات التي تخلقها تؤدي إلى مناخ يشعر فيه الناس بالحصار والحاجة لقائد قوي”.

ومنحت الأحداث فرصة جديدة لأردوغان الملتزم دينيا لتقديم نفسه كمدافع عن الدين والمجتمعات الإسلامية من ليبيا إلى سوريا والبلقان والشيشان وأذربيجان في حربها مع أرمينيا في ناغورني قرهةباغ. وتضيف الصحيفة، إن أردوغان خلق في تركيا “ديكتاتورية إسلامية” تخلت عن مبادئ الدولة العلمانية التي أقامها مصطفى كمال أتاتورك المشابهة للعلمانية الفرنسية.

وانتقد أردوغان السياسات الأوروبية تجاه المسلمين خاصة ألمانيا وفرنسا حيث تعيش أقليات مسلمة من أصول تركية، وقامت حكومته بحملة على منصات التواصل الاجتماعي أغضبت الحكومات الأوروبية. وفي كانون الأول/ ديسمبر، سيجتمع قادة الدول الأوروبية لمناقشة تركيا وفرض عقوبات عليها، والتي أصبحت محتملة في ضوء التطورات الحالية.

ويرى إيان ليسر، الخبير بالشؤون التركية، إن المشاجرة الأخيرة “هي الجبهة الجديدة في علاقات متوترة أصلا”. وقال: “نفّرت تركيا كل حليف لها في واشنطن، وتفعل نفس الشيء في أوروبا”.

ويرى ليسر أن أردوغان وماكرون صادقان في مشاعرهما رغم أنه من السهل استثارتهما للرد: “فرنسا تمثل لأردوغان كل شيء لا يحبه عن أوروبا على المستوى الجيوساسي والثقافي”. و”بالنسبة لأردوغان فمركزية الإسلام تشكل عالمه” و”إحساسه بأن العالم الإسلامي تحت الحصار وجهوده لرفعه هي جزء من هويته السياسية والشخصية التي جعلها على مدى السنوات جزءا من استراتيجيته الإقليمية”.

ولكن على ماكرون أن يكون حذرا حتى لا يظهر بمظهر المدافع عن أوروبا المسيحية كما يري برونو تيراتي، نائب مدير المؤسسة للدراسات الإستراتيجية في باريس، وحتى لو لم يكن هذا المفهوم “مقصودا”.

وانتقد مسؤول السياسات الخارجية في الإتحاد الأوروربي جوزيف باريل فونتيل، أردوغان ودافع عن ماكرون، واتهم الرئيس التركي بتوجيه تهم غير مناسبة أدت للتصعيد.

وقال رئيس المجلس الأوروبي تشارلس ميشيل في تغريدة: “بدلا من أجندة ايجابية، اختارت تركيا الاستفزاز، إجراءات من طرف واحد في شرق المتوسط، والآن الإهانة وهذا لا يمكن تحمله”.

ودعا بهدير كاليغاسي مدير “معهد البسفور” الذي يعمل على تقوية العلاقات التركية- الفرنسية للهدوء. وقال: “هذه ليست حرب عصابات شباب في الشارع بل عن أمن واقتصاد الغرب في النظام العالمي ما بعد الوباء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Al NASHASHIBI:

    Humanity is first
    And mutual respecting

  2. يقول د. اثير الشيخلي - العراق:

    حملات المقاطعة بدأت و دعي إليها قبل دعوة الرئيس اوردغان ، وفي الحقيقة الرئيس التركي هو من استجاب لدعوات المقاطعة و عززها بدوره ، فصارت اعلى صوتاً و أكثر انتشاراً كونها دُعمّت من قبل رئيس دولة إسلامية كبرى لها مكانتها و له مكانته في العالم الإسلامي، و عززها اكثر دخول الرئيس الباكستاني على الخط
    ..
    لكن مطالبة الرئيس اوردغان لماكرون بفحص قواه العقلية، هذه كانت مؤثرة جداً كذلك و ادت إلى تأجيج الاتهامات المتبادلة
    ..
    فرنسا على لسان رئيسها الصبي تستغل القانون الفرنسي ابشع استغلال، والقانون في اي دولة فقراته تشرع من أجل خدمة الصالح العام و مصالح مواطنيه، وبدل ان يعمل ماكرون على حث مشرعي القانون الفرنسي على تغييره باتجاه المصلحة العليا من خلال إضافة تجريم من يهين أديان و مقدسات الآخرين و رموزهم ، مثلما تم تعديله اي القانون الفرنسي لتجريم من يهين العلم الفرنسي بل الوانه… و يجرّم من ينتقد اليهود و محرقتهم حتى لو شكك في اعدادها المزعومة و بالأدلة و البراهين،

    يتبع لطفاً

    1. يقول د. اثير الشيخلي - العراق:

      تتمة رجاءاً..
      .
      بدل ان يفعل ذلك ليبين مدى احترامه لحرية العقيدة لدى الآخرين و يسحب الفتيل و يعتبر ان جريمة قتل الاستاذ هي جريمة فردية عاطفية قام بها فتى متهور أخذته العاطفة و جهله بنصوص الدين و الحمية على دينه ونبيه الذي رآه يهان و يستهزأ به ( هذا ان كان الأمر فعلاً كذلك) ، و يسحب فتيل الازمة
      و يعمل على تغيير القانون باتجاه سليم،
      استغل الحال ابشع استغلال (لاغراض انتخابية على ما يبدو) فأجج البلاد و العباد و ضرب مصالح فرنسا في مقتل و عزز الكراهية و الأحقاد داخل مجتمعه و بلده بحجة احترام قانون متشدد تافه و سخيف!

  3. يقول أم محمّد:

    اللهم انصر الرئيس التركي الشجاع رجب طيب أردوغان على أعداءه في الداخل و الخارج. ربّي كن له ولياً و نصيرًا و معيناً ……. يارب احفظه من كيد الكائدين ! عاشت تركيا المسلمة حرّة أبية شامخة.

  4. يقول عبد الله:

    العالم الإسلامي لم يستمع لنداء أردوغان ,العالم الإسلامي نتفض لنبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد غيره.

  5. يقول azzedine anti bedouin:

    ديكتاتورية اسلامية هههه عجيب امر الغرب المسيحي يدعم الديكتاتوريات العسكرية المنقلبة على حكومات منتخبة كمصر و سوريا الاسد الارهابي و ممالك الحجاز التي لا تعرف معنى الانتخابات اصلا ويعادي اردوغان المنتخب شعبيا امام مرأى العالم و خصومه السياسيين و يتهمه بالديكتاتورية …لقد بانت حقيقة الغرب الهمجي المستعمر

  6. يقول Memo:

    ما يهمني لا ماكارون ولا اوردغان علي يهمني الإهانة الي توجهها أوروبا للمسلمين و الإسلام بحجة التعبير عن الحرية و هذا كلة علشان يمنعوا المهاجرين للدخول إلى أراضيهم و يجعلوا المسلمين في بلادهم مهمشين و بلا هوية راسخة

  7. يقول منصور:

    الاعلام الغربي يظن أن تحرك المسلمين من أجل رئيس دوله
    الانتصار لرسول الله جزء من خلق المسلم ولايمليه موقف سياسي نحن على صله بكتاب الله وعلى صله بالخالق دعاء وصلاة كل يوم
    حقا إن الإعلام الغربي بعضه يجهل الإسلام والمسلمين

  8. يقول عمراني سعيد:

    الرئيس ماكرون يحرض اليمين المسيحي في قضية الرسومات و الرئيس إردوغان يحرض التيار السلامي كل طرف يستغلها سياسيا . الرد الذكي على الرسومات هو رسامو الكاريكاتور العرب يرسمون كاريكاتورات في مستوى الحدث بطريقة حضارية طبقا لمثل يقول تضربه بسلاحه . رحم الله نا حي العلي كان يفضح الصهيونية الكريكاتورات تفزع الإسرائيليين.

إشترك في قائمتنا البريدية