الاستعدادات جارية للتطبيع بين السعودية وإسرائيل ورحيل الملك سلمان سيمهّد الطريق

وديع عواودة
حجم الخط
12

الناصرة- “القدس العربي”:

يؤكد معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تب أبيب أن الاستعدادات جارية للتطبيع مع السعودية وأن موت ملكها سلمان بن سعود سيمهّد الطريق لتوقيعه مقابل ثمن أكبر من الثمن الذي تلقته الإمارات والبحرين، لافتا إلى سلة مطامع سعودية من التطبيع منها تحسين صورتها ومكانتها الدولية، بما في ذلك في الكونغرس الأمريكي. منوها إلى أن صورة السعودية تضررت في السنوات الأخيرة بسبب تصرفات محمد بن سلمان وهذا يتطابق مع الجهود السعودية لتسويق “الإسلام المعتدل” كجزء من عملية التحديث المستمرة.

وحسب المعهد الإسرائيلي تحرص إسرائيل علي إبرام اتفاقية تطبيع مع السعودية، نظرا لأهميتها الاقتصادية والدينية والسياسية ومع ذلك، فإن الرياض لديها قيود داخلية وخارجية مختلفة، فضلاً عن مجموعة من الحساسيات الخاصة، مرجحا أن يكون ثمن التطبيع مع المملكة أعلى منه مع دول الخليج الأخرى، وبالتالي ليس من الواضح متى وتحت أي شروط ستكون السعودية على استعداد لتوقيع اتفاقية على غرار اتفاقيات الإمارات والبحرين والسودان.

ويؤكد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن دعم السعودية لاتفاقات “إبراهام” يُظهر مدى انحرافها عن موقفها السابق ويظهر هذا التغير في الإذن الممنوح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في الأجواء السعودية من وإلى الإمارات والبحرين، والتغطية الإعلامية الإيجابية تجاه إسرائيل، وتصريحات كبار المسؤولين الحاليين والسابقين في المملكة.

علاقات سرية

ويستذكر “المعهد” أقوال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في الآونة الأخيرة “إن تطبيع العلاقات بين البلدين أمر لا مفر منه”، منوها إلى أن السعودية لم تعد تكتم انتقاداتها للقيادة الفلسطينية وهي، مثل إسرائيل، تلوم الفلسطينيين على عدم إحراز تقدم في عملية السلام.  ويتابع ” لكن بن فرحان شدد على أن السعودية لا تزال تشترط لعلاقات طبيعية مع إسرائيل حل القضية الفلسطينية على أساس مبادرة السلام العربية”.

ويوضح المعهد الإسرائيلي في تقريره أن العلاقات بين إسرائيل والسعودية تطورت عبر عدد من القنوات الموازية على مر السنين: القناة الأمنية الاستخباراتية التي لا تزال تشكل أساسًا ثابتًا للعلاقات التي ظلت سرية بالضرورة، والقناة الاقتصادية التجارية، وفي السنوات الأخيرة، فتحت قناة تركز على “الحوار بين الأديان”.

ويقول إنه مع السرية التي تميزت بها معظم هذه القنوات، تطورت العلاقات العلنية أيضًا بين إسرائيل والسعودية بمرور الوقت، وتشمل الآن اجتماعات بين شخصيات بارزة من كلا الجانبين، وخاصة أولئك الذين شغلوا مناصب رسمية سابقًا.

وعلى غرار جهات إسرائيلية أخرى يضيف “بالرغم من نفي كبار المسؤولين السعوديين، فمن المحتمل أن تكون المفاوضات والاتفاقيات مع الإمارات والبحرين والسودان قد جرت بعلم ودعم القيادة السعودية. بشكل عام، تخدم الاتفاقات الموقعة مع هذه الدول مصالح السعودية، وتزودها بمقياس يمكنها استخدامه لتقييم الفوائد والمخاطر المحتملة لاتفاق محتمل مع إسرائيل بما في ذلك ردود الفعل العامة”.

يبدو أن القيادة السعودية منقسمة حول قضية التطبيع

ويوضح معهد دراسات الأمن القومي الذي يؤثر عادة على صناعة القرار في إسرائيل أنه بينما يصدر القادة السعوديون السابقون والحاليون تصريحات براغماتية بشأن إسرائيل، يبدو أن الملك سلمان يلتزم بوجهة نظر أكثر تقليدية بشأن إسرائيل والقضية الفلسطينية. ويستذكر أنه في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2020، ربط سلمان مرة أخرى التطبيع بتلبية إسرائيل لمجموعة من الشروط بناءً على معايير المبادرة العربية للسلام.

وبرأي “المعهد” قد تعكس الرسائل المتناقضة التي ترسلها القيادة السعودية بشأن هذه القضية اهتمام المملكة بالحفاظ على مساحة كافية للمناورة لتمكينها إما من التراجع عن التطبيع أو التقدم نحوه، حسب الظروف. وبرأيه ستزداد احتمالية التطبيع مع إسرائيل بعد وفاة الملك سلمان وبالتأكيد إذا تم تعيين ابنه ولي العهد محمد ملكًا ويقول إنه من المفترض أن تتأثر مسألة التطبيع مع إسرائيل بفهم بن سلمان إلى أي مدى يمكن أن يتدخل مثل هذا الإجراء في تعيينه ولعل السؤال هو عن مدى انفتاح المجتمع السعودي المحافظ على اتفاق مع إسرائيل.

ويشير إلى أن المجتمع السعودي أظهر في السنوات الأخيرة، قبولا لتغييرات اجتماعية واقتصادية كبيرة، لكن هذا لا يعني أن اتفاقية سلام مع إسرائيل ستلقى مثل هذا الدعم.

ويتابع “في الوقت نفسه، فإن التغييرات الهيكلية الأخيرة في السعودية بما في ذلك مجلس الشورى السعودي ومجلس كبار العلماء ستساهم في تمهيد الطريق للتطبيع. ومن المرجح أن تساعد مثل هذه التغييرات العائلة المالكة على التصرف بمزيد من المرونة حيال هذه الإجراءات بعيدة المدى. ولم يُخفِ القصر الملكي السعودي رغبته في تغيير الخطاب الداخلي للبلاد، بما في ذلك الخطاب الديني”.

ويعتبر المعهد الإسرائيلي أن الدين يلعب دورًا رئيسيًا في خطاب السعودية حيث تستخدمه السلطة كوسيلة للتأثير على المشاعر وكسب الدعم الشعبي.  ويتوقع أن يواصل بن سلمان استخدام المؤسسة الدينية ضد المعارضة لتمهيد الطريق لإجراءات سياسية مثيرة للجدل، بما في ذلك التطبيع مع إسرائيل كخطب مواعظ الشيخ السديسي لافتا لوجود مؤشرات على تبني موقف أكثر تسامحًا تجاه اليهود واليهودية، من أجل اختبار رد الفعل الشعبي، ولكن أيضًا لتهيئة الرأي العام.

ويلاحظ المعهد الإسرائيلي أن ردود الفعل السلبية على هذا المسعى جاءت بالدرجة الأولى من السعوديين في المنفى، ومعظمهم يعارض النظام، وليس من السكان المحليين، الذين يخشون الملاحقة نتيجة التعبير علانية عن آراء تتعارض مع موقف الحكومة ويعتبر التحدي الآخر أمام المملكة هو الحفاظ على مكانتها في العالم الإسلامي. ويرى أيضا أن هذا الهدف، الذي هو مصلحة عليا للسعودية، قد يتضرر من انتقادات جهات مثل تركيا وإيران تسعى لتبني القضية الفلسطينية واستخدامها لمهاجمة المملكة، ونظرًا لوضعها في العالم الإسلامي، تعتبر اتفاقية التطبيع ذات قيمة خاصة لإسرائيل، التي تأمل أن تسهل مثل هذه الاتفاقية علاقات أفضل مع العالم الإسلامي بأسره.

ثمار التطبيع

ويقول المعهد إنه في السنوات الأخيرة، أصبحت النخبة السعودية غير متأكدة من موثوقية الدعم الأمريكي عندما تكون مصالحها الأساسية على المحك لافتا إلى أن السعودية تعتبر الاتفاق مع إسرائيل وسيلة لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة. ومن المحتمل أن السعودية ستنتظر إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، بحيث يكون لديها ما تقدمه لـ”جو بايدن”، إذا تم انتخابه. ويتابع “تعتقد السعودية أنه من المرجح أن يؤدي الاتفاق مع إسرائيل إلى تحسين صورتها ومكانتها الدولية، بما في ذلك في الكونجرس الأمريكي، حيث تضررت في السنوات الأخيرة بسبب تصرفات بن سلمان وهذا يتطابق مع الجهود السعودية لتسويق “الإسلام المعتدل” كجزء من عملية التحديث المستمرة.

التكنولوجيا الإسرائيلية

وبرأيه المعهد الإسرائيلي فإنه رغم مزايا العلاقات السرية بين السعودية وإسرائيل، فإن تطبيع العلاقات سيساعد على الوصول بسهولة إلى التكنولوجيا الإسرائيلية كما يعزز نفوذ السعودية في الأماكن الدينية في القدس. ومن المرجح أن يكون القلق السعودي المتزايد بشأن إيران عاملاً يحفز المملكة على التحرك نحو التقارب مع إسرائيل، ليس بالضرورة من خلال توقيع اتفاق رسمي، ولكن في المقابل يمكن أن يكون ذلك العامل رادعًا ضد توثيق العلاقات وبالنسبة للسعودية، تتوقف مسألة العلاقات مع إسرائيل على استقرار المملكة ومكانتها.

الثمن أكبر

ويتعقد المعهد الإسرائيلي أنه من المحتمل أنه يُنظر في الوقت الحالي، إلى اتفاقية تطبيع كاملة مع إسرائيل على أنها خطوة بعيدة جدًا لكن برأيه هذا لا يعني أن الاستعدادات لمثل هذا الاتفاق ليست جارية، لا سيما في تشكيل الرأي العام الذي لا يزال يعارض في الغالب التطبيع مع إسرائيل، ما يعني أن القيادة السعودية قد تحتاج المزيد من الوقت حتى تشعر بالثقة بشأن اتخاذ تدابير تجاه التقارب مع إسرائيل، مرجحا أن تكون مطالب السعودية أعلى من مطالب الإمارات. ويقول إنه إذا كان الاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي أوقف الخطة الإسرائيلية لضم الأراضي في الضفة الغربية، فإن الشروط السعودية يمكن أن تتضمن مطالب أكبر من إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية.

ويضيف “علاوة على ذلك، تطالب الإمارات بالوصول إلى أسلحة أمريكية متقدمة، بما في ذلك مقاتلات (إف 35)، ومن المحتمل أن تكون مطالب السعودية في هذا المجال أعلى من مطالب الإمارات وربما تمتد إلى المجال النووي”. ويرى أن موقف دول الخليج من إسرائيل يعد ديناميكيا، لذلك من الممكن أن يكون التزام السعودية بشروط مبادرة السلام العربية كأساس للمفاوضات مفيدًا ليس فقط للحفاظ على استقرار المملكة ومكانتها، ولكن أيضًا كورقة مساومة في المفاوضات مع الولايات المتحدة حول شروط التطبيع.

ويخلص معهد دراسات الأمن القومي إلى القول إن السعودية تتخذ خطوات حذرة وتدريجية تجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل وفي الموازنة بين التهديدات والمكاسب، من الصعب تحديد متى وتحت أي شروط ستكون المملكة على استعداد للانضمام إلى اتفاقيات “إبراهام “، مرجحا أنه في الطريق إلى الاتفاق، ستسعى السعودية لاختبار معيارين رئيسيين: نجاح وتوسيع اتفاقيات “إبراهام”، وتحسين العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين.

ويضيف “إن استعداد إسرائيل لاتخاذ خطوات للمضي قدمًا في عملية السلام سيشجع السعودية في نهاية المطاف على التطبيع. ويمكن أن تشمل العوامل الإيجابية الإضافية اتفاقًا أمريكيًا لبيع أسلحة متطورة إلى السعودية، وتغييرات داخلية في المملكة فيما يتعلق بوضع إسرائيل في الرأي العام ومن سيرث العرش السعودي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول لايدري:

    نطالب بوضع الحرمين الشرفين تحت وصاية اسلامية
    نطالب ان تؤول أموال الحج و العمرة للمسلمين في أنحاء العالم
    أموال الحج والعمرة تذهب للصهاينة و الامريكان

  2. يقول بيبرس:

    اسرائيل متقدمه فى كافة المجالات . فقط اذا قورنت بالعرب .. ام اذا قوىنت بالدول الاوربيه فاهيه متخلفه

    1. يقول الشاهر السعيد:

      بعكس بقية النص، لاحظت انك كتبت اسرائيل بطريقة صحيحة، عدّلها لو سمحت

  3. يقول علي/العراق:

    ياحلاوه إيه الأخبار ده

  4. يقول Al NASHASHIBI:

    تغيير النظام الإجرامي ..يؤدي الي توحيد المسلمين..

  5. يقول أبو فاطمة العمرى:

    التطبيع موجود وكان..والعناق والغزل وكان..صحف العالم والعالمين اثبتوا ذلك ووثقوه وكشفوا ماخفى عن العامه.بل سمعنا وشاهدنا صهاينه يسموا سعوديين ِ..يمجدوا ويدافعوا عن الصهاينه بل ويتهجموا وينكروا حقنا فى فلسطيننا المنهوب المغتصب.
    الذى سيحصل هو ان هذا الغر الطائش مخمد بن شلمان سيظهر معانقا الصهاينة علنا بعد ان كان يعانقعم فى يخوت او غرف مغلقة.
    سينزعوا برقع الخداع الذى تخفوا خلفه منذ عقود.
    كذبهم لغبائهم حبله قصير.

  6. يقول نايف المصاروه. الأردن:

    قال تعالى محذرا من بني إسرائيل وإذنابهم..

    يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ. ﴿٥١} المائدة..
    وقال سبحانه.. .. ۞لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّيسِينَ وَرُهۡبَانٗا وَأَنَّهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ ﴿٨٢﴾.المائدة.

    والسؤال ماذا جنى العرب من السلام مع إسرائيل.. قديما وحديثا..؟

    يا أحرار وحرائر العرب.
    اما آن الأوان.. لإشعال ثورة التحرير.. حتى تحرر الأوطان من نير حكام الويلات.. والدويلات.. اتباع ترامب والنتن ياهو..
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  7. يقول صقر القريشي:

    بالمختصر لقد أصبح هناك في العالم العربي محوران، محور يتحالف مع إسرائيل من أنظمة عربية فاسدة ديكتاتورية خائنة هدفه إيران وفلسطين وتركيا وكل من يعادي إسرائيل من عرب ومسلمين، ومحور الدول والمنظمات المعادية لإسرائيل ومع الشعب الفلسطيني، أنا مع هذا المحور. رغم إنتقادي للنظام الإيراني. إسرائيل ونظامها العنصري المجرم هو النقيض للعرب ولا يمكن التعايش مع نظام إستعماري عنصري مجرم حقود ضد العرب والمسلمين؟ وكل من يقف ويتحالف مع هذا النظام هو عدو للعرب والمسلمين وأمنهم ومستقبلهم.

    1. يقول إصيل:

      الله اكبر ماذا جرى للعرب هل باتو لايعرفون مصيرهم ومصير شعوبهم

  8. يقول وفاء ابو غوش:

    اذا طبعت السعوديه لا مكه ولا قدس لها ونحن مع وصايه اسلاميه على المقدسات ، فالسعوديه تتنازل هكذا وبكل بساطه عن مكانتها الدينيه وتصبح الوجه الاخر للاستعمار الصهيوني

  9. يقول أم أيمن:

    حسبنا الله و نعم الوكيل، التطبيع السعودي مع اليهود يعد بيع الحرمين الشريفين و المسجد الأقصى. اليهود يريدون الدخول إلى السعودية احتلالها لأنهم لم ينسوا كيف خرجوا منها صاغرين. لنا الله يا سلمان، لا تنسى أن الله فوق رأسك و انك لن تسأل عن الإسلام و المسلمين و لكن عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. اتبيع ديننا و البقعة المباركة و نور رسول الله لليهود؟ لى تنسى كما دفن جدك و ابوك ستدفن كذلك.

  10. يقول الحسن العبد:

    اتفاقية أبراهيم هي في حقيقة الأمر ديانة وضعية جديدة فيها إسلام ليس معتدلا ولكن مبهذلا من مطبعين عرب مع الصهيومسيحية الإسرائيلية- الأمريكية ؛ واتفاقية أبراهيم هي خليط وجليط من الدين الإسلامي المبهذل كما تريده الصهيو-صليبية والشرائع الأخرى؛

إشترك في قائمتنا البريدية