غزة: إجراءات كورونا تكبد القطاعات التجارية والصناعية مليار دولار خسائر

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

ألقت الإجراءات المتخذة للحد من تفشي جائحة كورونا بظلالها السلبية على كافة القطاعات الصناعية والتجارية العاملة في قطاع غزة، وسط مطالب بتقديم مساعدات عاجلة لأصحاب تلك القطاعات، ومساعدتهم في تخطي الأزمة الراهنة في ظل ارتفاع نسب الخسائر، والتي وصلت منذ بدء تفشي الوباء في آذار/مارس الماضي إلى مليار دولار. وقدر رئيس جمعية رجال الأعمال في قطاع غزة علي الحايك الخسائر المباشرة وغير المباشرة لمختلف أوجه النشاط الاقتصادي للقطاع، نتيجة كورونا بمليار دولار منذ بدء إجراءات الإغلاق الحاد في آب/ أغسطس الماضي.

وقال الحايك في تصريح صحافي تعقيباً على تراجع الواقع الاقتصادي، أن خسائر اقتصاد غزة تشمل مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية ومن بينها الصناعة والتجارة والسياحة والنقل والمواصلات والتعليم والصحة والتشغيل والعمل والزراعة والخدمات، ووصف الحايك عام 2020 بأنه كان الأكثر ضرراً على قطاع غزة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والصحي، نتيجة تفشي فيروس كورونا واستمرار الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني، وما أفضى إليه هذا الواقع من تعطل عجلة الإنتاج في مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية، وتسريح عدد كبير من العمال وتدني الدخل اليومي، وتأثر مشاريع الدخل الصغيرة والمتوسطة والكبيرة على حد سواء بشكل سلبي.

وأوضح أن مختلف أوجه النشاط الاقتصادي في غزة تأثرت بشكل سلبي ومباشر بالجائحة، بالإضافة إلى تضرر 160 ألف عامل من بينهم 90 المئة عاجزون عن توفير احتياجات أسرهم الأساسية، بحيث ارتفعت نسبة البطالة في أوساطهم لنحو 85 في المئة ووصلت نسبة الفقر لأكثر من 75 في المئة. واعتبر الحايك أن مرحلة التعايش مع فيروس كورونا لم تسمح سوى بعودة  20 في المئة من النشاطات الاقتصادية للعمل، فيما لا يزال 80 في المئة من السوق المحلية متأثراً بشكل واضح وخطير بأزمات البطالة والفقر وتدني السيولة النقدية في جيوب المواطنين، فضلاً عن تراجع حركة الصادرات بنسبة تتجاوز 60 في المئة مقارنة بالفترة التي سبقت جائحة كورونا، ما انعكس سلباً على الناتج المحلي وواقع التجار وأصحاب المنشآت، وأدى لتعرض مئات الناس للإفلاس ولإغلاق المصالح التجارية والصناعية والخدمية.

وأشار إلى أن كل المؤشرات تدل على أن الاقتصاد الفلسطيني سيخرج منهكاً بعد انتهاء أزمة كورونا، متوقعاً أن تزداد الأوضاع المعيشية والاقتصادية سوءاً في قطاع غزة في فصل الشتاء وما يحمله من احتمالات تفشي الفيروس بشكل مهول في أوساط السكان، وتلويح الحكومة إلى عودة الإغلاق الكامل من جديد بعد ارتفاع معدلات الإصابة .

ودعا لضرورة تفعيل دور الحكومة والمؤسسات الدولية والجهات المانحة، لتحمل مسؤولياتها تجاه غزة وسكانها وحل المشاكل القائمة وفي مقدمتها البطالة والفقر وتوفير الدعم اللازم للنهوض بالقطاع الخاص، وتعويضه عن خسائره التي تكبدها على مدار فترة الوباء وسنوات الحصار.

إلى جانب ذلك، يواجه عمال المياومة معضلة كبيرة نتيجة حالة الإغلاق المتكررة التي يشهدها قطاع غزة، وما يترتب عليه من منع العمال من الحصول على لقمة عيشهم نتيجة منع الجهات الأمنية حركة تنقل المواطنين، ولاسيما قطاع السائقين الذين هم من أكثر الفئات تضرراً في المجتمع.

ترخيص المركبات

مصعب قنديل أحد السائقين المتضررين من جائحة كورونا يبدأ عمله باكراً، حيث يجوب شوارع مدينة غزة باحثاً عن قوت يومه، لكن قلة الركاب من جراء جائحة كورونا جعلت عمله شاقاً، فهو يمضي معظم وقته باحثاً عن راكب يلتقطه هنا أو هناك، كي يتمكن من توفير قوت أسرته المكونة من سبعة أفراد.

وفي حديثه لـ”القدس العربي” أكد السائق مصعب أن عمله اليومي الذي يبدأ من السابعة صباحاً وحتى الثامنة مساء، بالكاد يكفي لتلبية بعض الاحتياجات الأساسية لأسرته، داعياً إلى الوقوف إلى جانب السائقين وإدراج أسمائهم ضمن كشوفات المساعدات المقدمة للشعب الفلسطيني، مع تفشي فيروس كورونا وإعفائهم من رسوم ترخيص المركبات، لعدم قدرتهم على العمل وتأمين قوت يومهم ورسوم الترخيص.

وأوضح أن “إجراءات الحكومة من خلال فرض الإغلاق الشامل في قطاع غزة لمنع تفشي الوباء تشكل أزمة متراكمة كبيرة علينا كسائقين، حيث أننا نعتاش بشكل يومي مما نجنيه من رزق خلال عملنا، ومن شأن هذا الإغلاق أن يهدد حياة آلاف العاملين سواء السائقين أو غيرهم من أصحاب الأعمال الحرة، الذين يعتمدون في حياتهم على ما يحصلون عليه من نقود يومية”.

من جهته أكد الناطق باسم نقابة السائقين إياد مغافل أن أزمة كورونا أثرت بشكل كبير على السائقين، وما رافق ذلك من إغلاقات متكررة لقطاع غزة وحظر التجوال في بعض المناطق، والذي يبدأ من الثامنة مساء حتى السابعة صباحاً.

 وقال مغافل في حديثه لـ”القدس العربي” إن السائقين يعملون بنظام الأجور اليومية وغالبيتهم غير قادرين على إعالة أسرهم في ظل هذه الجائحة، مؤكداً أن الإغلاق الجزئي أدى لتراجع دخلهم وباتوا غير قادرين على تلبية احتياجات أسرهم، وإن ما يحصل عليه السائق خلال عمله اليومي بالكاد يلبي الاحتياجات اليومية، ومع توقفه عن العمل يصبح غير قادر على إعالة أسرته.

وأشار إلى أن نقابته طالبت بشكل مستمر كل الجهات المسؤولة بالوقوف عند مسؤولياتها لتوفير إحتياجات السائقين، كتخفيض ثمن ترخيص المركبات وإدراج أسماء السائقين ضمن كشوف المساعدات المقدمة للشعب الفلسطيني، مضيفاً أن النقابة طالبت أيضاً الحكومة بصرف مساعدات للسائقين، وإدراجهم ضمن المستفيدين من المنح المالية التي تصرفها شهرياً للمحتاجين وأصحاب الدخل الميسور.

ويعيش في قطاع غزة المحاصر ما يزيد على مليوني فلسطيني، يعانون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية متردية للغاية من جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ صيف 2007 وزادت معاناتهم بفعل جائحة كورونا، كما يعاني نصف سكان القطاع من الفقر، في حين يتلقى 4 أشخاص من بين كل 5 مساعدات مالية بحسب إحصائية للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أصدرها نهاية كانون الثاني/يناير الماضي.

 

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية