بعد مرور أسبوعين على رحيل الأسطورة الارجنتينية دييغو مارادونا بطل مونديال 1986، لحقه أسطورة مونديالية أخرى، برحيل النجم الايطالي السابق باولو روسي هداف مونديال 1982 وبطله.
وفي حين ترك النجم الارجنتيني ذكرى لا تنسى عند أبناء بلده، وأيضا عند الطليان بانجازات ممزوجة بنكهات سياسية وثورية ونوعية غير مسبوقة، مع المنتخب أو مع المغمور نابولي، فان روسي أيضاً ترك نكهة انتصارات لذيذة غير متوقعة عند الطليان عقب مونديال 1982، ومعي أنا شخصياً.
في مونديال الأرجنتين 1978 كنت ما زلت في التاسعة من عمري، ولم تتفتح عيناي ولا آفاق تفكيري على متعة كرة القدم، لكن في المونديال التالي بعد أربع سنوات في اسبانيا، كانت كل المتعة التي انتظرتها وتوقعتها من مسابقة كروية، بل هذا المونديال كان السبب الرئيسي في عشقي اللامحدود لكرة القدم، لانه في نظري حوى كل شيء تخيلته في اللعبة، من مواهب فردية رهيبة ونتائج غير متوقعة ونجوم من أبرز الأسماء في عالم اللعبة، مثل مارادونا وكتيبة الاحلام البرازيلية والبولنديين بونييك ولاتو والانكليزي فرانسيس والفرنسي بلاتيني واسطورتي حراسة المرمى البلجيكي بفاف والايطالي زوف، ومنتخبات نشاهدها للمرة الأولى، والاهم مشاركة منتخب البلد الذي ولدت فيه الكويت للمرة الأولى، وأيضاً المنتخب الجزائري الذي كان مدججا بالنجوم. وللعلم، على القارئ الكريم ان يتخيل ان لا وجود للانترنت ولا لوسائل لنقل الأخبار بسرعة الا عبر الوكالات ومنها الى الصحف التي تصدر في اليوم التالي، وهي بكل الاحوال لم تشبع نهم عاشق كرة القدم، فكنا ننتظر كل مونديال وأعيننا تدرس كل مباراة وكل لاعب بسبب النقل المباشر.
كان عدد المنتخبات المشاركة في هذه النهائيات 24، مقسمين على 6 مجموعات، ويتأهل الأول والثاني الى الدور التالي، حيث يقسم المتأهلون الـ12 على 4 مجموعات تحوي كل منها 3 منتخبات، ويتأهل بطل كل منها الى نصف النهائي. ومن البداية كانت في كل مجموعة قصة وحكاية، فـ5 مباريات من الـ6 في مجموعة بولندا وايطاليا انتهت بالتعادل، بينها 3 تعادلات لاحدى مفاجآت البطولة المنتخب الافريقي الكاميروني، الذي حظي بتعاطف الجميع، خصوصا الحارس نكونو والمهاجم روجر ميلا، ولم نر أي شيء يذكر من باولو روسي، وفي الثانية كانت أكبر مفاجآت المونديال فوز المنتخب الجزائري على المرشح للقب ألمانيا الغربية 2/1 في المباراة الأولى، ولولا التلاعب والاتفاق بين الالمان والنمساويين على النتيجة بينهما، لتأهل “محاربو الصحراء” الى الدور التالي، في فضيحة مدوية، اضطر الفيفا عقبها الى تغيير نظام لعب الجولة الاخيرة بتوقيت واحد. وكان قلبنا في مجموعة الكويت التي حوت ثلاثة منتخبات أوروبية قوية، انكلترا وفرنسا وتشيكوسلوفاكيا، وكنا نتسمر أمام شاشات التلفزيون في كل المباريات، لكن عندما يلعب “الأزرق” لم يكن مخلوق يسير في الشارع، فحقق الكويتيون تعادلا رائعا امام التشيك، ثم جاءت لحظة الجدل أمام فرنسا، عندما أمر الشيخ فهد الأحمد رئيس البعثة الكويتية اللاعبين بالانسحاب، بعد التباس في سماع صافرة الحكم. لكن متعة الدور الأول كانت كلها في المجموعة السادسة حيث سجل المنتخب البرازيلي 10 أهداف في مبارياته الثلاث، عدا عن الاهداف العشرة التي سجلها المجريون في مرمى هندوراس في مجموعة الارجنتيني مارادونا، وأيضا قمة الاثارة في مجموعة أصحاب الأرض الاسبان الذين كادوا يفقدون التأهل في المباراة الأخيرة.
وفي الدور الثاني، كل الانظار توجهت الى المجموعة الثالثة التي حوت المرشح بقوة للقب وصاحب كتيبة المتألقين سقراطس وزيكو وفالكاو وغيرهم، والارجنتين وموهبته الصاعدة، والمنتخب الايطالي المكافح، ففاز الطليان على الارجنتينيين 2/1، فيما هزمت البرازيل جارتها الارجنتين 3/1 بسهولة، حيث طرد مارادونا لخشونته، وجاءت المباراة الفاصلة بين الطليان والبرازيليين الذين كان يكفيهم التعادل للتأهل. هذه المباراة كان جميع أبناء حارتنها والحارات المجاورة ينتظرونها على أحر من الجمر، وجاء الموعد ولم يذعها تلفزيون الكويت، والسبب ان حكم المباراة اسرائيلي، فحاولنا العبث بتحويل اللاقت اللاسلكي (ايريال) لعلنا نحظى بقنوات الجيران (العراق او السعودية) وتكون المباراة منقولة، لكن بلا نجاح.
الجميع في تلك الليلة ناموا حيارى ومنكسرين، رغم ان قلة شككت في عدم قدرة المواهب البرازيلية على التأهل، بل الأسى كان من عدم مشاهدة هذه المواهب وهي تنتصر. في اليوم التالي جاءت الطامة الكبرى… باولو روسي. ماذا فعل؟ سجل “هاتريك” لا ينسى، هذا الذي أخفق في التسجيل في كل المباريات الأربع السابقة، وهكذا ولدت أسطورته، وتعززت بتسجيله ثنائية في مرمى بولندا في نصف النهائي، والهدف الأول في النهائي الذي قاد الى التتويج باللقب.
في ليلة الأربعاء الماضي رحل روسي عن عالمنا، لكنه ترك هذه الذكريات، البعض يعتبرها أليمة وصادمة، وأنا أعتبرها من أجمل وأروع لحظاتي مع نهائيات كأس العالم، رغم انني لم أشاهد أعظم ليلة في تاريخ روسي… ليلة الثلاثية في مرمى فريق الاحلام.
لقد أمتع عشاق المستديرة في العالم في صيف 1982 بمناسبة كأس العالم بأسبانيا,وخاصة عندما سجل ثلاثية واقصى بها أروع فريق برازيلي ( زيكو واصدقاءه)
في الصورة باولو روسي المنتشي بالهدف و راءه كارل هانز فوستير و اللاعب الصلب بريغل
–
لن انسى ابدا مبارة نصف النهائي المثيرة بين فرنسا و المانيا رومينيغي كنت في الثالثة عشرة
–
من عمري يا زمان الوصل بمونديال الاندلس الاندلسمن ينسى مادجر سمولاريك لاتو نكونو
–
بلوخين داسييف برايتنير كوني ترديلي و الاخرين
لقد أحرز منتخب المجر عشره أهداف في مرمي منتخب السلفادور وليس منتخب هندوراس .