أراد نتنياهو أن تجري الانتخابات في 29 حزيران 2021، قبل خمسة أشهر من طرده من بلفور استناداً للتناوب، حيث سيكون مئات آلاف الإسرائيليين مطعمين، ومئات الآلاف الآخرين في قائمة الانتظار، وحيث المصالح التجارية تتعافى، وتنخفض نسبة البطالة بوتيرة واعدة. هذا موعد أحلامه. نظرياً، سيتحقق هذا الحلم إذا تم تأجيل المصادقة على ميزانية 2021 في الكنيست حتى اليوم الأخير الذي يسمح به القانون، 31 آذار.
وهو بحاجة من أجل ذلك إلى موافقة الشريك، فغانتس قد يكون غبياً بالمعنى الجيد، ولكنه ليس إلى هذه الدرجة. فإحساسه يدفعه نحو تحطيم الأدوات الآن وبسرعة، في الأسبوع المقبل أو بعد أسبوعين. ولكن عقله، وشخصيته أيضاً، يمنعانه من ذلك. من شاهد المقابلات التلفزيونية في هذا الأسبوع شعر قليلًا وكأنه في اختبار بسيخومتري شفهي. وقد قيلت جمل حادة وقاطعة، سمعت في نهايتها نغمة تحفظ أو اشتراط، والمستمع طلب منه أن يبلور الاستنتاج لنفسه. “نحن مضطرون إلى المصادقة على الميزانية في 23 كانون الأول”، قال رئيس “أزرق أبيض”، وأضاف: “قبل ذلك أو بعد ذلك بقليل”. إلى درجة ما، ينجح مرة أخرى في إبقاء شق في الباب، الذي أُغلق عشرات المرات.
يصغي مكتب رئيس الحكومة إلى هذه التلميحات. ويفحص نتنياهو أن يعطيه لنفسه، حتى بعد منتصف كانون الثاني. ستتم المصادقة على ميزانية 2021 في الحكومة، ربما بالقراءة الأولى في الكنيست. ستجري الانتخابات في منتصف نيسان. والسؤال هو: مقابل ماذا؟ تعيينات أخرى؟ تشريع؟
الأسباب المذكورة أعلاه تدل على أن نتنياهو سيشتري أي تمديد، بكل ثمن يمكنه أن يدفعه أو يريده. لغانتس مشكلة مع شركائه في الداخل، غابي أشكنازي وآفي نسكورن، وكذلك مع أعضاء متطرفين في القائمة التي تضغط عليه من أجل إغلاق هذه البسطة البائسة. بعد الانفجار بينه وبين وزير العدل في القضية التي أخذت اسم “المحاسب العام مقابل المدير العام” (مكتب رئيس الحكومة البديل) عادوا للتحدث. سيل من الشك يتدفق بينهما، لكن الثلاثة يكثرون من الالتقاء. الحوار حاد. طفح الكيل أمام أشكنازي ونسكورن، يغرقهما الاشمئزاز، ولا يسمعان تفاصيل من غانتس عما يجري في القناة الموازية، وليس لهما سوى التخمين فقط.
وحسب تقدير مصادر في القائمة، لن يوافق اشكنازي على التسوية التي يدور الحديث عنها. وقد شعر بالإهانة قليلاً عندما انقضى الموعد النهائي الذي صرح فيه بحل الرزمة – نهاية تشرين الأول– وذهب أدراج الرياح. أصدقاؤه في “أزرق أبيض” يسمعونه وهو يطرح بين حين وآخر ما في قلبه، ينظرون إليه من كل جهة ويستنتجون بأنه يصعب عليه التنافس مرة أخرى تحت رئاسة غانتس. من جهة أخرى، لا يوجد أي بديل واقعي آخر. الأخير يهتم بنفي الشائعات التي يتم نشرها بشكل مستمر حول انسحابه القريب من الحياة السياسية، بل ويؤكد أن التزامه ما زال قائماً بأن يكون لعشر سنوات على الأقل داخل هذه المزبلة. وكذلك، وما زال هو المرشح الأكثر واقعية لرئاسة الحكومة بدلاً من نتنياهو.
أحلى منصور عباس
قبل بضعة أشهر، لم يعرفوا الإسرائيليون، الأكثر متابعة، منصور عباس. فالأسماء البارزة في القائمة المشتركة هي أيمن عودة وأحمد الطيبي، رئيس القائمة المشتركة ورئيس القائمة في الكنيست. وهناك في الهامش، هبة يزبك، التي حلت مكان حنين زعبي الشيطاني، الذي أخلته. أما الآن فأصبح اسم عباس دارجاً على لسان الجميع. وبالاستعارة من عالم الهايتيك، فقد قام بابتكار شركة ناشئة: تنصل كامل من القيم الأساسية التي استخدمت حتى الآن مثل الصمغ الذي ربط الأحزاب الأربعة الرئيسية للمشتركة، هذا من خلال استفزاز صارخ ضد زملائه في المسألة الأكثر حسماً في السياسة العربية، وهي التعاون مع نتنياهو واليمين المتطرف. وبالاستعارة من عالم آخر، خرج عباس من الصندوق (تعبير إشكالي في حالته، مثلما سيتم التوضيح).
مقاربته براغماتية بشكل مدهش، فهي نقية من التطهر والفلسفة. اليمين في إسرائيل يحظى بأغلبية ثابتة،كما يقول. سيواصل اليمين الحكم لفترة طويلة. “حكومة يسار”! هذا هذيان كبير. الوسط العربي يحتاج بشكل كبير إلى الميزانيات والقوانين. مع من سنعقد الصفقات إذا لم يكن مع الشيطان؟ ما الذي سنقوله؟ رجل مباي؟
مثلما في أي شركة ناشئة.. الخطر كبير، له ولشركائه الذين سينفصل عنهم كما يبدو، حتى ولو بشكل ودي. عباس رئيس القائمة العربية الموحدة “راعم”، هو عضو جديد في الكنيست. سنة ونصف فقط (حيث معظم الفترة كان موجوداً في جولات انتخابية)، هو لا يشعر بأي مشاعر دونية بسبب الفترة القصيرة، ولا يشعر بالفخر. وسيادة عودة والطيبي عليه غير مقبولة بالنسبة له. أكثر من مرة أمر أعضاء الكنيست الثلاثة التابعين له بالتصويت خلافاً للقائمة. ضحك المصير، كل هذا التصويت، يخدم الائتلاف. وهناك سموه: “أحلى عباس”.
في تموز الماضي، أيد أعضاء “حداش” وعلى رأسهم عودة، القانون الذي يؤيد عمليات التحول للمثليين. “بلد” و”تاعل” تغيبا، “راعم” الإسلامية صوتت “ضد”، مع الأصوليين واليمين. هذا من حقه. ولكن بعد التصويت أصدر بياناً هجومياً ضد شركائه. فقد اتهمهم بما لا يقل عن الإجرام وعن المساعدة في “نشر الفاحشة”، من ينشرون الأمراض، باختصار.
بقلم: يوسي فيرتر
هآرتس 27/11/2020