من إسرائيل لبايدن: هل تجهل سبب اغتيال زادة وتعميق علاقاتنا مع الخليج و”دول الخزانة”؟

حجم الخط
0

إذا كانت إسرائيل بالفعل هي التي صفت “عميد القنبلة الذرية الإيرانية”، فإن أهمية العملية تلمس علاقاتها مع الولايات المتحدة بقدر لا يقل عن إحباط القدرة النووية. في مرحلة تصميم السياسة الأمريكية، والتي سيتقرر فيها إذا كانت نزعة أوباما ستعود وتستهدف التأثير على معادلة الاعتبارات العالمية والإقليمية للرئيس الجديد. وفي المعادلة أيضاً، يبدو أن بايدن مطالب بإدراج التصميم في القدس على إحباط –وبكل ثمن- تطلعات الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط التي تهدد بوضع إسرائيل، لأول مرة منذ حزيران 1948، أمام خطر وجودي.

التهديد على إسرائيل ليس نووياً. فالترسانة النووية ووسائل إطلاقها تأتي لمنح نظام آية الله الحصانة من رد ساحق على خطواته التقليدية، مباشرة وعبر فروعه. يدور الحديث عن استغلال ضعف الدول العربية وتفوق المجتمع الإيراني، مضافاً إلى ذلك وحشية النظام وذكائه، لفرض الهيمنة الإيرانية على المنطقة. إذا ما تجمعت مقدرات المنطقة الهائلة – الاقتصادية والاستراتيجية والدينية – في خدمة الدافع الثوري للراديكاليين الإسلاميين في طهران فستجد إسرائيل صعوبة في الدفاع عن نفسها وستقف أوروبا أمام خطر فوري وقاسٍ. يدور الحديث عن تهديد ذي معنى عالمي، يتحقق عملياً في مرحلة متقدمة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

إسرائيل مصممة على منع هذا السيناريو بالقوة، وينبغي أن يكون المرء هاذياً كي يفترض بأنه يمكن منعه دون ضغط مكثف – اقتصادي وعسكري. إذا تحقق اتفاق فهذا دليل على سوئه: موافقة إيرانية لأي موضوع هي دليل قاطع على هامشيته أو نجاحه في تضليل محاور. يجدر الحذر من المقارنة مع اتفاق هتلر – تشمبرلين في ميونخ في 1938؛ هذه المرة، كأمر استثنائي، تجدر الإشارة بمصداقية إلى وجه الشبه.

تعيش إسرائيل عملياً في السنوات الأخيرة حرباً وقائية بقوى متدنية ضد السيطرة الإيرانية، وتعمل بنجاح لا بأس به، بدعم من الولايات المتحدة، في صدها بالقوة في المفترق الحيوي لسوريا. تعرف معظم الدول العربية بأن إسرائيل يمكنها أن تمنع سيناريو الكابوس الإقليمي. هذا هو السبب الأساس لكشف العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج وتعميقها أيضاً في دول “لم تخرج من الخزانة”. كما أن التوقيت ليس صدفة؛ فالخوف من عودة سياسة أوباما الخطرة تقربها من القدس على افتراض أنه لا يمكن الاعتماد على واشنطن.

إن كفاح إسرائيل والدول العربية ضد تطلعات إيران الإقليمية كفاح وجودي. فليس لهم خيار للانخراط في سياسة إدارة بايدن التصالحية وشركائها الأوروبيين حيال إيران. والكل يذكر الحالة السابقة التي أخطأ فيها الرئيس الأمريكي بتوقعات هاذية بشأن الثمار الناضجة من نزعة المصالحة تجاه التطرف الشرق أوسطي الذي عرض كل جيرانه للخطر: في أعقاب سذاجة آيزنهاور حيال ناصر في 1956، سحلت جثث رؤساء النظام المؤيد لأمريكا في شوارع بغداد، ونجا الملك حسين بصعوبة بفضل مظليين بريطانيين، ونزلت قوات المارينز قرب بيروت لإنقاذ كميل شمعون، وعانت كل المنطقة من الحروب ومن المؤامرات على مدى عقد ونصف.

إن تصفية “أبو القنبلة” إلى جانب تقرب معظم الدول العربية لإسرائيل، يؤشران لبايدن إلى تصميم الائتلاف المؤيد لأمريكا في الشرق الأوسط على مكافحة إيران. قد يساهم الائتلاف في استقرار نسبي في المنطقة، شريطة أن تبتعد الولايات المتحدة عن الإرث أوباما الهاوي الفاشل بروح خطاباته الباعثة على الإلهام في القاهرة وأنقرة. لم يفهم أوباما القوى الإقليمية، وكاد يدهور مصر إلى مصيبة بتأييده للإخوان المسلمين وبذر مقدرات القوة العظمى في تركيز غريب وفاشل على الموضوع الفلسطيني.

تسعى الولايات المتحدة بإجماع واسع من الحزبين لفك الارتباط عن تدخلها المباشر في الشرق الأوسط والتركيز على آسيا. ولفك الارتباط المسؤول في ظل استقرار المنطقة، فإنها تحتاج إلى شراكة عميقة مع إسرائيل والائتلاف العربي المتشكل. مثل هذه الشراكة لا يمكن بناؤها على تجاهل أمريكي للاحتياجات الحيوية لأعضائها وعلى نزعة مصالحة عديمة المسؤولية حيال العدو الخطير للدولة اليهودية والأنظمة العربية. لقد تلقى بايدن تذكيراً بذلك.

بقلمدان شيفتن

 إسرائيل اليوم 8/12/2020

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية