العديدون في إسرائيل يبدون خوفهم من أن ستكون طبعة إدارة بايدن مكررة لإدارة أوباما، بيد أن جو بايدن ليس أوباما، وسنة 2021 ليست هي سنة 2009.
بايدن وكامالا هاريس ينتميان لمدرسة القيمة للحزب الديمقراطي، تلك التي تشعر بالتزام أساسي لإسرائيل، نابع (خلافاً لأوباما)، من دوافع شعورية. كبار طاقم بايدن في أغلبهم أعضاء متزنون وذوو تجربة، ومن الاتصالات معهم في الأشهر الأخيرة قد يتولد انطباع بأن نظرتهم لتحديات الشرق الأوسط- والتي أصلاً لن تكون على رأس اهتماماتهم- هي نظرة حكيمة، وهم بعيدون جداً عن الآمال المنقطعة عن الواقع لأيام أوباما في نظرته “للربيع العربي”، وتقسيم الشرق الأوسط ما بين إيران والسعودية، أو رؤية الإسلام السياسي كدواء مضاد للإسلام الجهادي.
هؤلاء الأشخاص استوعبوا عبر العقد الأخير وهم مدركون للتغيرات في البيئة الاستراتيجي، ومستعدون للدفع قدماً بتعاون أمني مع إسرائيل وشريكاتها العربية، ولكن يمكن الافتراض بأنهم سيتعاملون بصورة انتقادية مع خرق حقوق الإنسان في أنظمة عربية مهمة لإسرائيل (مصر والسعودية). يبدو أن تركيا أيضاً- وهي وجه الرأس الإقليمي المتزايد- لن تكون راضية منهم (بسبب نظرة متعاطفة لبايدن من الأكراد).
في هذه الصورة الجزئية، المشبعة باللون الرمادي، هنالك إمكانية كامنة لاحتكاك في مواضيع حاسمة لإسرائيل. بالنسبة لإيران تقول خطة بايدن بالعودة إلى الشروط الأصلية للاتفاق النووي، وبعد ذلك إجراء مفاوضات لتحسين البنود الإشكالية في الاتفاق الأصلي، وعلى رأسها بنود “غروب الشمس” (أي مواعيد الانتهاء القصير نسبياً للقيود التي فرضت على إيران)، وربما أيضاً بشأن سلوكها الإقليمي. رجالات بايدن يدعون بأن العقوبات غير النووية (تلك المتعلقة على سبيل المثال بالصواريخ، ودعم الإرهاب، وخرق حقوق الإنسان) تبقى سارية المفعول، وسيكون بالإمكان إضافة عقوبات في إطار جبهة أمريكية- أوروبية موحدة يعطيها بايدن، خلافاً لترامب، أهمية كبيرة.
هذا الأسلوب سيشكل تحدياً للخطاب الإسرائيلي الأمريكي. وإذا فشلت وواصلت إيران في قضم بنود الاتفاق النووي وتقصير “زمن الانطلاق” نحو تطوير قدرات نووية عسكرية- ماذا ستفعل الولايات المتحدة من أجل وقفها؟ ما الذي سيعتبر اتفاقاً جيداً يصلح عيوب سابقه؟ وما هي احتمالات التوصل إليه مع تخفيف العقوبات؟ يبدو أن وجهة نظر إسرائيل والولايات المتحدة في هذه الأسئلة ستكون مختلفة.
ليس من المتوقع أن تعطي إدارة بايدن للقضية الإسرائيلية- الفلسطينية الأولوية التي أعطاها لها أوباما. ليس هنالك في أوساط رجالاته أوهام فيما يتعلق بإمكانية حدوث انطلاقة في المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية في هذا الوقت، وليس في نيتهم إطلاق خطة سلام خاصة بهم. وفي المرحلة الأولى سيفضلون التركيز على إبقاء شباك مفتوح لاتفاق مستقبلي لحل الدولتين، بما في ذلك رفع الضم عن جدول الأعمال، ومعارضة لتوسيع الاستيطان في يهودا والسامرة وحفظ خطة ترامب. حتى بدون مبادرة سياسية، فإن احتمالية الاحتكاك واضحة.
إن إدارة أوباما ستشجع بدون شك منحى التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، رغم الضبابية التي تكتنف ذلك. ولكن من المتوقع فحص إمكانية استغلال ذلك في تطوير خيارات على الصعيد الإسرائيلي- الفلسطيني، بما في ذلك دفع إسرائيلي بـ “العملة الفلسطينية” مقابل توسيع التطبيع.
ولكوني شاركت في اتصالات كهذه، لا أستطيع التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية الحوار مع الإدارة المنتخبة قبل تسلمها لمهامها. ستحسن حكومة إسرائيل صنعاً إذا تغلبت على نزاعاتها الداخلية وبلورة ما هو مهم لها في المواضيع الأساسية (ما توافق عليه وليس فقط ما تعارضه) وبدأت فوراً بمحادثات هادئة كهذه. من يتعب عشية السبت يأكل السبت.
بقلم: ميخائيل هرتسوغ
هآرتس 10/11/2020