صاندي تايمز: إسرائيل تعرضت لضغوط أمريكية للتصعيد ضد إيران وقتل العالم النووي

إبراهيم درويش
حجم الخط
2

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا لمراسليها في الشرق لويز كالاغان وأنشيل بيفر، قالا فيه إن عملية قتل عالم الذرة أو العقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني محسن فخري زادة في الساعة الثانية من يوم الجمعة خارج بلدة ابسارد التي تبعد 50 ميلا عن طهران، كان عملية اتهمت فيها إيران الموساد الإسرائيلي، وهو اتهام لم يشك به أحد. فطريقة القتل التي استهدفت موكبا من ثلاث سيارات في طريق عام حي خرج المنفذون فجأة وقتلوا هدفهم واختفوا هي طريقة الموساد التي اعتمدها منذ عقود في التخلص من أعدائه.

وكانت وفاة فخري زادة تحمل كل علامات تخطيط الموساد، عملية قتل خطط لها بدقة وتمت في وضح النهار وعلى التراب الإيراني واستهدفت رجلا قُتل بطريقة وحشية، وستترك أثرها خارج إيران أو حدود إسرائيل.

ولكن لماذا تخاطر إسرائيل بعملية اغتيال وصفها مدير مخابرات باراك أوباما، جون برينان بـ”جريمة متهورة” لن تقود إلا إلى زيادة درجة التوتر في المنطقة؟ ولو كانت إسرائيل هي المسؤولة عن الاغتيال، فسيكون فريق “كيدون”هو المنفذ بالتأكيد لها.

ويدار هذا الفريق من فرع عمليات “قيساريا”، وهو فرع في الموساد منفصل عن عملية جمع المعلومات. ومعظم أفراده الذي يطلق عليهم “لوخاميم” أو المحاربون تم اختيارهم من وحدات العمليات الخاصة ويتم تدريبهم خلف خطوط العدو. وأي عملية تقوم بها المجموعة يجب الموافقة عليها من رئيس الوزراء نفسه.

ويعود تاريخ الوحدة إلى عملية ميونيخ وقتل اللاعبين الإسرائيليين عام 1972، حيث أمرت رئيسة الوزراء في حينه غولدا مائير، مسؤول العمليات مايك هاراراي بتشكيل المجموعة “كيدون” التي تعني “الحربة” لتلاحق المنفذين الفلسطينيين للعملية.

وفي البداية كانت هناك سلسلة من الأخطاء والفشل، بما فيها عملية قتل نادل مغربي في مدينة ليليهامر بالنرويج عام 1973 على أنه أحد أعضاء منظمة أيلول الأسود. لكن الفريق لاحق كل المسؤولين عن العملية وقتلهم في قواعدهم إما في الشرق الأوسط أو أوروبا.

ومع زيادة حرفية الوحدة، زادت عمليات قتل القادة الفلسطينيين والشخصيات البارزة في سوريا وإيران بدون أن يترك المنفذون وراءهم أي أثر. وتم استخدام سلسلة من الأساليب في السنوات الأخيرة مثل القتل عبر سيارة سريعة أو دراجة نارية كما في حالة زعيم الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي في مالطة عام 1992. وكذا أربعة علماء ذرة إيرانيين قتلوا في الفترة ما بين 2010 – 2012. كما استخدمت كميات صغيرة من المتفجرات زرعت في هاتف الزعيم العسكري في حركة حماس، يحيى عياش عام 1996. أو عملية قنص عن بعد كما حدث في اغتيال مسؤول برنامج الذرة السوري عام 2008. ولكن الوحدة فشلت عندما حاولت استخدام مادة سامة ضد زعيم حركة حماس خالد مشعل في عمان عام 1997، حيث أُجبر رئيس الوزراء في حينه بنيامين نتنياهو على تقديم الدواء المضاد للسم والإفراج عن الزعيم الروحي لحركة حماس الشيخ أحمد ياسين. ولكن عمليات الوحدة استمرت بدون ترك أثر، مثل عملية الجمعة التي استهدفت مسؤولا مهما في البرنامج النووي الإيراني.

 وبحسب الحكومة الإيرانية، فقد كان فخري زادة أستاذا لعلم الفيزياء في جامعة الإمام حسين، ومسؤولا بارزا في وزارة الدفاع. ولكن الإسرائيليين والغربيين يقولون إن هذا مجرد غطاء لحجب النظر عن دوره الحقيقي، فهو لم يكن مجرد عالم ذرة، بل جنرالا في الحرس الثوري الإيراني وأشرف منذ عقدين على البرنامج النووي في البلاد.

ومع أن إسرائيل لم تعترف أبدا بترسانتها النووية، إلا أنها تتعامل مع المشروع النووي الإيراني كتهديد لها، ويصر المتطرفون فيها على تدميره.

وكان فخري زادة ومنذ مقتل خمسة من زملائه الباحثين أكثر العلماء حراسة في إيران. وكان مسؤولا عن برامج البحث والمكونات الحيوية للسلاح النووي وتوجيه أنظمة الصواريخ. ولهذا السبب ظلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تطالب ومنذ أربعة أعوام السلطات الإيرانية بمقابلته بدون أي رد. وخصه نتنياهو بالذكر كمسؤول عن البرنامج النووي عندما كشف عن الوثائق التي سرقتها إسرائيل من طهران في 2018.

وقال نتنياهو: “محسن فخري زادة.. تذكروا الاسم”. وظل العالم بعيدا عن الاغتيال حتى يوم الجمعة الماضي، عندما اعترضت سيارة محملة بالمتفجرات موكبه وانفجرت أمامه بشكل عطل الضوء الأمامي للسيارة وقطع الكهرباء عنها، مما منح المهاجمين الفرصة للهجوم وإطلاق النار عليه من زجاج السيارة والفرار.

وبحسب وكالة “فارس” الإيرانية، فقد مات حارسه عندما رمى نفسه عليه لحمايته لكن زاده توفي متأثرا بجراحه بالمستشفى.

وتواجه المؤسسة الأمنية الإيرانية أسئلة عن سبب تركها عالما بهذا المقام معرضا للخطر، وكيف عرف القتلة خط رحلته. فرغم حالة الخوف والشك من أي أجنبي في إيران، إلا أن القتلة كانوا قادرين على الاغتيال والضرب حسبما يريدون.

ويأتي اغتيال فخري زادة بعد سلسلة من الفشل الأمني هذا الصيف وعمليات تخريب في المشروع النووي وحرائق في أماكن حيوية في طهران وموانئ على الخليج. ويقول مسؤول أمني إسرائيلي، إن إيران توهمت أن إسرائيل كانت وراء تخريب البنى التحتية، وقالت إن الحرائق وعمليات التخريب جاءت بسبب أعطال فنية وقدِم البنى التحتية.

وقال مسؤولون إسرائيليون سابقون، إن إسرائيل تعرضت في الأسابيع الأخيرة لضغوط من أمريكا لزيادة تصعيد الحرب السرية ضد إيران. وتقول الصحيفة إن سقف المواجهة بات مرتفعا، خاصة أن دونالد ترامب سيظل في السلطة حتى 20 كانون الثاني/ يناير.

والموقف من داخل إسرائيل يرى أن هناك “احتمالا ضعيفا” لتوجيه أمريكا ضربة ضد إيران رغم التهديدات والتلويح بالحرب وإرسال المقاتلات إلى الخليج. ولكن العمليات السرية هي أمر آخر.

وترى الصحيفة أن وجود مدير الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين في لقاء نتنياهو غير المسبوق مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المعروف بتشدده تجاه إيران، إلى جانب صقر آخر وهو وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يجب عدم تجاهله. فنتنياهو ليس قلقا مع حلفائه في إدارة ترامب من خطط جوزيف بايدن بالعودة إلى الاتفاقية النووية مع إيران، لكنه يخوض معركة سياسية للبقاء، وقتل عدو أجنبي عادة ما يكون مفيدا للجمهور المحلي.

وفي الوقت الذي لم يعلن أي مسؤول إسرائيلي علانية أو تسريبا عن المسؤولية، إلا أن الصحافيين الإسرائيليين تلقوا إحاطات حول أثر مقتل فخري زادة على المشروع النووي الإيراني.

وهذا كلام مبالغ فيه، فرغم أهمية العالم النووي الإيراني، إلا أن البرنامج النووي لديه عدد كبير من الباحثين الذين يعرفون أنهم عرضة للخطر. وفي عام بدأ بغارة أمريكية قتلت قاسم سليماني، فعملية الجمعة تعتبر ضربة لإيران.

وبعد أربعة أشهر، قتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة عبد الله أحمد عبد الله في شوارع إيران. ولم تتوقف الغارات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية وأخرى تابعة لحلفائها في سوريا والعراق. وبعد كل عملية تعهدت إيران برد حاسم، حيث قامت الجماعات المؤيدة لها في العراق بإطلاق صواريخ ضد أهداف أمريكية، لكن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي رفض إصدار أمر قد يؤدي إلى حرف الميزان نحو مواجهة شاملة، تماما كترامب الذي أقنع بالتخلي عن خططه العسكرية لضرب إيران تجنبا لحرب شاملة بالمنطقة.

وبالنسبة للإيرانيين، فهم لا يريدون دائرة القتل والتهديد التي تهدد حياتهم اليومية بعد عام من الإغلاق وانتشار فيروس كورونا والعقوبات الأمريكية المستمرة. ويعيش الكثيرون منهم على حافة الفقر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول هاني الشرعة الاردن:

    المشروع النووي الايراني لن يكتب له النجاح وكذلك مشروع تصدير الثورة ، والاسباب كثيرة اولها أن الغرب لن يقبل دولة ثيوقراطية توئمن بخرافات ما قبل 1400 عام والسرداب والمهدي المنتظر أن تصبح دولة نووية وثانيها أن مشروع تصدير الثورة الملي بالدم والخراب فشل في العراق وسوريا ولبنان واليمن

  2. يقول علي:

    تحيه لايران

إشترك في قائمتنا البريدية