«السوبرمان» ترامب!

حجم الخط
26

أحب توجيه تحية إلى الأطباء الذين يعالجون المرضى بوباء كوفيد 19 وتحية الإكبار تشمل طبعاً الممرضات والممرضين، فهم يعرفون في لبنان وأي مكان آخر أنهم يعرضون حياتهم للخطر (على الرغم من القناع الواقي) حين يدخلون إلى غرف المرضى ويحاولون إنقاذهم بجرعات من الأوكسجين إذا استطاعت رئة المريض (ألتهامها).
نعيش وباء يجتاح العالم يدعوه الرئيس ترامب «بالفيروس الصيني»!! وأياً كانت أسماء الوباء فهو يجتاح العالم، وبعض العاملين في حقل الطب والتمريض أصيبوا به لاختلاطهم اليومي بالمرضى.
أوجه هذه التحية لأنني قرأت عن طبيبين فرنسيين أصيبا بالمرض، لكنهما ما زالا يتابعان القيام بعملهما النبيل. وهذا أمر يستحق الانحناء أمامه احتراماً.

الغطرسة نمط من الأذى

رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون أصيب بالوباء.. ولم يتعامل معه بغطرسة، بل كأي بشري آخر بحاجة إلى علاج.
بونسو نارو رئيس جمهورية البرازيل مرض بالوباء وتعالج كأي مريض آخر، وكان محظوظاً بالشفاء ـ كما رئيسي بوليفيا وهندوراس، فالحاكم ليس من نمط آخر من الناس؛ إنه بشر وليس «سوبرمان»، باستثناء رئيس جمهورية U.S.A السيد ترامب! فقد تعامل مع مرضه كعاهة عليه نفيها إكراماً للانتخابات الأمريكية القادمة التي يطمح عبرها لولاية أخرى.
وكعرب، نتمنى لأي مريض الشفاء بما في ذلك ترامب، لكننا لا نتمنى ولاية أخرى لذلك الذي أهدى القدس لإسرائيل، والجولان بالإضافة إلى مزيد من أراضي فلسطين (للضم) إلى إسرائيل، وهو ضم كالسم لقلوبنا نحن العرب.
وبعيداً عن السياسة، يبدو تعجرف ترامب على الوباء مؤذياً لملايين المرضى الذين ليست لديهم طائرة هيليكوبتر خاصة تنقلهم إلى المستشفى (تحت الكاميرات)، ولا فريق طبي من كبار الأطباء الأمريكيين يعلنون نشرة صحية عن حالته، وعلمنا أن زوجة الرئيس ترامب الشابة ميلانيا مريضة مثله بالوباء، وتم إخفاء أخبارها، ولكننا شاهدنا ترامب يغادر المستشفى بالهليكوبتر الخاصة بالرئيس ثم يقف على شرفة البيت الأبيض معلناً أنه أقوى من المرض (كجزء من حملته الانتخابية؟!) ونراه على شاشة التلفزيون بكامل أناقته وتسريحة شعره والماكياج حول عينيه إخفاء للتجاعيد التي يزيدها المرض عمقاً، واقفاً على شرفة «البيت الأبيض» حيث يقيم رؤساء جمهورية أمريكا، أما زوجته الشابة ميلانيا المريضة مثله بالوباء فيتم إخفاؤها. تذهب معه إلى المستشفى العسكري كما نرى على شاشة التلفزيون، لكنها لا تعود معه في الطائرة!

التشجيع على الاستخفاف بالمرض

نستطيع أن نتفهم حاجة ترامب للاستخفاف بالوباء ليقول ضمناً إنه أقوى منه، آملاً أن ينال المزيد من الأصوات في الانتخابات الأمريكية القريبة للرئيس الجديد للوطن الأقوى U.S.A. ولكن، ألا يؤنبه ضميره على استعمال هذا السلاح الذي قد يقنع الكثير من معجبيه والمصوتين له بالاستخفاف بوباء كورونا؟ ألا يشعر بأنه مسؤول على موتهم لأنهم صدقوه وليست لديهم غرفة ملحقة بالقاعة البيضاوية، حيث مكتب رؤساء جمهورية U.S.A، وليس لديهم أيضاً ذلك الفريق الطبي الملحق بأي قاعة في البيت الأبيض يذهب ترامب إليها ومعهم (الأوكسجين) اللازم لمريض مثله.
سيموت الكثيرون من الذين سيصدقون استخفافه العلني بالمرض ومعاناته منه سراً من أجل الحصول على مزيد من الأصوات في الانتخابات بصفته «السوبرمان ترامب»!

أطالب بعقوبة الإعدام لنفسي!

موضوع آخر!
إذا تم اتهامي بتهمة ظالمة ما، وحكم عليّ بالسجن المؤبد بدل الإعدام، فأفضل الإعدام على السجن المؤبد على الرغم من براءتي.
فالسجن تعذيب طويل المدى أما الإعدام فهو الموت السريع؛ أي النهاية.. ما الذي يذكرني بذلك؟
نقرأ باستمرار عن سجناء لربع قرن أو أكثر تبينت اليوم براءتهم بفضل تقديم العلم وتحليل الحمض النووي من أن ذلك المحكوم بالسجن المؤبد بريء ويتم إطلاق سراحه مع تعويض مادي تقدمه الدولة معتذرة عن غلطتها، ويا لها من غلطة! ما من ملايين الدولارات تعوض سرقة حياة إنسان بريء لربع قرن أو أكثر والزج به في السجن خطأ ثم يأتي العلم العصري ويثبت براءته. ونقرأ في الصحف العديد من الأخبار عن إطلاق سراح سجناء بعد عشرات الأعوام من السجن، إذ تثبت براءتهم الآن بفضل تطور العلم! آخرها قرأته هذا الأسبوع عن أرجنتيني أُعلنت براءته من تهمة القتل بعدما قضى 14 عاماً في السجن! (المصدر: «القدس العربي» 10 ـ 10 ـ 20) لا أعرف عقاباً أقل تعذيباً من سجن بريء لذنب لم يرتكبه!
لا أتحدث هنا عن السجناء السياسيين، فتلك حكاية أخرى تطول وتستحق وقفة أبجدية مستقلة.
أتحدث عن أبرياء اتهموا بجرائم لم يقترفوها وحكم عليهم بالسجن وعاشوا فيه عشرات الأعوام، ثم جاء أحد القضاة قال لهم: آسف، كنتم أبرياء. غادروا السجن مع هذا المبلغ الكبير من الدولارات. أعتذر منكم! أعتذر؟ هل ثمة أي اعتذار عن اغتصاب حياة إنسان وسرقتها لأعوام طويلة؟ وبالذات أعوام شبابه التي لا تعود؟

اغتصاب الأطفال ثم قتلهم!

نقرأ أخباراً عن اختطاف مجرم ما لطفلة/طفل وقتله بعد اغتصابه.
جريمة مروعة ليس ثمة من لا يتمنى الموت لمقترفها، ولكن ماذا لو كان بريئاً من تلك الفعلة الشنعاء؟ وماذا لو استغلت بعض القوى السياسية عقوبة الإعدام للتخلص من أحدهم لأسباب لها صلة بالسياسة؟ وكان بريئاً؟ وهل بوسع أحد أن يقول إن العدالة البشرية «ترادف» العدالة الإلهية؟
نقرأ في الصحف: «دعوة الرئيس التونسي إلى تطبيق عقوبة الإعدام تثير جدلاً سياسياً في تونس»، ونقرأ أن «إلغاء عقوبة الإعدام بين الجدل القانوني والمطلبية الحقوقية ـ العقوبة لا تتماشى مع الحق في الحياة»، ومن الممكن قراءة حلول أخرى مثل «الإبقاء على العقوبة في النصوص القانونية مع عدم تطبيقها».
في فرنسا طالب 55 في المئة من الناس الذين تم استطلاعهم للعودة إلى عقوبة الإعدام، وذلك في استفتاء لمعهد «ابسوس» لاستفتاء الرأي. أما التجمع الوطني اليميني بقيادة مارين جان ماري لوبان، فقد بلغت نسبة تأييد العودة إلى إمكانية عقوبة الإعدام لدى حزبها 85 في المئة، كما ان أنصار حزب الجمهوريين المحافظ أيد 71 في المئة منهم ذلك. وكان قد تم إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا عام 1981 وجرى آخر ذلك عام 1977.
من طرفي، أعتقد أنه من العدالة أن يختار المحكوم بالإعدام هل سيفضل ذلك على السجن المؤبد؟ (وهو ما سأفعله حتى إذا كنت بريئة، وستثبت براءتي ذات يوم) أفضل الموت.. فالسجن موت يومي وهو موت مضاعف للبريء! ولا أحد يستطيع الاطمئنان إلى إعلان براءته ذات يوم.
وأنت أيها القارئ العزيز، ماذا تختار؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    بالنسبة للعلاج الفوري القاتل لفيروس كورونا خلال عدة ساعات فقط فهو متوافر بالمنازل!
    إستنشاق بخار ماء مغلي فيه الكركم والنعناع عن طرق قمع تؤدي لقتل جميع الفيروسات بالرئة على الفور!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سنتيك اليونان:

    الروح هبة من الله ومن معجزاته ولا يحق لاحد ان يزهقها لاي سبب كان
    كما ان الخطاء في المحاكمة ممكن لا يمكن تصحيحه بعد الاعدام
    الاعتراف بالجريمة لا يكفي قد يكون تم تحت الضغط او ان المتهم لا يكون في حالة نفسية طبيعية
    اما اقتراح مسيو كروي الاعدام بالخازوق اعتقد انه يمزح لان الخازوق والذبح من الماضي

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      أتفق معك أخي سنتيك, لكن ماذا تقول لبشارون أسدوف الذي قتل الأطفال والناس تحت التعذيب في السجون وبالبراميل المتفجرة وبالكيماوي وبالذبح كما حصل في البيضا قرب بانياس ويالإغتصاب كما تحث عن ذلك الخارجون من السجون … ولاتوجد لغة في العالم تستطيع التعبير عن هذه الجرائم الفظيعة التي ارتكبها هو وشبيحته وأعوانه

    2. يقول سنتيك اليونان:

      الى السيد اسامة
      يولد الانسان في مجتمع لا يختاره وينموا تحت تاثير مجتمعه طبعا مفروض ان يكون سليم العقل ويفرق بين الصح والغلط ولكن مستحيل اين ينظر الى كل ما تعلمه او اختبره او تعرض له نظرة موضوعية داءما هناك بعض الافكار والعادات والمعتقدات اللتي لا يستطيع التخلص منها
      ما هي هذه الصدفة الغريبة ان اكثر الناس يعتنقوا دين اهلهم الجواب سهل طبعا لان النسان لا يستطيع تغير ما تعلمه بالصغر
      يقول اليسوعيون. اعطني طفلا سبع سنوات اجعله يطيعني الى الابد
      بكلمة اخرى المجتمع مسؤول الى حدما على تصرفات الانسان
      من ناحية اخرى ثبت ان الاعدام ليس رادع بل يوحش المجتمع
      ملاحظة خاصة … تقول في تعليقك اتفق معك ثم تنقلب وتتساءل لا ادري لماذا لا تكتب. لا اتفق معك

    3. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

      أخي سنتيك لم تجبني على سؤالي! واتفق معك طبعًا بما قلته في ردك. لكن سألتك عما لانتفق به كما هو واضح، أليس كذلك؟

  3. يقول سوري:

    أختي الكريمة، ست الشام الحبيبة
    عندما تسلل جلالة كوفيد التاسع عشر رئة دونالد ترامب دادا وجد فيروسا أخطر منه، مركبا من مرض العنصرية، والعنجهية، والغباء، فولى هاربا لا يلوي على شيء. أما السجن المؤبد فبالنسبة لي أتكيف معه وأشغل نفسي في القراءة والكتابة إلى أن يأتي الفرج إذا كنت بريئا، أو العفو في تخفيض مدة السجن لحسن السلوك. وأنتظر المفاجأة في رؤية العالم كيف تطور وأنا وراء القضبان، وربما حبا جديدا إذا كان حبي القديم قد أصابه فيروس قاتل. في ما يخص اغتصاب الأطفال فأنا مع عقوبة الإعدام لكل من يعتدي على البراءة حتى لو لم يقتلها كي تكون رادعا لكل من تسول له نفسه القيام بمثل هذا العمل المريع و اللاإنساني. ولو كان طفلي أتمنى أن يكون القصاص على يدي.
    كلامنا اليوم تمحور حول ثلاث جوائح، لعل نهارنا يكون سعيدا.
    سيدتي الكريمة أسعدت صباحا مشرقا وكل زوار بيتك الدافيء

  4. يقول عبدالله السوري:

    اذا كان أنصار ترامب سذج ويصدقون أكاذيبه عن فيروس كورونا فليس لدي اَي مشكلة اذا فطسوا بهذا المرض

    1. يقول عربية حرة:

      وهل هناك حتى بين العلماء والأطباء من صدقوا بأقوالهم عن فيروس كورونا ؟؟ ,,, وبعدين المسلم الحق والنزيه لا يشمت بالموت حتى لـ”أعدائه

  5. يقول نزار حسين اشد ...كاتب أردني:

    أختار التوكل على الله فقدسجن سيدنا يوسف عليه السلام ظلما ولم ييأس لا هو ولا أبوه سيدنا يعقوب واعتصموا بالآية الكريمة”ولا تيأسوا من روح الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون”.
    بصراحة كتاباتك خفيفة دم وإن اختلفت معها أحياناً.

  6. يقول غدير ماهر:

    العزيزة غادة السمان،
    ترامب سيتحالف مع الشيطان إذا استطاع للفوز بولاية ثانية. ومع ذلك هناك أشخاص يؤيدونه برغم كل الفظاعات التي يقوم بها!
    بالنسبة لي أفكر دائماً أنني أود الموت بسرعة، لا أريد أن أصاب بمرض ما وأتعذب منه سنوات، أو أن أقضي في السجن سنوات تأكل عمري. أريد موتاً سريعاً مسالماً.
    تحياتي لكِ

  7. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    سيدتي الكريمة مواضيع تحير الدماغ كتبت عنها اليوم, طاب يومكم جميعًا لك أختي غادة السمان وللجميع.
    ترامب عنصريته واستهتاره بحياة الأخرين ليسا محل نقاش, ووصل إلى الحكم بتعاون الفاشية والعنصرية والجشع المادي الأمريكية ودعم اللوبي الصهيوني والفاشية الإسرائيلية.
    لكن هل كان أوباما أفضل لنا, وهل كان بشار الأسد سيفعل جرائمه لولا مشروع أوباما إيران المشترك. ولتذكر قليلَا رأي أوباما عن العرب!. وهل سيكون بايدن أفضل لنا. إنها إرادة الأمريكيين ولأمريكا!, وعلينا أن لاننتظر الأفضل لنا, اللهم إذا لم يكن الأسوأ هو الذي ينتظرنا.
    من ناحية عقوبة الإعدام هي مسألة اجتماعية قانونية وينقصنا دراسات في علم النفس وعلم النفس الإجتماعي لكي نستطيع تقدير هذه المسألة. أما القول أنها رادعة أو غير رادعة أو حياة الإنسان … كلها آراء ايديولوجية, ويحاول السياسيون استغلالها لتحقيق صدى لدى الشارع أو الناخب.
    المفاجاء لي أنك تفضلين الإعدام على السجن حتى لو كنت بريئة!. سيدتي إذا كنت بريئًا فسأستغل السجن لأتابع حياتي بشكل طبيعي في السجن . وهي مسأله نفسية! حيث لن أستطيع ذلك إن ارتكبت الجريمة فعلًا. ربما سأطلب تنفيذ الإعدام قصاصًا على فعلتي الشنيعة في حال أن الحكم تم التأكيد بعدالة الحكم بدون ريب.
    مع خالص محبتي وتحياتي للجميع.

  8. يقول فؤاد مهاني - المغرب-:

    ولما لا نقول أن سوبرمانية ترامب رغم إصابته بوباء كورونا هي شجاعة ورجولة لم تثنيه عن قيادة أكبر بلد في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية وقد تكون دعوة في تشجيع الشعب الأمريكي لمقاومة الوباء دون الإستهانة به وسواء فاز ترامب برئاسة كرسي الرئاسة لمرة ثانية من عدمه سوف لن يؤخر ولا يقدم أي شيء بخصوص قضايانا العربية لأن نقله للسفارة الأمريكية من تلأبيب إلى القدس وتشجيعه للكيان الصهيوني في ضم أراضي فلسطينية وعربية كانت مخططة في أدراج مكاتب الرؤساء السابقين بالبيت الأبيض وجاء ترامب ليفعلها في الواقع.فيا سيدتي الكريمة عاصرت أكثر من 10 رؤساء أمريكيين من كينيدي إلى حد الساعة والتجارب علمتنا أن كل رئيس أمريكي يتم ما بدئه سلفه في تأزيم مشاكلنا العربية وبالخصوص فلسطين.

  9. يقول محمد الخزامي تونس:

    جنون العظمة يلحقُ بالشخص قدرة لا نهائية على الأذى. أعجبت بمقالك كثيرًا وتحليلك نموذجا خطيرا كترامب. ما يسعدنا هو أنك تطلبين آراءنا في كل مقال بعد تقديم رأيك الشخصيّ لكنني أكتفي في هذا المقال بتحية إكبار لك سيدتي غادة السمان، يعجبني اهتمامك بكل القضايا وإسقاطك الضوء على أكثر الأمور جدلًا، ولا يكاد يغيب عنك أي حدث وربما يعود ذلك إلى امتهانك الصحافة سابقا وإلى طبيعتك ككاتبة.. لتعلمي أن أهل تونس يحبونك بالمناسبة وأرسل إليك من تونس كل التحيّة.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية