غزة: صناعة العجوة مهنة موسمية تنعش بيوت الفقراء

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

تعمل المئات من الفلسطينيات في غزة في صناعة منتجات من البلح لكسب دخل مالي يعينهن وعائلاتهن للهروب من واقع الفقر المتفشي في القطاع المحاصر. وباتت تعتبر صناعة العجوة المنزلية واحدة من أبرز المظاهر التي انتشرت في قطاع غزة خلال السنوات الماضية، وذلك لوفرة البلح بأسعار زهيدة. فبمجرد المرور بين أزقة وشوارع قطاع غزة، ستجد أواني الرطب المجفف المغطاة بأقمشة خفيفة منتشرة على النوافذ وفوق أسطح المنازل، ضمن مراحل تجهيز أقراص العجوة تمهيداً لبيعها أو استخدامها في صناعة الحلويات والكعك والدبس.

وتستغل النسوة موسم البلح لتأمين مصدر دخل عبر تشكيل مجموعات لإنتاج مركبات متعددة من البلح مثل العجوة والمربى والدبس، وبيعها في الأسواق وللمحال التجارية في القطاع، حيث يشهد إقبالا كبيرا من قبل المواطنين، خاصة في فصل الشتاء حيث تنشط صناعة الحلويات بشكل كبير لاحتوائها على السعرات الحرارية.

في فناء منزلها في حي الدرج شرق مدينة غزة، تجلس المواطنة أم راغب ياسين برفقة بناتها في حلقة عمل أشبه بخلية النحل، يجهزن الرطب بعد أن تم تجفيفه لعدة أيام، استعداداً لطحنه وتحويله إلى عجوة وتغليفها ليتم بيعها وجلب قوت يومهن، في مهنة تعتاش منها الكثير من الأسر الغزية.

تقول أم راغب لـ”القدس العربي”: “أعيل أسرة كاملة بعد وفاة زوجي قبل عدة سنوات، وليس لدينا مصدر دخل ثابت. وفي ظل الظروف الصعبة في غزة وعدم وجود فرص عمل مناسبة، كنت أرغب أن أحسن ولو قليلاً من الوضع الاقتصادي الصعب الذي أعيشه، فوجدت تصنيع العجوة فكرة جديدة وفرصة لتحقيق المال”.

وتشير أم راغب إلى أن موسم البلح بات يعتبر مهما لعائلتها، فما يتم جنيه يباع للمعارف والجيران والمحال التجارية القريبة من منزلها، ما يساعدها على إعالة أسرتها، ومنذ 7 أعوام تعمل في مهنة تجفيف البلح وتحويله إلى عجوة، كمصدر دخل وفير يؤمن لها حياة مستورة.

وعن مراحل صناعة العجوة، توضح أنها تبدأ بغسل ثمار البلح الأحمر، ونزع النوى منه بعد تقشيره وتجفيفه تحت أشعة الشمس، والعملية تأخذ وقتاً، وبعد التجفيف يتم طحن البلح، ليصبح عجوة لينة ذات لون بنى داكن، ويضاف إليها زيت الزيتون ليزيد من ليونتها. وبحسب أم راغب فإنها تنتج سنوياً ما يقرب من 400 كيلو غرام من العجوة، وتجني خلال الموسم حوالي 700 دولار أمريكي، وهو مبلغ يساعدها في توفير مستلزمات حياتها لمدة شهرين أو ما يزيد.

وأوضحت أن الدعم الذي حصلت عليه من أفراد عائلتها التي وقفت إلى جانبها في هذا المشروع خاصة أولادها الذين يساعدونها في عمليات التصنيع، جعلتها قادرة على تأسيس مشروع عائلي بامتياز، يعود بالفائدة والربح عليهم في ظل الظروف المعيشة الصعبة.

وتنشط العديد من الجمعيات في قطاع غزة التي تعنى بدعم المرأة الفلسطينية، بالعمل في مثل هذه المواسم من أجل خلق فرص عمل لهن تؤمن من خلالها مستلزماتهن الأسرية.

وأوضح مدير الجمعية الأهلية لتطوير النخيل والتطوير إسلام أبو شعيب أن موسم صناعة العجوة، يبدأ منذ بداية تشرين الأول/ أكتوبر ويستمر حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر من كل عام، وهذه الفترة تعتبر مصدر دخل لمئات الأسر في غزة التي تعمل على صناعة العجوة.

وأكد لـ”القدس العربي” أن عدد أشجار النخيل في غزة يصل لقرابة 190 ألف شجرة، تنتج ما يصل إلى 21 ألف طن من البلح، مبيناً أن 95 في المئة من البلح هو من الصنف الحياني، و5 في المئة من صنف البرحي ويضم هذا الصنف البلح المجهول والعامري وبنت العيش. وحسب أبو شعيب فإن صنف الحياني هو المصدر الأساسي والمادة الخام لصناعة العجوة، ويتم تصنيع نحو 600 طن سنوياً منه، لافتاً إلى أن هذه الكمية تغطي ربع احتياج القطاع من العجوة والذي يصل إلى 2000 طن سنوياً، فيما يتم تغطية العجز عبر الاستيراد من الخارج.

وأضاف أبو شعيب أن مجال العمل في تصنيع العجوة متاح للجميع، ويمثل فرصة لاستيعاب المئات من الأيدي العاملة خاصة النساء، بالإضافة إلى دعم المزارع الذي سيجد من يشتري محصوله بكل سهولة.

ووفق آخر إحصائيات رسمية صادرة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد تبين أن هناك ارتفاعا في معدل الفقر بين سكان قطاع غزة، حيث وصلت النسبة إلى 57 في المئة، بينما تصل نسبة الفقر المدقع إلى 33 في المئة، وتعد مستويات البطالة في قطاع غزة الذي يقطنه ما يزيد عن مليوني نسمة، من المعدلات الأعلى عالمياً وفق تصنيفات البنك الدولي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية