نداء

أحمد برقاوي٭

أنتم يا أصحاب الأنياب الصفراء
والأظافر المغروسة
في قلب الحياة:
اتركوا لي غيمة في كبد السماء
لابسة ثوبها الأبيض أو الداكن
تلهو وترسم نفسها أشكالا
من حالات الرقص الوسيم
وحين تغادرني مطرا
أنظر إلى السماء وأنتظرُ
اتركوا لي بدرا يتلصص عليّ
في الليل وفِي النهار
ويسير خلفي
يلاحقني
وأنا في طريقي إليها
صاعقة من شوق.
اتركوا لي نورا من أشعة شمس الصباح
شفاف اللون
يمنحني روح الأمل
وأنا أمضي وراء العيش الكريم.
أتركي لي ليل ليلى
كي أسامر ضوء النجوم
وأكتب شذراتي وحدسي
فرحي وآهاتي الدفينة
اتركوا لي بعضا من شجيرات السرو
من شجر البلوط والزيزفون
أو حتى من شجر الزقوم
كي آوي إلى حضن أخضر
حين يقتلني الجفاف
اتركوا لي جدولا صغيرا
يجري رقيقا زلالا بين الصخور
بعيدا عن عيون جيوب السارقين
علي أرتشف بيديّ
ماء يجري
اتركوا لي سربا من عصافير الجنة
يشدو على نافذتي صبحا
كي يوقظني من حلم أزرق
بعيدا عن ضجيج الحديد.
اتركوا لي تلك الصخرة الخرساء
التي تجلس القرفصاء منذ ملايين السنين
قرب مسكني
اتركوها لي منصة
أحاور من عليها السماء
حين يستبد بي السؤال.
اتركوا لي قليلا قليلا من نسائم
الجنوب أو الشمال
من نسائم الشرق
أو الغرب
تعانقني وأعانقها
حينما أضجر من الجدران
اتركوا لي سريرا من العشب البري
أغفو عليه حين يهجرني النعاس
قلقا من المصير وعليه
اتركوا لي كهفا وحشيا آوي
إليه
حين يطردني شرطي من بيتٍ
أسكنه ولا أملك
اتركوا لي بعضا من الصمت
وسكون الوجود
كي أفكر مندهشا بآيات الطبيعة
اتركوا لي وجه امرأة
لم يخفه التبرج عن عيني
كي أعشق مثل ذئبان البراري
اتركوا لي حقلا على هذه الأرض
لم يرو بقطرات من دمانا
كي أزرعه فرِحا على وقع الأغنيات.
إتركوا لي دربا ترابيا يقودني
إلى غابة تعج ببراءة الحياة.
اتركوا لي بعضا من أمان
كي أفتح باب بيتي مطمئنا
فرحا بمن قرع الباب.
اتركوا لي بصيصا من أمل
يمدني بانتظار المصادفات.
اتركوا لي هذا القليل القليل
فأنا لم أغفر بعد للإله
خروجي من الجنة
فلا تطردوني من هذه الأرض

٭ أكاديمي فلسطيني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية