«كمين» للنسور على هيئة «تعديل» وذريعة ضعف «الطاقم الاقتصادي» تجدد الصراع بين مراكز القوى في الأردن

حجم الخط
0

عمان ـ «القدس العربي» الخلط النخبوي الذي تعيشه أوساط وصالونات عمان السياسية هذه الأيام بعنوان «التعديل الوزاري» له ما يبرره عمليا فانطباع مجلس النواب بعد تمريره بسهولة معتادة لمشروع الموازنة المالية للحكومة يقضي بأن البقاء ضمن «التركيبة» الحالية للطاقم الوزاري أمر في غاية الصعوبة.
وجهة نظر عضو البرلمان النشط محمد برايسه أن صعوبة الانتقال وقتيا لمستوى التغيير الوزاري وبقاء الحكومة الحالية يعني ان الفرصة ينبغي ان تكون متاحة على أقل تعديل وزاري فرئيس الحكومة الحالي عبدالله النسور بحاجة ملحة لضمان «ثقة النواب وتعاونهم» أكثر من حاجته لشعارات وبرامج الاشتباك الإيجابي وتلبية طلبات الكتل البرلمانية.
يعني ذلك ان ما أعلن عنه النسور عدة مرات مؤخرا من «استجابات» لمطالب كتل برلمانية وحرصه على بناء «شراكات» منتجة بين السلطتين قد لا يكفي إطلاقا لضمان تأييد مريح داخل مجلس النواب للحكومة خصوصا وأن مراكز قوى أخرى مهمة في الدولة تضغط فيما يبدو ليس فقط لإنتاج تعديل وزاري جديد ولكن أيضا وبالتوازي لاستغلال الظروف الحالية والتدخل في تركيبة وزارية مستجدة.
موقف النسور شخصيا من ورقة التعديل الوزاري غامض قليلا فهو يؤكد للوزراء والمقربين منه عدم وجود مستجدات على إيمانه بعدم الحاجة لتعديل وزاري وشيك.
لكن في أوساط أخرى خارج الحكومة يلمح النسور لإن التعديل الوزاري أوشك على الولادة خصوصا مع استحقاق دستوري يلزم الرئيس بتعديل وزاري حتى تولد ولأول مرة «وزارة جديدة للدفاع» نصت عليها التعديلات الدستورية في نسختها الطازجة والأخيرة.
البنية الهيكلية لوزارة دفاع مستجدة في الواقع البيروقراطي أنجزت تماما عبر لجان تعمل مع مؤسسات سيادية في القصر الملكي وفي مؤسسة الجيش ولحظة الاضطرار لتعديل وزاري تقترب وإن كان النسور يحب ويفضل الإعلان عن وزارة دفاع فقط وعدم الغرق في مطبات التعديل الوزاري الموسع الذي يفهم النسور بخبرته بأنه سيؤدي لإغضاب جهات متعددة حتى وإن أرضى أخرى.
من الواضح أن مراكز قوى داخل الدولة تسجل وتروج ملاحظات على الطاقم الإقتصادي تحديدا في حكومة النسور وهو طاقم لا يعمل على أساس وجود «رأس» حقيقي ويتأثر سلبا بصعوبة التفاهم ما بين وزير المالية المخضرم الدكتور أمية طوقان ووزيري التخطيط والتجارة إبراهيم سيف وحاتم الحلواني.
طوقان يكثر من اتخاذ قرارات «تزعج» الحلواني والوزير سيف لا يبدو متحمسا للعمل إجرائيا مع الوزير طوقان وسط انطباع بأنه – أي سيف – قد يكون المؤهل الأفضل لوزارة المالية من الوزير طوقان في أقرب تعديل وزاري وهو ما يعمل على تكريسه «طامحون» خارج الحكومة بحقيبة التخطيط خصوصا مع وجود خبير اقتصادي دولي في موقع مدير مكتب الملك هو وزير التخطيط الأسبق الدكتور جعفر حسان.
الوزير الحلواني من جهته يؤخذ عليه ما يسميه مقربون من طوقان «مجاملاته» المبالغ فيها لطبقة رجال الصناعة والمال والتجارة والأعمال وهو منهم بكل الأحوال والملك عبدالله الثاني شخصيا انتقد علنا الشهر الماضي في اجتماع مع القطاع الخاص «السلبية» التي تظهر عند الاستعانة برموز القطاع الخاص في إدارة القطاع العام.
مصادر مقربة من القصر الملكي وتحديدا من مدير مكتب الملك الأسبق الدكتور عماد فاخوري لها أيضا ملاحظات متكررة على «قصور» خطة الحكومة في تنفيذ أمر ملكي علني مباشر لرئيس الوزراء يقضي بوضع خطة اقتصادية لعشر سنوات وتجاوب الحكومة في السياق سبق ان انتقده علنا ايضا رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي.
يتكثف بالتالي الانطباع بأن نخبة «رجال القصر» لديهم ملاحظات مضادة لأداء فريق النسور الاقتصادي رغم ان الإنجاز الأبرز للحكومة هو سجلها المالي والاقتصادي باعتراف مؤسسات دولية معنية مما يعني أن مسألة «إخفاق أو فشل أو قصور أداء» الفريق الوزاري الاقتصادي انطلقت أصلا من شخصيات محسوبة على مطبخ مؤسسة القصر و «طامحة» إما بالتدخل في القرار الإقتصادي أكثر أو بالسيطرة على إيقاع المطبخ الاقتصادي داخل الحكومة مما يقلص بالنتيجة من نفوذ الرئيس شخصيا لو حصل مستقبلا.
من هنا حصريا تنطلق ضغوط بعض مراكز القوى التي ترغب في إجبار النسور على تعيين «رأس اقتصادي» في حكومته بمرتبة نائب رئيس وزراء مع وزارة التخطيط وهو موقع بدأت حتى بعض التقارير الإعلامية المحلية تروج إلى ان الشخص المؤهل له أكثر من غيره هوالدكتور الفاخوري الذي يتولى الآن وظيفتين في الصف الأول خارج الحكومة ويطمح بامتداد تجربته في النفوذ داخل الحكومة وعلى رئيسها.
بكل الأحوال يبدو أن النسور «يقاوم» حتى اللحظة هذا «الكمين» ومحاولات «إجباره» على تعديل وزاري مرسوم ببوصلة جهات خارج الحكومة، الأمر الذي يفسر تردده وخشيته من ورقة التعديل الوزاري وإن كان لا يرفض مبدأ «التعديل» بالأصل كما يرى مقربون منه.
المقايضة بالتعديل الوزاري برزت مع الضغط الجانبي على الحكومة خلال اليومين الماضيين بشائعة احتمالية تشكيل وزارة جديدة حتى يتحرك النسور أكثر باتجاه التعديل الوزاري أملا في البقاء لفترة أطول في الحكم وحتى يستسلم لمطب التعديل المبرمج له من الخارج والذي سيرحب به البرلمان بكل الأحوال.
إذا وقع النسور في الكمين وهو أمر مرجح سيعمل على استثمار اللحظة باتجاه التخلص من نوعين من الوزراء الأول بعض من فرضوا عليه في المرة الأولى في إطار مقايضة خلف الستارة ، والثاني الوزراء الضعاف الذين يسجل عليهم الرئيس نفسه ملاحظات أداء.
الخارطة في جيب النسور حتى اللحظة تشير لوزيرين هما الأقرب إليه بكل الأحوال أحدهما وزير البلديات وليد المصري وكثرة غياب وزير الخارجية ناصر جوده تجعله مرشحا للمقايضة نفسها بين مراكز القوى أما غياب وزير الداخلية الجنرال حسين المجالي خلال الأيام الخمسة الأخيرة عن كل واجهات الاجتماعات فيجلسه بالتوازي بجانب الوزير جوده في مرمى تجاذبات وصراعات مراكز القوى.

من بسام البدارين:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية