لندن ـ “القدس العربي”:
كانت هزيمة دونالد ترامب ضربة قاصمة للديماغوجيين والديكتاتوريين، ففي أول زيارة خارجية له ذهب إلى السعودية ووضع يده على مجسم لكرة أرضية مشع. وكانت صورة سوريالية كما يقول إيشان ثارور في صحيفة “واشنطن بوست” التي ظهر فيها ترامب محاطا بالملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ومن ثم الخطاب الذي ألقاه وركز فيه على موضوع ظل حاضرا طوال رئاسته. فقد كان هو الرئيس الأمريكي المستعد لوضع قضية حقوق الإنسان على الرف، وهو الرئيس الذي يريد إظهار القوة لا الدبلوماسية والأكثر راحة مع الديكتاتوريين والحكام غير المنتخبين.
ولكن الخريطة الجيوسياسية تتغير اليوم حيث يصحو العالم على خسارة ترامب في الانتخابات.
الخريطة الجيوسياسية تتغير اليوم حيث يصحو العالم على خسارة ترامب في الانتخابات
وفي الوقت الذي تسابق فيه حكام الدول لتهنئة جوزيف بايدن على انتخابه إلا أن عددا منهم كانوا واضحين في صمتهم. وفي هذا المعسكر تأخر مضيفو ترامب عام 2017 نحو 24 ساعة قبل أن يقدموا التهنئة للرئيس المنتخب. وأرسل الملك سلمان وولي عهده تهنئة شكلية. وهما يعرفان أن فوز الديمقراطيين يعبر عن تغير كبير في حظوظهما السياسية. وقد يدفع بايدن باتجاه إحياء الاتفاقية النووية مع عدوتهم إيران ويخفف من استراتيجية أقصى ضغط التي فرضتها إدارة ترامب على طهران. وقد يكون لديه الدعم الكافي في الكونغرس لوقف الدعم الأمريكي في الحرب التي شنتها السعودية باليمن. وفوق كل هذا أعرب مساعدو بايدن أن إدارته ستعيد النظر في مجمل العلاقة مع السعودية (ومن الممكن مع مصر). ويضم هذا الدفع باتجاه بعض التحركات بعد مقتل الصحافي السعودي والكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي. وقدم ترامب الحماية للسعودية، خاصة أن أولويته كانت استمرار المملكة شراء الأسلحة الأمريكية، ومنع الكونغرس من توبيخها.
لكن بايدن سيكون كما هو متوقع أكثر تشددا وربما حصل على تنازلات مثل الإفراج عن ناشطي المجتمع المدني. وقال دينس روس، الدبلوماسي الأمريكي السابق والزميل في معهد واشنطن، بمقال أخير إن “موضوعات مثل مبيعات السلاح وحقوق الإنسان سيتم التعامل معها بطريقة مختلفة”.
ولم يقدم قادة الصين وروسيا وكوريا الشمالية تهاني للرئيس المنتخب بعد، فهم وإن اختلفوا مع ترامب في بعض الجبهات إلا أنهم انتفعوا من طريقته المربكة والمخربة التي قدمها على المسرح الدولي. وعودة بايدن إلى البيت الأبيض بعد ثماني سنوات كنائب للرئيس في إدارة باراك أوباما هي إشارة عن العودة للتحالفات التقليدية وإغلاق المجال أمام أي انتهازية جيوسياسية. وقال أندريه لانكوف، أستاذ دراسات كوريا الشمالية بجامعة كوكمين في سيؤول: “سيشعرون بعدم الرضا”، في إشارة إلى الدائرة المغلقة حول الزعيم الكوري كيم جونغ- أون الذي اعتبره ترامب “صديقا خاصا”.
وقد يبدأ بايدن من حيث انتهت إدارة ترامب في المفاوضات النووية مع روسيا ولكنه قد يتخذ موقفا متشددا من موسكو في أمور تتعلق بتدخلها في الانتخابات والنزاعات الأخرى. وكتبت إزابيل خورشديان في “واشنطن بوست”: “ترى موسكو سلبيات في رئاسة بايدن بما في ذلك خططه للتعاون من جديد مع الناتو” و”كما أظهر بايدن نيته لفرض إجراءات أقسى، ربما على شكل عقوبات بسبب تدخلها في الديمقراطيات الغربية”. وقال دبلوماسي غربي كبير في واشنطن لصحيفة “فايننشال تايمز”: “نتوقع تشددا كبيرا في الموقف تجاه روسيا” ومضى قائلا: “هناك حقد على روسيا بين (فريق بايدن) وهو مثير للدهشة، وهو ليس منطقيا فقط بل وعاطفيا”.
وأعلن ترامب عن خطة لعقد قمة للديمقراطية بعد دخوله البيت الأبيض تعزز ما قال الخبراء إنها الديمقراطية المتراجعة حول العالم. وسواء نجحت هذه القمة أم لا إلا أنها ستعطي إشارة عن تجنب الإدارة المقبلة التعاون مع الديماغوجيين والحكام القوميين غير الليبراليين. ومن بين القادة الذين سيتم تهميشهم على قائمة بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكذا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الهنغاري فيكتور أوربان الذي سخر من “الإمبريالية الأخلاقية” لدى الليبراليين الأمريكيين.
ودافع مبعوث ترامب في بودابست عن النزعة الديكتاتورية الزاحفة لأوربان والقمع ضد منظمات المجتمع المدني والجامعات. وربما لن يجد أوربان حظا مع بايدن. وقال بيتر كريكو، مدير معهد الرأسمالية السياسية في بودابست: “عنت رئاسة ترامب دعما غير مشروط من واشنطن” و”أعتقد أن إدارة بايدن ستكون متشددة مع هنغاريا حول تراجع الديمقراطية والفساد المتعلق بالاستثمارات الصينية والروسية التي غض عنها ترامب النظر”.
نتنياهو الذي يواجه اضطرابات داخلية لن يستطيع في ظل إدارة بايدن اتخاذ قرارات مستفزة
وبالنسبة لنتنياهو الذي يواجه اضطرابات داخلية فلن يستطيع في ظل إدارة بايدن اتخاذ قرارات مستفزة. وكان نتنياهو من أشد المعارضين لاتفاقية أوباما النووية مع طهران. وربما لجأ مع السعوديين والإماراتيين وبدعم أمريكي إلى تشديد العقوبات على إيران وفيما تبقى من أشهر قليلة لترامب في الحكم بحيث يعقد طريق بايدن التقارب معها. ومن الباكر الحديث عن التغيرات الدراماتيكية التي سيحدثها بايدن، لكن سياساته المعتدلة وإخلاص مؤسسته ستطمئن الحلفاء المتوترين وتثير عصبية الآخرين.
وفي الوقت الحالي على بايدن التركيز على الداخل، فمسألة الانتخابات لم تحسم بعد، حيث تجمع الجمهوريون في مجلس الشيوخ حول ترامب في جهده لرفض نتائج الانتخابات بناء على أدلة لا أساس لها من التزوير. ولكن الأزمة المستمرة بدأت بتغذية السياسة في أماكن أخرى. فقد عبرت نظريات المؤامرة لترامب الأطلنطي وأثارت غضب دوائر في اليمين الأوروبي المتطرف.
وقالت سيليا بيلين من معهد بروكينغز إن ما يشير “لحس الضحية” داخل الجماعات اليمينية المتشددة المهمشة في أوروبا انعكس من خلال “مأزق ترامب في الوقت الحالي”. ومع أن ترامب يحمل قشة للبقاء في السلطة إلا أن هناك 70 مليون شخص صوتوا له. وتقول بيلين: “هذه الانتخابات ليست رفضا كاملا للترامبية”، بل وأعطت إشارة أن “الشعبوية القومية قد تقوت وربما زادت قوة بعد دخول بايدن البيت الأبيض”.
و هذا بالتأكيد ما كان ينتظره العالم بأسره …..أن تقلق هؤلاء الثلاثة الظالمة ….
ومن بين القادة الذين سيتم تهميشهم على قائمة بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكذا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الهنغاري فيكتور أوربان الذي سخر من “الإمبريالية الأخلاقية” لدى الليبراليين الأمريكيين. هذا ما تقوزله الواشنطن بوست
السعودية المنبوذة…
ومصر الكمبارس…
واسرائيل الفائزة….كعادتها…