إنها تخفي إسمها. البطاقة التي تحمل الاسم والتي يفترض أن توضع حول الرقبة مخبأة في جيبها وكأن ذلك اهمال. دكتور أ. هي طبيبة مختصة في أحد المراكز الطبية المتقدمة في وسط البلاد. تتجول بين الاقسام بهوية مشوشة، وقد تم قبولها للتخصص في هذا القسم المطلوب، لدى مدير القسم الذي له سمعته المعروفة واحترامه الكبير. ومع ذلك هي تشعر أن من الافضل أن لا تُظهر هويتها، جمالها وسحرها يأسران القلب عندما تتجول بين أسرة المرضى وتعالجهم باخلاص ومهنية، وتحافظ عادة على سرها.
كان يفترض أن تكون دكتور أ. طبيبة اسرائيلية. تعلمت في المدارس اليهودية، والديها يسكنان في قرية زراعية يهودية راقية، العبرية هي لغتها الأم. أختها ايضا متخصصة في مستشفى كبير في مركز البلاد، وتسكن الاثنتان في شقة مؤجرة في شمال تل ابيب القديم. أختهما الصغيرة تدرس الطب في التخنيون في حيفا، والدهم هو مقاول من أصل بدوي، والأم عربية من حيفا تعمل موظفة. الوالدان فعلا كل شيء من اجل نجاح بناتهم في هذه البلاد.
عندما التقيت معها للمرة الاولى صدفة في أروقة القسم بدأت بالبكاء. كان ذلك اثناء عملية «الجرف الصامد»، وقد كانت تخرج عن طورها لمشاهدة غزة، ممزقة بين شعبها ودولتها. دكتور أ. لم تفقد في أي وقت كرامتها أو هويتها وهي تريد أن تكون هنا في بلادها.
احتمالية تحقق ذلك تضعف يوما إثر يوم وأعتقد أنها تعرف ذلك. في الوقت الحالي هي تخفي اسمها لأجل أن توفر على نفسها الملاحظات والاهانات من قبل المرضى وعائلاتهم. «هذا مثل اليهود في فرنسا»، تُعزي نفسها. لكن هذه المقارنة غير صحيحة، أشك أنه يوجد طبيب في فرنسا يخفي اسمه. في مطار بن غوريون يعتبرونها في المستوى السادس من الخطر، كما اكتشفت ذات مرة، أقل من الدرجة القصوى للخطر بدرجتين. حذر، خطر. الطبيبة الاسرائيلية التي تسافر لاكمال الدراسة ولمؤتمرات في الخارج وتعمل في مستشفى في اسرائيل تمر بعدد من الاهانات أمام الجميع.
مستقبل دكتور أ. هو مستقبل الدولة. فاذا لم تنجح في الحياة هنا فلن تكون هنا ديمقراطية ولن يبقى أي طعم لذلك. التعامل معها ورقة اختبار في الكيمياء: القليل من أبناء شعبها حاولوا أن يكونوا اسرائيليين مثلها. واذا لم تجد هي ايضا مكانا لها فسنعرف بشكل نهائي: تمييز عنصري. ليس هناك طريقة اخرى لوصف العلاقة معها أو المعاملة لها غير العنصرية. وعندما قلت لها إن عائلتها كانت هنا قبل عائلتي بكثير ابتسمت بحزن. إنها تريد أن تكون اسرائيلية ومن المشكوك فيه أن اسرائيل تريدها. هي مخلصة لدولتها ولكن هل دولتها ستكون مخلصة لها؟ اجهزة التعليم والصحة كانت مفتوحة أمامها ولكن الغيوم تغطي سماءها ومستقبلها.
عندما تقول عسقلان إنها ستطرد عمال البناء العرب فقط بسبب أصلهم، فان اليوم الذي ستُقيل فيه المستشفيات الاطباء العرب قريب. عددا من الاسرائيليين يريدون ذلك منذ زمن. وعندما تصادق الحكومة على اقتراح قانون القومية في صيغته «المتطرفة» لزئيف إلكين أو صيغته «المعتدلة» لبنيامين نتنياهو – فان احتمالية بقاء الدكتور أ. هنا تكون قليلة جدا. عدد قليل من اليهود الاسرائيليين يعرفون ما يمر عليها وعلى مثيلاتها يوميا. وأقل من هذا العدد يعنيهم الامر. يعنيهم الامر؟ كل من يريد «يهودية» لا يريد الدكتور أ.، والدكتور أ. لديها مكان فقط «في الديمقراطية». وبين هاتين القيمتين المتناقضتين لا يمكن أن يكون وئام أو التقاء.
في ايام الظلام الاخيرة وجدت نفسي أفكر كثيرا بالدكتور أ. وقد رغبت جدا في أن أراها تفخر جدا باسمها، ورغبت جدا في رؤيتها تجد مكانها هنا، في موطنها وبلدها.
هآرتس 23/11/2014
جدعون ليفي